يبدو أن شركات التطوير العقارى ستكون معنية خلال الفترة المقبلة بمواجهة تحديات الاستدامة عبر تنفيذ مشاريع نظيفة ومستدامة أو بتحويل مشاريعها القائمة بمقررات الاستدامة من خلال الاعتماد على الطاقة الشمسية وتطبيق المعايير البيئية والاجتماعية والعمارة الخضراء. لكن يجب الإشارة إلى ان عددا من كبريات التطوير العقارى تنتنهج بالفعل استراتيجية عمرانية متوافقة كثيرا مع متطلبات الاستدامة وهو توجه يحتاج البناء عليه حتى تتمكن من تنفيذ مشاريع عقارية متوافقة مع التوجه العالمى فى هذا الخصوص. على جانب متصل فإنه يمكن القول بأن تحدى الاستدامة يفرض منطقه «ماليا» على عدد من شركات التطوير العقارى حيث تواجه هذه الشركات واقع ارتفاع كلفة مدخلات الصناعة إلى الحد الذى يفوق قدراتها المالية وبالتالى استدامتها فى ظل حالة من الركود على مستوى التسويق بما يعنى ارتفاع التكاليف وانخفاض الايرادات. وضمن هذا السياق فقد بدأ التريث واضحا بما يخص طرح المشاريع الجديدة ريثما تستقر عملية حساب تكلفة البناء التى تشهد ارتفاعات متتالية بسبب عدم استقرار قيمة الجنيه مقابل الدولار. وضمن هذا الاطار فقد بدأت شركات التطوير العقارى فى صياغة نموذج استثماري جديد يتماشى مع الوضع القائم بعد تزايد الصعوبات على مستوى بيئية التشغيل يأخذ فى حساباته الارتفاع المضطرد لكلفة البناء فى ظل حالة التضخم التى تسيطر على أسعار مدخلات البناء. وضمن هذا السيناريو الجديد فقد توقعت أوساط عقارية لجوء عدد من المطورين العقاريين إلى تقليص البيع بالتقسيط إلى أقصى قدر ممكن على أساس أن أسعار اليوم لن تتواكب مع تكلفة البناء بعد فترة قصيرة وهو الأمر الذى يعرض الشركات العقارية إلى احتمالية المرور باختناقات مالية قاسية. على صعيد آخر أفادت المعلومات بأن شركات عقارية ستتجه إلى تقليص سنوات التقسيط إلى عامين وربما ثلاثة مع رفع قيمة مقدم التعاقد على اعتبار أن التقسيط على مدار 8 أو 10 سنوات لم يعد سيناريو مفضلًا فى هذه الأزمة الحالية. وضمن هذا الإطار فإنه يمكن القول بأن بعض الشركات تدرس التوسع فى نظام المشاركة عن طريق الدخول فى شراكة مع أصحاب الأرض لبناء مشروع قائم لتجنب خفض التكلفة فى ظل ارتفاع أسعار الأراضى التى تمثل أكثر من 50٪ من كلفة المشروع العقارى. على صعيد آخر تتجه بعض الشركات نحو صياغة منتجات عقارية مرنة تناسب فئات بعينها شرط أن تكون هذه الفئات من أصحاب الملاءات المالية التى تمتلك معينًا متجددًا من العملة الصعبة وهو الأمر الذى يجعل هذه الشركات تكثف الجهد لاستقطاب المصريين العاملين فى دول الخليج بمنتجات عقارية مغرية فى ظل ارتفاع الجاذبية الاستثمارية للعقار المصرى فى ظل تراجع قيمة الجنيه أمام العملات الخليجية. على صعيد متصل فإنه يمكن الإشارة إلى أن ثمة اختناقات مالية بدأت تضغط على شركات كانت على مدار السنوات السابقة توسعت كثيرًا فى تقسيط بيع وحدات على آجال سنوية طويلة جدًا بشكل جعل الأقساط الدورية المحصلة لا تتناسب البتة مع تكلفة البناء. ولم تستبعد مصادر ذات صلة احتمالية تعرض بعض الشركات التى عادة ما توصف بالتهور إلى أزمات مالية خانقة قد تدفعها قصرًا لاحتمالية التعثر وبالتالى الخروج من السوق. وعليه فإن سوق العقار فى الوقت الراهن يمر بمرحلة غير مستقرة تستوجب على شركات التطوير عدا السيناريو الملائم لهذه الحالة بناء على ملاءتها المالية وقدرتها على امتصاص الصدمات وهو الأمر الذى يعنى ببساطة ان الشركات التى تعانى هشاشة مالية معرضة للسقوط فى الفترة المقبلة. ويتوقع أن تشهد أسعار العقارات ارتفاعًا فى ظل حالة التضخم التى تحكم أسعار تكلفة مدخلات البناء إلا أن هذا الارتفاع السعرى المتوقع يأتى فى حالة عزوف عن الشراء وهو الأمر الذى يمكن وصفه بالركود التضخمى. وعليه فإن سوق العقار مرشح للتعرض لحالة من الركود التضخمى حيث ترتفع الأسعار بسبب ارتفاع التكاليف مع غياب الشراء وهو الأمر الذى يفسر اتجاه شركات عقارية نحو تصدير العقار خصوصًا إلى دول الخليج للاستفادة من المصريين العاملين هناك فى المقام الأول على أساس أن أسعار العقارات تحمل جاذبية استثمارية عالية جدًا لأصحاب الملاءات المالية من العملات الصعبة. ولم تستبعد المصادر إقدام بعض الشركات على التواجد بشكل مكثف فى دول الخليج سواء عبر شراكات تسويقية أو تشغيلية أو من خلال إقامة مكاتب تمثيلية دائمة تتيح لها معرفة لصيقة بشريحة المصريين المستهدفين هناك.