كان مثيراً للاستغراب وللسخرية في آن واحد تصريح "بشار الأسد" بعد أن قصفت إسرائيل بعض المواقع المهمة في دمشق وضواحيها بأنه سيفتح الجولان للفلسطينيين لكي تهاجم إسرائيل!! وتساءل الناس: لماذا لا يقاوم جيشه وهو الذي أعده للمانعة والمقاومة طيلة عقود؟! ولماذا يتخلى عن مبادئه "المقاومية" ويزج بالفلسطينيين وحدهم في هذه المهمة بعد أن حافظ على الحدود الإسرائيلية هادئة منذ 1967م وحتى الآن؟! عودة إلى التاريخ الحديث الذي عاصره الكثيرون وتحديدا في عام 1967 عندما نشبت الحرب بين العرب وإسرائيل تكشف سر اقتناع الأسد الأب والأسد الابن عن محاربة الصهاينة رغم احتلالهم للقنيطرة ومرتفعات الجولان، فإذا كان الأمر كذلك فهل يمكن لبشار أن يفعل شيئا في هذه الأيام وهو يعيش آخر أيامه في الحكم وربما في الحياة؟!! التاريخ تحدث كثيراً عن خيانة الأب ووقوفه مع الصهاينة ضد العرب وأنه هو من باع الجولان وقبض ثمن خيانته!! فالسيد "سامي الجندي" وزير الإعلام السوري آنذاك وعضو القيادة القطرية لحزب البعث قال في كتابه "كسرة الخبز": إن حافظ الأسد وزير الدفاع آنذاك والذي كان يتحكم في سوريا كان يعد لهزيمة الجيش السوري وكذلك هزيمة الجيوش العربية التي شاركت في القتال في حرب 1967 وذلك بالاتفاق مع إسرائيل مقابل أن يساعدوه على حكم سوريا. أما وزير الصحة السوري آنذاك "عبدالرحمن الأكنع" فيقول: إنه كان في القنيطرة وأنه سمع عن سقوطها وهو فيها ولم يكن قد دخلها أي عسكري يهودي، يقول: ظننت أنه خطأ قد حدث فاتصلت بوزير الدفاع حافظ الأسد وأخبرته بالواقع فما كان منه إلا أن شتمني وهددني إن تكلمت بمثل هذا الكلام، فعدت إلى دمشق واستقلت من عملي وعرفت أنها خيانة. وقد قرأت وأنا في مقتبل عمري كتاب السيد سعد جمعة "رئيس وزراء الأردن آنذاك" المؤامرة ومعركة المصير "وقد تحدث فيه عن خيانة حافظ الأسد في معركة الجولان وأنه سلم الجولان لليهود دون أي مقاومة. ثلاثون عاما - تقريبا - بقي فيها حافظ الأسد رئيسا لسوريا لم يطلق فيها رصاصة واحدة على اليهود، وما كان ليفعل ذلك لإدراكه أنهم يعلمون بخيانته وأنهم - أيضا - ساعدوه على قبض الثمن الذي اتفق معهم عليه، وكان إذا تحدث عن أحقية سوريا في أراضيها هددوه بفضحه وبالوثائق التي لديهم فيصمت، وورث ابنه هذه التركة ومشى على خطى أبيه!! ثرثرة عن المقاومة وعن الحقوق المشروعة ولكن دون فعل أي شيء!! وبطبيعة الحال فالصهاينة كانوا مطمئنين من ناحيته ولم يصبهم القلق إلا مع بداية الثورة لأنهم شعروا أن حليفهم القوي على وشك الزوال وأن القادمين لن يكونوا مثله فبدأوا بالحديث عن بناء جدار عازل واتخاذ الاحتياطات اللازمة للحفاظ على دولتهم.. الصهاينة ضربوا سوريا مرارا، ومرارا صمت الأسد وكان يكتفي بقول: إنه سيرد في الوقت المناسب، ومضت سنوات ولم يأت هذا الوقت!! ولكنه في هذه المرة ومع أنه كرر القول نفسه إلا أنه زاد عليه بأنه سيفتح للجولان للفلسطينيين ليهاجموا إسرائيل!! ولكن لماذا لا يهاجمها هو وجيشه؟! فالمفترض أنه هو الأقوى وأن الفلسطينيين لا يملكون القوة الكافية لمحاربة الصهاينة؟! ولماذا تحدث الآن عن السماح للفلسطينيين بالمقاومة وكان قبلها ولسنوات أخرس لا ينطق؟! الأسد قصف المخيمات الفلسطينية مرارا وقتل منهم الكثيرون فكيف سيسمح لهم بالقتال في الجولان بعد كل ما فعل بهم؟! الواضح أنه يسعى لصفقة جديدة على غرار ما فعل والده لعله يبقى في الحكم ولو على بعض نقلا عن صحيفة الشرق القطرية