وسط تشتت أذهان وقلوب المصريين بحادث خطف جنود الجيش فى سيناء، مرر الرئيس محمد مرسى عددتً من القوانين فى غفلة من الجميع. وخلال متابعة الأخبار حول هوية الخاطفين ومصير المخطوفين فى سيناء، كانت الرئاسة توقع على تعديلات بقانون الضريبة على الدخل، وقانون الضرائب على مخصصات البنوك اللذين واجها اعتراضات شديدة خلال مناقشتهما بمجلس الشورى ليفاجأ الجميع بالتمرير بعد انتهاء أزمة الاختطاف بعودة الجنود. وقانون الضريبة على الدخل لم يراع أن من يصل للحد الأدنى للدخل يجب أن يكون معفى من الضريبة، بل تضمن القانون فى شريحته الأولى تلك الفئة من المطحونين ومحدودى الدخل، وفرض عليهم ضريبة 5٪ من دخلهم السنوى دون مراعاة لما سيترتب عليه من زيادة معاناتهم الحياتية، كما يتضمن فرض ضريبة تصل نسبتها 2.5%، وبدون أى تخفيض، على إجمالى الإيرادات الناتجة عن التصرف فى العقارات المبنية أو الأراضى للبناء عليها، عدا القرى. والمفاجأة أن المحكمة الدستورية قضت بعدم دستورية القانون ورغم ذلك صدق عليه الرئيس. أما قانون الضرائب على مخصصات البنك الذى تم تمريره يوم قبل الماضى دون الرجوع للبنك المركزى أو المتخصصين، وقد أبلغ هشام رامز محافظ البنك المركزى رئيس الجمهورية فى اجتماع جرى قبل أيام أن فرض ضريبة على مخصصات البنوك مخالفة للأعراف المصرفية العالمية، كما أنها يمكنها رفع تكلفة الاقتراض من القطاع المصرفى، وبالتالى زيادة تكلفة الأموال داخل المجتمع وهو شيء غير مقبول. وقدم اتحاد بنوك مصر، تقريرا تفصيليا يحمل توصية إلى البنك المركزى المصرى، صاحب السلطة التنفيذية والرقابية للجهاز المصرفى، يشمل رفضه لضريبة المخصصات على البنوك التى أقرها مجلس الشورى دون الرجوع إلى قيادات البنوك. وفى هذا الصدد لا يمكن تغافل أن المخصصات البنوك المصرية هى التى ساعدت فى تلافى مخاطر الديون المتعثرة التى عصفت بأكبر البنوك العالمية وآخرها بنوك قبرص واليونان. وأكد عدد من السياسيين أن الرئيس محمد مرسى وجماعة الإخوان المسلمين استغلوا انشغال المصريين بحادث اختطاف الجنود لتمرير قوانينهم التى تهضم حق محدودى الدخل بغية السيطرة على جميع مؤسسات الدولة لضمان البقاء أطول فترة ممكنة فى السلطة. وانتقد الساسة نصوص قانونى الضريبة على الدخل ومخصصات البنوك، الظالمة لمحدودى الدخل والمؤثرة سلباً على البنوك والاستثمارات، مؤكدين رعب الإخوان المسلمين من انخفاض شعبيتهم فى الشارع وهو ما يجعلهم يخشون إجراء الانتخابات البرلمانية بكل السبل. قال الدكتور فريد زهران نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن استغلال النظام الحاكم أزمة اختطاف الجنود لتمرير قوانين بعينها أمر محتمل، فى ظل غياب مجلس تشريعى حقيقى. وأضاف «زهران» أن الرئيس وجماعة الإخوان المسلمين يحاولان بكل الطرق إرجاء إجراء انتخابات مجلس النواب، من أجل تمرير أكبر كم من القوانين غير الدستورية، مشيراً إلى الاعتماد فى ذلك المخطط على مجلس الشورى الذى تم تعيين ثلثه من قبل «مرسى». وأوضح أن النظام الحالى يدرك مدى تراجع شعبيته فى ضوء نتائج انتخابات اتحاد الطلاب بالجامعات وعدد من النقابات المهنية كالصحفيين لذا يخشى مواجهة الصناديق الانتخابية فى هذا التوقيت ويحاول تأجيلها، مشيراً إلى تصريحات الدكتور جمال جبريل عضو الهيئة القانونية الاستشارية للرئيس التى أكد خلالها أن الانتخابات البرلمانية ستعقد العام المقبل وليس الجارى. وقال نائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، إن قانون الضريبة على الدخل صدر بالمخالفة لكثير من التوقعات، موضحاً أنه لم يأخذ وقتاً كافياً فى مجلس الشورى وكالعادة يستمر نهج سلق القوانين، وأضاف أن 42% من المصريين تحت الفقر وما زالت الحكومة تتخذ طريق الجباية فى جمع الأموال. وقال المهندس باسل عادل عضو الهيئة العليا لحزب الدستور، إن الإخوان المسلمين استغلوا أزمة جنود سيناء للتشويش على تمرير القوانين، مستنكراً التعسف الوارد فى نصوصهما فى حق المواطنين. وأكد «عادل» أن التعتيم الإعلامى على تمرير القوانين يرجح مسالة تعمد استغلال أزمة اختطاف الجنود لعدم الاعتراض من قبل الرأى العام. وأشار وحيد الأقصرى رئيس حزب المصرى العربى الاشتراكى، إلى أن الإخوان المسلمين يمررون القوانين وفق ما يتناسب مع تحقيق أهدافهم الخاصة فى السيطرة على مفاصل الدولة والبقاء أطول فترة ممكنة فى السلطة. وأضاف أنه منذ تولى «مرسى» الحكم وتم تمرير عدد كبير من القوانين سيئة السمعة والخارجة على إطار حقوق الإنسان وآخرها قانون التظاهر ثم الضريبة على الدخل والضرائب على مخصصات البنوك، لافتاً إلى أن قانون السلطة القضائية المقدم من حزب الوسط الجناح الأيمن للإخوان هو التتويج لمخطط الجماعة. وقال «الأقصرى» إن تمرير قانونى الضرائب ليس بأسوأ مما فعله «مرسى» عندما أصدر الإعلان الدستورى الذى حصن به الجمعية التأسيسة لصياغة الدستور ومجلس الشورى، وتساءل مستنكراً: «كيف يتم تمرير كل هذه القوانين الخطيرة بهذه السرعة دون انتظار مجلس النواب المنوط بالأساس لإصدارها؟». وأضاف أن مجلس الشورى عندما تم إسناد السلطة التشريعية كان المقصود منه القوانين العاجلة التى لا تحتمل التأجيل، وتابع: «هل قوانين الضرائب لا تحتمل التأجيل أشهر قليلة؟». ولفت رئيس حزب المصرى العربى الاشتراكى، إلى أن «الإخوان» معروفون باستغلالهم الأحداث وهو ما فعلوه مع أزمة استغلال الجنود.