قال الدكتور محمد السيد أبو هاشم إمام وخطيب مسجد السيدة زينب، إن أعظمِ ما يحصُّلُه العبدُ في دنياه وأخراه، هومحبةُ رسولِ الله، فهي جنةُ الدنيا ونعيمُ الآخرة، وهي النورُ والشفاءُ والسعادة. اقرأ أيضا: وكيل الأزهر يشيد بطالبتين من قنا حفظتا القرآن كاملًا وأضاف أبو هاشم في تصيحات له خلال امسية دينية حول تحت عنوان "محبة رسول الله" بمسجد السيدة زينب، أن رسول الله قال : " لا يؤمنُ أحدُكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولدِه ووالدِه والناسِ أجمعين ". ولفت أبو هاشم، أن محبةَ رسولِ الله تجبرُ ما نقصَ من الأعمال، وميدانٌ يتنافسُ فيه أهلُ الكمال، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:" جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّه، فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَتَى السَّاعَةُ ؟ قَالَ: وَمَا أَعْدَدْتَ لِها ؟ قَالَ: ما أعددتُ لها من كثيرِ صلاةٍ ولا صيامِ ولا صدقةٍ غير أني أحبُّ اللهَ ورسولَه، قَالَ: أنت مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ قَالَ أَنَسٌ فَمَا فَرِحْنَا بَعْدَ الْإِسْلَامِ فَرَحًا أَشَدَّ مِنْ قَوْلِ النَّبِيِّ عليه الصلاة والسلام أنت مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ، فَأَنَا أُحِبُّ َرَسُولَ الله، وأحب َأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ مَعَهُمْ، وَإِنْ لَمْ أَعْمَلْ بِأَعْمَالِهِمْ ". وأردف أن ثوبان مولى رسولِ الله كانَ شَديدَ الحُبِّ له قليلَ الصَّبْر عن فِراقِهِ ، أتَاهُ يَوماً وقد تَغَيَّر لًوْنُه ، ونحلُ جسمُه ، وعُرف الحُزْن في وَجْهِه، فقال له رسُول الله صلى الله عليه وسلم: ما غيَّر لَوْنَك ؟ فقال: مَا بِي من وَجَعٍ غيْرَ أنِّي إذا لمْ أرَكَ ، اسْتَوْحَشْتُ وحْشَةً شَديدةً حَتَّى ألقاك ، وتذكرتُ الآخِرَة فَخِفْتُ ألاَّ أرَاكَ هُنَاكَ ؛ لأنك تُرفعَ مع النبييِّن والصِّدِّيقين، وإني إن دخلْتُ الجَنَّة ، كنتُ في مَنْزَلةٍ أدْنَى من مَنْزِلَتِك، فما ردّ عليه رسولُ الله حتى نزل قولُ الله: " ومن يطع الله والرسول " أي فضل الله الذي لا يلحقه عمل. ، ولما سُئل عليُ بنُ أبي طالب رضي الله عنه كيف كان حبُّكم لرسول الله، قال: " كان والله أحبَّ إلينا من أموالِنا وأولادِنا وآبائِنا ومن الماء البارد على شدة الظمأ " ، جُبلت النفوسُ على حبِّ النبي الكامل المكمل، فالله يشهد والملائكُ تشهد أن الذي حاز الجمالَ محمد، وما من خيرٍ في الدنيا والآخرة إلا وهو عائدٌ علينا بواسطةِ رسولِ الله ، ولا نجاةَ لأحدٍ من عذاب الله ، ولا وصولَ إلى رحمةِ الله إلا بواسطة رسول الله ، يا صاحب الحوض كم للناس من أمل في ورده يوم تسقي منه كل ظمي لواءك الحمد يوم الدين ترفعه يمناك يا سعد من تلقاه بالدعم أنت الشفيع لنا في يوم شدتنا تقوم وحدك كل الرسل لم تقم يقول كل نبي من تهيبه نفسه فتسجد للرحمان من أمم تقول أنت لها يدعوك خالقنا اشفع تشفع هنا للخلق كلهم عباد الله: للمحبةِ علاماتٌ وأمارات تخرج من القلب فتظهر في أعمالِ المسلم وسلوكياته، ولما كثر المدعون للمحبة طولبوا بمقتضاها ودليلها، ومن مقتضياتها: 1 التعلقِ بحضرته، والتشوقِ لرؤيته: فالكونُ كلُّه أحبَّ رسولَ الله، وتعلقَ به وتعرفَ عليه، وحنّ له، واشتاق إليه، فانشق القمرُ لرسول الله، ورُدت الشمسُ لرسول الله، وحنّ الجذعُ لرسول الله، والجبلُ يحب رسولَ الله، فيجب على المسلم أن ينتظمَ في سلسلةِ المحبين لرسول الله، فيشحنُ قلبُه وعقلُه وفكرُه بحبِّ رسولِ الله، ويتمنى رؤيتَه بأهلِه وماله حتى يندرجَ في أهل الله الذين قال عنهم رسولُ الله : " مِنْ أَشَدِّ أُمَّتِي لِي حُبًّا نَاسٌ يكونون بعدى يودُ أَحَدُهُمْ لَوْ رَآنِي بِأَهْلِهِ وَمَالِهِ"، هاهي المرأة الأنصارية قُتِلَ أبُوها وأخُوها وَزَوْجُهَا يوم أحُدٍ مَعَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ مَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالُوا خَيْرًا هُوَ بِحَمْدِ اللَّه كَمَا تُحِبّينَ قَالَتْ أَرِنيهِ حَتَّى أنْظُرَ إليْهِ فَلَمّا رَأَتْهُ قَالَتْ: كُلُّ مُصِيبَةٍ بَعْدَكَ جَلَلٌ " تعلقت برسول الله حتى غابت به عن أحبِّ الناسِ إليها، أن تميل إلى رسول الله بِكُلِّيتِكَ ، ثم إيثارُك له على نفسك ورُوحك ، ثم موافقتُه سرّاً وجهراً ، ثم علمُك بتقصيرك في حبه. وَعَنْ عَبْدَةَ بِنْتِ خَالِد بن مَعْدَانَ قَالَتْ مَا كَانَ خَالِدٌ يَأْوِي إِلَى فِرَاشٍ إلَّا وَهُوَ يَذْكُرُ شَوْقَه إِلَى رَسُولِ اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَإِلَى أصْحَابِهِ مِنَ المُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ يُسَمِّيهِمْ وَيَقُولُ هُمْ أصْلِي وَفَصْلِي وَإِلَيْهِمْ يحنُّ قَلْبِي وطَالَ شَوْقِي، فَعَجّلْ يارَبّ قَبْضِي حتى ألقى رسول الله". 2 اتباعُ سنته : قال تعالى : " قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله ... " فاتباعُ الرسول صلى الله عليه وسلم رُكنٌ من أركانِ الطريقة ، وشرطٌ في إشراقِ أنوارِ الحقيقة ، فمن لا اتباعَ له لا طريق له ، ومن لا طريق له لا وصول له ، قال الشيخ زروق: (أصولُ الطريقةِ خمسةُ أشياء: تقوى الله في السر والعلانية، واتباعُ النبيّ صلى الله عليه وسلم في الأقوال والأفعال، والإعراضُ عن الخلق في الإقبالِ والإدبار، والرجوعُ إلى الله في السراء والضراء، والرضى عن اللهِ في القليل والكثير)، وقال الجنيد:" لا سبيلَ إلى الوصول إلا بمتابعةِ الرسول " وعن بشر الحافي، قال: رأيت النبيَّ في المنام، فقال: يا بشر، أتدري بم رفعك الله بين أقرانك؟ قلتُ: لا، يا رسولَ الله، قال: بخدمتِك للصالحين، ونصيحتِك لإخوانك، ومحبتِك لأصحابك، واتباعِك لسنتي، فمن أحيا سنتي فقد أحبني، ومن أحبني كان يوم القيامة في الجنة معي " 3 إكرامُ آلِ بيتِه وعشيرتِه: من لوازم محبة النبي حبُّ آلِ بيت النبي، والإحسانُ إليهم، والترضي عنهم، فلقد بُشر محبُّهم بالجنة وشرعت الصلاةُ عليهم مع النبي في كل صلاة، وقرنهم رسولُ الله في حديث الثقلين بكتابِ الله، ووصّى بهم وأكّد الوصاة بقوله: الله الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي "، وقد طبق أهلُ مصر هذه المحبةَ عمليا مع آلِ بيتِ رسولِ الله، فلما أُجبرت السيدةُ زينب على الخروجِ من الخروجِ من المدينة قال لها ابنُ عباس: " يا بنتَ بنتِ رسول الله، اذهبي إلى مصرَ فإن فيها قوماً يحبونكم لله ولقرابتِكم من رسولِ الله، وإن لم تجدي فيها أرضاً تسكنيها فستجدين قلوبَ أهلِها وطنا " فاختارت مصرَ لما علمت من حب أهلِها لآل البيت، لما رجعت من الشام ليثربَ من بعدِ فاجعةِ الإمام الحسين طلبوا إليك الظعنَ للبلدِ الذي تستوطنيه خارجَ الحرمين فاخترت مصرَ فرحبت بك وانثنت تهتز من شرف على الكونين، ولما وصلت مصر، ورأت حب أهلها لآل البيت، دعت لهم. وقالت: " يا أهلَ مصر، أكرمتمونا أكرمكم الله، وآويتمونا آواكم الله، ونصرتمونا نصركم الله، وجعل الله لكم من كل هم فرجا ومن كل ضيق مخرجا" 4 خدمةُ أمته، وحملُ همِّ دعوته، والتخلق بسماحته، والسعي لزيارته، وسؤال شفاعته. 5 الإكثارُ من الصلاة والسلام على حضرته: فإن الله أمر بها وحض عليها فبدأ بنفسه ثم ثنى بملائكة قدسه، ثم أمر المؤمنين من جنه وإنسه، فقال: " إن الله وملائكته ... " ، وإذا أراد الله بعبده خيراً وفقه للصلاة والسلام على رسول الله، فبها تُكفى الهموم وتغفر الذنوب وتكفر السيئات وترفع الدرجات، وهي دليل العناية ومنشور الولاية ، قال الإمام علي زين العابدين: " علامة أهل السنة كثرة الصلاة والسلام على رسول الله " . وأشار السخاوي في كتابه القول البديع في الصلاة والسلام على الحبيب الشفيع، والعلامة المتقي الهندي في كتابه هداية ربي عند فقد المربي أن أقل الإكثار ألف مرة، وقيل أقله سبعمائة، وقيل ثلاثمائة، صلوا على من بالشرائع قد أتى وأباد أحزاب الطغاة وشتتا وأبان أسباب النجاة ووقتا للأمة التحليل والتحريما صلوا عليه وسلموا تسليما من مثله ما إن يضر وينفع من مثله عنا جهنم يدفع من مثله لذوي الكبائر يشفع من مثله للمؤمنين رحيما صلوا عليه وسلموا تسليما، فاللهم صل وسلم عليه وعلى آله وأصحابه وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين وأفرغ علينا صبراً وتوفنا مسلمين. لمزيد من الأخبار..اضغط هنا