من ضمن سياسة الفشل الذريع التى تقوم بها حكومة الدكتور هشام قنديل، آخر «الافتاكاسات» بقرار خطته نقل الوزارات إلى مدينة «الرحاب».. ومدينة الرحاب وطبعاً لست من سكانها لا تصلح أبداً بطبيعة مبانيها لأن تكون مقراً للحكومة، وهى مدينة مغلقة تحتمى بمنظومة أمن خاصة، كما يقول زميلنا فتوح الشاذلى، ومن المستحيل أن يتم نقل الوزارات إليها، لأن المبانى بها غير مخصصة لهذا الغرض وإنما محددة بالسكن والإقامة والراحة. قرار هشام قنديل يعد كما قلت آنفاً «افتكاسة» لا فائدة منها، والهدف من وراء القرار هو إبعاد المتظاهرين عن دائرة مجلس الوزراء ومقار الوزارات بوسط البلد، وهذا ما أغضب ساكنى الرحاب الذين أكدوا مخالفة رئيس الوزراء قرار تحويل المبانى المخصصة للاستخدام السكنى إلى إدارية.. والمعروف أن هذه المدينة ليست عشوائية ومنظمة لدرجة أكثر من رائعة، وقيام رئيس الوزراء بهذه الخطوة يفقدها جمالها ورونقها.. ليس معنى ذلك أننا ضد المظاهرات وحرية التعبير بالوسائل القانونية المشروعة، وليس معنى ذلك أيضاً أننا ضد تفريغ القاهرة من المبانى الحكومية ونقل الوزارات إلى مكان آخر. لو أراد فعلاً «قنديل» عودة الهدوء إلى القاهرة واستعادة رونقها وجمالها فعليه نقل مقار الوزارات إلى مكان آخر ليس مدينة الرحاب ولا أى مدينة أخرى على شاكلتها.. وأذكر فى هذا الصدد أن الرئيس الراحل أنور السادات عندما أنشأ مدينة السادات على طريق مصر الإسكندرية الصحراوى، كان تصميم مبانى المدينة محدداً للوزارات وانتهى إنشاء هذه المدينة بالفعل، ولما رحل السادات وجاء بالرئيس السابق حسنى مبارك، تركت مبانى مدينة السادات تنعق فيها الغربان لسنوات طويلة تعدت العشرين عاماً، لأن «مبارك» رفض أن تكون العاصمة الإدارية للبلاد على اسم السادات، فقد كان السادات يعتزم إنشاء عاصمة جديدة إدارية لمصر، مثلما فعلت بلدان كثيرة فى العالم للهروب من الزحام، لكن «مبارك» وكعادة الجبابرة والديكتاتوريين يرفضون تخليد من سبقوهم، وكيف تكون مدينة السادات عاصمة وتقترن باسم السادات ومبارك فى الحكم؟!.. ولولا الملامة لغير «مبارك» اسمها مثلما فعل فى أشياء كثيرة!! نحن مع نقل الوزارات وتفريغ القاعدة من هذا الزحام الشديد، لكن ليس على طريقة هشام قنديل، والحقيقة أن «قنديل» لا يضع أمام عينيه عودة القاهرة إلى رونقها وبهائها، وإنما يهدف إلى إبعاد «وجع الدماغ» عن رأسه، فهو يرى أن المظاهرات وجع دماغ وصداعاً ولابد أن يبحث له عن حل. فى حين أن الحقيقة المرة هى إخلاء القاهرة تماماً من هذا الزحام الشديد الذى ابتليت به البلاد.. نقل الوزارات إلى المدن الجديدة المحيطة بالقاهرة الكبرى لا يجدى، والحل ليس مدينة الرحاب كما يتخيل رئيس الوزراء، إنما هو إنشاء عاصمة إدارية جديدة للبلاد يتم نقل جميع المصالح الحكومية إليها. ولذلك أضم صوتى إلى الأصوات الرافضة فى الرحاب بنقل المصالح والوزارات إليها، وعلى رئيس الوزراء البحث عن خطط أخرى لمواجهة المظاهرات، ورغم أن المظاهرات والاعتصامات والاحتجاجات حق مكفول للناس جميعاً طبقاً للقانون والدستور.. وهذه خيبة «الإخوان» يفكرون فقط تحت أقدامهم ولا ينظرون إلى الأمور برؤى بعيدة.. وقرار «قنديل» بتحويل المبانى السكنية إلى إدارية، إضافة جديدة لإضافات الفشل الحكومى الذى نحياه.. من حق أهالى الرحاب أن يتمسكوا بحقهم فى منع تحويل الرحاب إلى منطقة عشوائية.