المخابرات العامة القوة الضاربة للحفاظ علي الأمن القومي.. ورصيدها أكبر من محاولات التطاول اتهم رئيس الدولة نقلا عن المهندس أبوالعلا ماضي المخابرات العامة بتكوينها تنظيماً يضم «300» ألف بلطجي منهم 80 ألفاً بالقاهرة وسلمته إلي المباحث الجنائية والتي سلمته أيضا إلي جهاز أمن الدولة والذي استمر معها لمدة 7 سنوات قبل حله واستمر عمل هذا التنظيم علي فترات متقطعة وتم رصده في أحداث الاتحادية. وتجنباً لخلط الأوراق واستمرار سياسة التشكيك، في أجهزة ومؤسسات الدولة والتي بدأت بالقضاء ثم امتدت للقوات المسلحة فإن المخابرات العامة تمثل منظومة المحافظة علي الأمن القومي وهي القوة الضاربة لتحقيقه وليس لها أي انتماءات سياسية أو دينية وتقف علي مسافة واحدة من كل القوي السياسية والحزبية وهي الركيزة الأساسية لحماية الدولة وتمثل خط الدفاع الأول عن أمن الوطن من خلال قواعدها خارجه مدعومة بقاعدة معلوماتها. ولقد أدت المخابرات العامة دورها الوطني علي مر الزمن في مجال المحافظة علي الأمن القومي وتحقيقه ولها إنجازات يصعب حصرها وتحتل مرتبة مهمة توازي أهمية القوات المسلحة وتقوم بتحقيق دورها الوطني من خلال مهمتين أساسيتين هما كالتالي: الحصول علي المعلومات وتحليلها لمعالجة كل القضايا التي تهدد الأمن القومي المصري بمفهومه الواسع الأمر الذي يتطلب إلقاء الضوء علي هذا المفهوم وخطورته في حالة عدم تحقيقه لإزاحة الغيبوبة الأمنية التي تسود حديثي العهد بالسياسة والممارسين لها والابتعاد عن المهاترات التي أطلقت للإساءة للمخابرات العامة ولذلك فإن الأمن القومي المصري بمفهومه الدولي «أنه حماية الدولة من خطر القهر علي يد أي قوة أجنبية مع ضرورة تنمية الدولة في جميع المجالات» كما أن مفهومه أيضا من خلال الخبرة العملية والعلمية بالمخابرات العامة، أنه محصلة المصالح القومية الحيوية للدولة والعامل الرئيسي والأساسي الذي يهئ الظروف والمناخ لنمو المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية للدولة علي المستوي الاستراتيجي لكنه لا يتداخل معها حتي لا يتأثر بأي اعتبارات أو توازنات تفقده القدرة والحيدة والتصور السليم لمسارات هذه المجالات ويراقبها ويعدل مساراتها». مقاومة التجسس لتأمين الدولة بكل مكوناتها السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية وحماية مصالحها الحيوية ضد أي تهديدات لاختراقها بالإضافة إلي مقاومة النشاط المضاد داخليا وخارجيا. ولتحقيق الأمن القومي بمفهومه الواسع فإن الأمر يتطلب توفير قاعدة واسعة ومتجددة من المعلومات انطلاقا من الثوابت التالية: إن من يمتلك المعلومة هو القادر علي تحقيق أهدافه والقدرة علي التنبؤ والتعامل مع الفعل دون انتظار رده. إن أي بداية تتطلب وضوح الهدف المطلوب تحقيقه في جميع المجالات وأن أساليب الوصول إليه متعددة وتحكمها الظروف والمتغيرات ولكنها لا تغير من الهدف ذاته. إن من يقدر قيمة المعلومة يسعي للبحث عنها وتحقيقها والتأكد منها وتخضع لعدة معايير أهمها القدرة علي تحديد أهميتها وكيفية الاستفادة منها لتحقيق الهدف المطلوب تحقيقه. إن أي بناء سياسي أو اقتصادي أو عسكري يحتاج إلي قاعدة معلومات تخدمه وتحقق أهدافه. إن تحليل المعلومات وتقديرات المواقف تحتاج إلي قدرات شخصية للعاملين في هذا المجال وأن التحليل السياسي كالعدالة لا يتأثر بأي اعتبارات أو توازنات بل يقتصر علي الموضوع نفسه وصولاً إلي النتائج الحيادية له. إن العمل السياسي هو فن الممكن والوجه الآخر للسياسة الداخلية ويتطلب ذلك تحديد القدرات والإمكانيات التي يستند إليها لتوظيفها بكفاءة لتحقيق الأهداف السياسية مع الوضع في الاعتبار أن الاقتصاد يقود قاطرة السياسة. إن محيط دائرة الأمن القومي يتضمن عدة دوائر تنطلق من مركز الدائرة الذي يشمل جميع الأهداف التي تشكل في مجموعها مقومات الأمن القومي داخليا وإقليميا وعالميا حسب أهميتها ومدي تأثيرها في استقرار الوطن وللأمن القومي آلياته وتنظيماته التي تحقق أهدافه مع الوضع في الاعتبار أن حماية نظام الحكم يعد هدفا من أهداف الأمن القومي داخل محيط هذه الدائرة وليس كل الدائرة. ولتأمين الدولة علي المستوي الاستراتيجي فإن جهاز الأمن القومي يعمل علي تغطية أهدافه من خلال مصادر المعلومات اللازمة لتحقيق هذا الهدف ومنها المصادر العلنية والعملاء وإعلانات الوفيات ومندوبي تغطية الجبهة الداخلية ومقاومة التجسس والنشاط المضاد. وبناءً علي ما سبق فإنه يتضح أن مهمة آليات المخابرات العامة لتحقيق الأمن القومي هي الحصول علي المعلومات باعتبارها الركيزة الأساسية لحمايته داخليا وخارجيا وتتجمع هذه المعلومات في مركز المعلومات والتقديرات وتتولي كوادر فنية مدربة ومهنية التعامل مع هذه المعلومات لربطها ببعضها البعض وتحليلها وصولا إلي إصدار التوصيات اللازمة التي تسهم في تحقيق الأهداف ومن هنا يتضح أن هذه الإجراءات عملية تصاعدية تبدأ من القاعدة المتخصصة لتحليل الأحداث وطرق معالجتها لرفعها إلي قمة الجهاز لاتخاذ الإجراءات التنفيذية للمحافظة علي الأمن القومي. إن المهمة الرئيسية للمخابرات العامة هي الحصول علي المعلومات لبناء قاعدة معلومات في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية للمحافظة علي الأمن القومي وتحقيقه داخليا وخارجيا ولذلك فإنه قد آن الأوان أن ترفع كل القوي السياسية أياً كان موقعها يدها عن الإساءة للمخابرات العامة أو الدخول معها في مهاترات لأن تاريخها ورصيدها وإنجازاتها أكبر من أي محاولات للتطاول عليها أو النيل منها بالإضافة إلي أنه من الصعب اختراقها من أي قوي سياسية أو دينية لأنها تطبيق بصفة مستمرة مبدأ المعرفة علي قدر الحاجة وأن العمل بها يستند إلي منظومة العمل الجماعي بالإضافة إلي أن أسلوب عملها تصاعدي من القاعدة للقمة انطلاقا من ضابط الموضوع أو الملف والذي يعتبر أساس عملية إصدار تقارير المعلومات أو تقديرات المواقف والذي يتفق مع طبيعة عملها. ولذلك فإنه للاستفادة من المخابرات العامة فإن الأمر يتطلب التواصل مع القاعدة العاملة به باعتبارها مُنشأة التحليل السياسي وتقديرات المواقف من خلال مناقشة إنتاجها معها خاصة أن إمكانياتها تفوق بقدر كبير الكم الهائل من المستشارين المعينين برئاسة الجمهورية والابتعاد عن محاولات هدمها بإطلاق التهم والتهجم عليها جزافا دون الوقوف علي إمكانياتها الإيجابية في مجال المعلومات ومقاومة التجسس للمحافظة علي الأمن القومي وتحقيقه، مع الوضع في الاعتبار أن تبعيتها المباشرة للرئيس كان إجراء سياسياً لضمان الاتصال المباشر بينهما دون أي وسيط والتي برزت كإحدي السلبيات خلال أحداث ثورة التصحيح سنة 1971 وبالتالي فإن جهاز المخابرات العامة يعمل مهنياً وفنياً لصالح الوطن والمجتمع والشعب دون أي انتماءات سياسية أو حزبية أو دينية ولا يسيس تحت أي ظروف حتي لا يفقد هويته وحرفيته ومهنيته وحياديته وإتزانه وقدرته علي تفعيل عناصر الأمن القومي السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية وتعديل مساراتها. وعلي ضوء كل ما سبق فإنه يتضح أن المخابرات العامة تعمل في كل المجالات لتحقيق مهامها بلغة العقل وليس البلطجة كما يدعون وأعتقد أنكم تتفقون معي أنه لو كان هذا الإدعاء صحيحاً ما حققت ثورة 25 يناير سنة 2011 ما وصلت إليه يوم 11/2/2011 بتنحي الرئيس السابق عن الحكم.