للأمومة مشاعر وأحاسيس غريزية داخل قلوب الأمهات، فهى من أقوى الخصائص التى امتازت بها المرأة منذ وجودها، والوظيفة الأسمى التى منحها إياها الله، وعلى النقيض من ذلك تخلت بعض الأمهات عن هذه العواطف البشرية النابعة من الوجدان وتجردن من كل معانى الإنسانية والآدمية تلفعن بعباءة الشياطين وأقدمن على ارتكاب الجرائم وقتل أبنائهن لأسباب مختلفة ارتأينه مبرراً قوياً للتخلص من فلذة كبدها ودخولهن عالم الجريمة. فى منطقة القطامية بالقاهرة انساقت ربة منزل لشيطانها اللعين الذى وسوس لها لحيلة بشعة للتخلص من طفلها الرضيع بعد أن أنجبته نتيجة علاقة غير مشروعة، لم تأخذها به شفقة أو رحمة وهيمن على عقلها شيطانها ولم يشغل بالها شىء سوء التخلص من هذا الرضيع الذى لا ذنب له سوى أنه ولٍد لأم جاحدة، انتزعت من قلبها كل معانى الأمومة.. الأم المتوحشة ظلت تخطط وتدبر للتخلص من رضيعها غدراً وكأنه عدو لدود حتى لا يفتضح أمرها أمام الناس، وأقدمت على لف رضيعها فى قطعة قماش، وعجزت صرخات الرضيع وجسده النحيف عن الاستغاثة من ظلمها وبطشها وألقته داخل صندوق قمامة ليصمت إلى الأبد. انتهت المتهمة من جريمتها الشنعاء التى لا تمت لأى ملة أو دين، وعادت تمارس حياتها الطبيعية وكأن شيئاً لم يكن، ولسان حالها يقول «أخيراً تخلصت من هذا الكابوس الثقيل الذى كان يعكر صفو حياتى.. أعيش براحتى دون قيود»، ألقت القاتلة رضيعها وسط أكوام القمامة تنهش جسده المسكين الحشرات الزاحفة والحيوانات الضالة يواجه ويلات مصيره المفزع والمظلم ربما يكون أهون عليه من جبروت والدته التى دفع ثمن غلطتها وغرائزها الدنسة الدنيئة. العثور على جثة رضيع فى القمامة.. تلك الواقعة المشينة شهدتها منطقة القطامية، وهزت الرأى العام، وكانت بدايتها بورود إخطار للنجدة يفيد بالعثور على جثة طفل حديث الولادة فى أحد صناديق القمامة بدائرة قسم القطامية، وعلى الفور انتقلت قوة أمنية إلى مكان الواقعة، وتم تحرير محضر بالواقعة وإخطار جهات التحقيق وفتحت تحقيقات فى الواقعة، وأمرت بإعداد تقرير مفصل عن سبب الوفاة، وأمرت بالاستعلام عن وجود كاميرات مراقبة بالمنطقة محل الواقعة تمهيداً لتفريغها، كما كلفت المباحث الجنائية بسرعة إنهاء التحريات حول الواقعة للوقوف على ملابساته بعد أن جرى نقل جثمانه إلى مشرحة زينهم تحت تصرف النيابة العامة، وتتبع كل خيوط الواقعة وتفريغ كاميرات المراقبة المحيطة والقريبة من مكان الواقعة من خلال التحريات الأولية، تبين أن والدة الطفلة هى التى ألقتها فى صندوق القمامة، وعقب تقنين الإجراءات اللازمة، نجح رجال المباحث فى ضبطها. وضع رجال الأمن الكلابشات فى يد الأم المتهمة وذرفت عيناها الدموع الزائفة وحاولت إنكار الواقعة برمتها والتملص منها، وباستجوابها وتضييق الخناق عليها ومواجهتها بأدلة إدانتها أقرت بالحقيقة وقالت أنها أنجبت الرضيع إثر علاقة غير شرعية وخشية الفضيحة ودون تردد أو ندم قررت التخلص منه بعدما راودها شيطانها بقتله والتخلص منه لتستريح من العذاب الذى يطاردها، ويؤرق منامها وحياتها، ضمته لحضنها بقوة وألقته فى القمامة.. وتوصلت التحريات إلى أنه يوم الواقعة أحضرت قطعة قماش ولفت بها الرضيع وحملته إلى أن وصلت به إلى صندوق قمامة ودون أن يراها أحد ألقته داخله وفرت هاربة على يقين منها أن أمرها لن ينكشف، ولكن الله أراد أن يقتص لهذا المسكين من هذا الشيطانة، وتم إيداعها خلف القضبان لتنال جزاء ما اقترفته يدها وظلت تصرخ: ندمانة على قتل أبنى وفلذة كبدى ولكن لا ينفع الندم ولا يجدى البكاء بعد فوات الآوان.