قال تعالي «إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلي أهلها وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، كما قال تعالي «لا يجرمنكم شنآن قوم علي ألا تعدلوا أعدلوا هو أقرب للتقوي»!!! فالعدل من أخطر وأقدس مسئوليات الدولة الأساسية، وتحقيق العدالة يستلزم حتما توفير الاستقلال، والحصانة والنزاهة والتوقير للقضاة، ورغم ذلك، فإنه منذ صدر حكم المحكمة الدستورية العليا بعدم دستورية وبطلان بعض نصوص قانون مباشرة الحقوق السياسية وبطلان مجلس الشعب السابق أعلنت جماعة الإخوان المسلمين وحزبها المتمثل في «حزب الحرية والعدالة» حربا شرسة ضد السلطة القضائية وضد القضاة المصريين!!!، وهي حملة منظمة وممنهجة وموجهة ضد كل أركان وفروع السلطة القضائية، حيث أصدر الرئيس د. مرسي، قرارا بدعوة مجلس الشعب للانعقاد بالتناقض مع حكم المحكمة الدستورية، وتصدت المحكمة لهذا القرار وأبطلته، باعتباره مجرد عقبة مادية باطلة، في مواجهة تنفيذ حكمها المذكور، وانتهي الأمر مؤقتا بتنفيذ هذا الحكم وحل مجلس الشعب الباطل. وقد تمت أيضا محاصرة المئات من الإخوان وأنصارهم لمحكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة، مع رفعهم الشعارات التهديدية والمهينة ضد القضاة الإداريين، بسبب صدور الحكم ببطلان الجمعية التأسيسية الأولي، كما تطور الأمر في مواجهة المحكمة الدستورية بعد إحالة دعاوي بطلان مجلس الشوري والجمعية التأسيسية الثانية من محكمة القضاء الإداري إلي المحكمة الدستورية، حيث تم حصار المحكمة بالآلاف من المنتمين إلي الجماعة، وجماعة أبوإسماعيل وأطلقوا الإهانات والتهديدات لهذه المحكمة، وقضائها وهتفوا ضدها بأنها غير محايدة، ومسيسة، ومنحازة إلي الفلول وليست مختصة بالحكم ببطلان، وحل مجلس الشعب. لأنه لا يجوز للعدد المحدود من أعضاء المحكمة، الذين عينهم الرئيس المخلوع، ان يلغوا إرادة ملايين الناخبين!!!، وهددوا بأنه بمجرد الإشارة من «د. مرسي» وجماعته سوف يجمعون قضاة المحكمة في جوال.. إلخ، واستمراراً للهجوم الشرس علي القضاء المصري، فإنه تم تنظيم مظاهرات ترفض الأحكام الجنائية التي صدرت، بشأن مبارك ووزير داخليته، والأحكام التي صدرت بتبرئة بعض مديري الأمن وضباط الداخلية من تهمة إصابة وقتل المتظاهرين في ثورة 25 يناير وذلك بالرصاص والخرطوش. وطالب المتظاهرون بتطهير القضاء من الفاسدين!! ولابد من معرفة الحقيقة من المبادئ الأساسية التي يلتزم فيها القضاء الجنائي، والواردة بالدستور أو بالمبادئ المقررة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية واتفاقية مونتريال لاستقلال القضاء!!! وتقضي هذه المبادئ بأن: المتهم برئ حتي تثبت إدانته. لابد من توفير محاكمة عادلة ومنصفة للمتهم. يجب ان يكون لكل متهم في جناية محام للدفاع عنه. لابد من أدلة قاطعة لإدانة المتهم. يفسر أي شك في الأدلة علي الاتهام لمصلحة المتهم. ويجب الحكم ببراءته. لا يجوز الأثر الرجعي في التشريعات العقابية!!! والجرائم المتهم بها من أحيلوا للمحاكمة تتقيد حتما بهذه المبادئ والقواعد والأحكام، التي صدرت بالبراءة قد صدرت لعدم كفاية الأدلة للإدانة، نتيجة لانها «جرائم شيوع» أساسا ارتكبت بين عشرات الآلاف!!! وقد طعن علي هذه الأحكام أمام محكمة النقض، سواء من النيابة أو من المتهمين، وقد ألغت هذه المحكمة تلك الأحكام، وأمرت بإعادة المحاكمات أمام دوائر جنائية أخري!!! ومن ذلك يبين علي أي أساس تم حشد جماعة الإخوان المسلمين المتظاهرين، وتحريضهم علي إهانة القضاة، والاعتداء علي السلطة القضائية، ولا يمكن إغفال ان هذا الاعتداء ليس وحده الذي تمارسه الجماعة وحلفاؤها من أجل تحقيق «التمكين الاستبدادي»، من مفاصل الدولة واحتكار السلطات العامة جميعها، يؤكد ذلك انه قد وجهت المظاهرات أيضا الإهانة للقوات المسلحة، وتم وصف قادتها علنا بالفساد ووصفت ضباطها وجنودها بالضعف والرخاوة، وهو ما ذهب د. مرسي في أكثر من مناسبة إلي نفيه، ووصف قيادات وضباط وجنود القوات المسلحة بأنهم «حماة مصر» وخير أجناد الأرض بينما لم يعلق «د. مرسي» علي المظاهرات والحصار لمبني المحكمة الدستورية ودار القضاء العالي، ومحاكم مجلس الدولة رغم تكرار رفع الهتافات المهينة والمهددة لقضاة مصر!!! ولابد ان نلتفت إلي ان الرئيس مرسي قد أصدر ما أسماه إعلانين دستوريين بعزل النائب العام السابق المستشار عبدالمجيد محمود مع تعيينه سفيرا لدي الفاتيكان، مع تعيين المستشار طلعت عبدالله نائبا عاما، وقد قضت دائرة شئون الأعضاء بمحكمة النقض، ببطلان القرارين لمخالفتهما قانون السلطة القضائية، الذي يحظر عزل رجال القضاء ومنهم النائب العام، وما تم بهذين القرارين الباطلين وتحصينهما لمجلس الشوري والجمعية التأسيسية الثانية، وقرارات «د. مرسي» السابقة واللاحقة يعتبر اعتداء علي السلطة القضائية وتجاهلاً للشرعية الدستورية والقانونية. رئيس مجلس الدولة الأسبق