أصبح عدم الاستقرار وثبات أي شيء علي حاله قدراً مكتوباً علي جميع المصريين في أحوالهم العامة وأبسط شئونهم!، أما الأحوال العامة فلا يحتاج التدليل علي عدم استقرارها إلي أمثلة، حيث هي حقيقة ناطقة بكل شجوننا في ذلك!، ولكن ما ألاحظه أن أبسط الشئون وأيسرها قد أصبحت من المعضلات في الوفاء بها من جهات المفروض أنها حريصة علي حقوق المواطن المصري في وصولها إليه بطريقة معتادة ودقيقة!، لكن هذا لم يعد يعني أي مسئول عن ذلك!، فلا يستطيع المواطن بالطبع أن يحتفظ عنده في منزله بأحد الفنيين المهرة في تدارك شئون جهاز التليفزيون الذي أصبح جهازاً غريباً في أطواره!، فما إن تستقر مواعيد إرسال معلنة بخريطة برامجية واضحة حتي يداهمك الاعلان علي الشاشة بتغيير مفاجئ لكل ذلك مصحوباً بما طرأ من تغيير عن «الترددات والذبذبات والترميز» إلي غير ذلك من مصطلحات فنية مما لا يفهمها المواطن العادي!، ولكي يعدل المواطن جهاز تليفزيونه طبقاً للتغيير الجديد فإنه لا يجد مفراً من الاستعانة بأحد الفنيين!، وما إن يفعل المواطن ذلك ويأتيه الفني لضبط الجهاز ويقبض أجرته، إذا بالمواطن يجد نفسه مرة أخري ولم تكد تمضي الأيام علي مداهمته بتغيير جديد!، حافل بالمصطلحات «إياها» مما يجعل المواطن في حاجة إلي استعانة بالفني مرة أخري!، وقد يضيق بعض المواطنين بذلك ويعبرون عن سخطهم بإهمال مشاهدة التليفزيون!، أو إهمال ما يجب أن يتابعه ويفتح الجهاز فقط علي ما تجود به الشاشة عليه سواء كان يرغب في مشاهدة المعروض أمامه أولاً يرغب فيعود إلي إغلاق الجهاز مرة أخري!. وكنا علي أيام وجود الراديو فقط - وقبل تشريف التليفزيون بلادنا منذ أكثر من نصف قرن - نضبط ساعتنا علي مواعيد برامج الاذاعة ونشرات الاخبار، وكانت للنشرات الاخبارية لحنها المميز في كل إذاعة!، لينطلق صوت مذيع النشرة بعدها بما لديه من الأخبار لكننا هذه الايام نفاجأ بظاهرة تفشت إلي درجة لافتة، فكل القنوات الخاصة والفضائيات العربية والأجنبية بالغة الانضباط في بث نشراتها الإخبارية وتحرص كذلك علي انضباط مواعيد برامجها الإخبارية والحوارية إلا قناة النيل الإخبارية في تليفزيون جمهورية مصر العربية!، التي يتكرر حالياً الارتباك الواضح في تقديمها لنشرات الأخبار!، وفضلاً عن عدم الدقة في بث النشرات في مواعيدها فإن النشرات كثيراً ما يداهمها عطل فني يتزامن مع ظهور مذيعي النشرة وإلقاؤهم للأخبار يتحول لفترة إلي حركات للشفاة فقط دون صوت!، وبعد فترة من ذلك يتدارك إخواننا في التليفزيون الأمر فيتراجعون عن الاستمرار في إلغاء النشرة!، والتحول بالمشاهدين عنوة إلي متابعة فواصل مصورة مملة من لقطات زحمة مختلفة اللقطات!، تصاحبها جمل انشائية بليغة عن بلادنا والحياة فيها!، ويستمر هذا للفترة التي يستغرقها العطل الفني!، فتعود شاشة النيل إلي استئناف إذاعة النشرة الإخبارية كأن شيئاً لم يحدث!، فليس لدي القناة من يتكرم علي المشاهدين بتقديم اعتذار عن التأخير أو العطل الفني أو قطع الإرسال أحيانا!، وهذا يستحقه المشاهد - ولا شك - ما دام يصر علي متابعة نشرات الأخبار الرسمية طمعاً في التعرف علي وقائع هذه النشرات!، وما دام المشاهد يرغب في ذلك فإن موافاته بالنشرات في موعدها فإن حقه في اعتذار القناة له من الذوق واللياقة!، خاصة أن المشاهد يتحمل علي طريق انتظار النشرة هذه المقدمة المطولة التي تشمل علي رسوم بيانية وكرات مصورة وحركات بهلوانية لركاب مترو الأنفاق!، وقد كتبت قبل ذلك عن التطويل الذي تهدر به المقدمة للنشرة وقتاً ضائعاً يطول، وقد حدثني تليفونيا وقتها أن موظفي قناة النيل يهديني تحيات رئيس الشبكة الاخبارية لقناة النيل، لافتاً إلي أن هذه الملاحظات في الاعتبار!، ولكن الأيام والشهور مضت دون أي تغيير، وليبقي كل شيء لنا علي حاله!