أظن أننا بعد استحواذ جماعة الإخوان وتيار الإسلام السياسي على السلطة، أصبحنا على يقين تام بأننا كمصريين (مسلمين ومسيحيين ويهود وبهائيين) لا مفر أمامنا سوى التمسك بالدولة المدنية، وأن هذه الدولة لن ترى النور فى ظل الانقسام والفتنة والاستسلام لسيطرة المتشددين والتكفيريين والانتهازيين وتجار الدين، وأن سبيلنا الوحيد لتدشين دولتنا المدنية هو رفع راية الأخوة فى الوطن قبل الأخوة فى الديانة، وبدون تحول هذا الشعار إلى سلوك وعادات وتقاليد فلن تقوم لنا قائمة. وأعتقد أن المصريين الأقباط لن يرتدوا مرة أخرى إلى داخل الكنيسة، أو أنهم سوف يفوضون البابا في التحدث عن مطالبهم المدنية، كما أظن أنهم لن يلتفتوا لبيانات واحتجاجات أقباط المهجر لكي تسلط الضوء على مشاكلهم، بعد الثورة أصبحوا مثل إخوتهم المسلمين يملكون زمام المبادرة والمشاركة والمطالبة والرفض والاحتجاج. قبل ثورة 25 يناير كان المصريون الأقباط يتعاملون مع النظام الحاكم من خلال البابا شنودة، تماما مثل الذى حرر توكيلا لآخر لكى يمثله دينيا ومدنيا، فكان البابا شنودة بموجب هذا التوكيل الضمنى يتفاوض مع النظام الحاكم حول كل ما يخص الأقباط من مطالب ومظالم مدنية، وكلما تأزمت المواقف مع النظام أو واجه إخواننا بعض الصعوبات تجمعوا داخل الكاتدرائية وهتفوا ضد النظام، واعتقد معظم المصريين الأقباط آنذاك أن هذا الأسلوب (توكيل البابا والمظاهرات داخل الكنيسة) هو الأمثل للحصول على حقوقهم كمواطنين، وقد كتبت هنا عدة مقالات، وانتقدت هذا الأسلوب، وطالبت الإخوة الأقباط إن يلغوا هذا التوكيل، وأن يتركوا الكاتدرائية وينزلوا إلى الشوارع يتظاهرون ويعتصمون ويحتجون، ويطالبون بحقوقهم مثلهم مثل المواطن المسلم، فالبابا هو رمز الديانة و يجب ألا نثقل عليه أو نورطه في مشاكلنا السياسية والمدنية، فما لله نتركه لله وما لقيصر ندعه لقيصر (مرقس 22/1، ولوقا 20/25، ومتى 22/21 )، كما يجب أن نذهب إلى الكنيسة فقط للصلاة أو للنشاطات الدينية والاحتفالية، خاصة أن السنوات الماضية أثبتت عدم جدوى التوكيل، وأنه لم ينجح فى تلبية احتياجاتهم، وأكدت أيامها أن الشارع والأحزاب ووسائل الإعلام والنقابات والحركات السياسية هي الوسيلة الوحيدة لتحقيق مطالبنا المدنية، وثورة يناير أثبتت صحة هذا جيدا للمسلم والمسيحى، فلا يحك جسمك سوى أظافرك، ونحن كمواطنين مصريين لنا أظافر قادرة على أن تعيد لنا حقوقنا المسلوبة، سواء التى سلبها النظام السابق أو التى تسلبها جماعة الإخوان اليوم. فى مقالات أخرى طالبت بالعمل على تكريس مفهوم الإخوة في الوطن قبل الإخوة في الدين، لأن المواطنة هي طريقنا الوحيد للحياة الكريمة، ففيها يعيش المسلم والمسيحي والبهائي واللادينى كمواطن فقط له ما له وعليه ما على الجميع، لأن تقهقرنا داخل الكاتدرائية أو المسجد يعنى تمسكنا بالدولة الدينية وبالعنصرية وبالفكر المريض المتشدد والعنصرى والتكفيرى. فى ثورة 1919 نزل الشباب والنساء والشيوخ إلى الشوارع يهتفون: يحيا الهلال مع الصليب، وفى ثورة يناير طور الشباب شعار ثورة 1919 من عنصرين يعيشان معا إلى عنصر واحد، حيث هتفوا جميعا: «إيد واحدة»، لأنهم يعتقدون أننا جميعا يد واحدة ويجب ألا نكون أكثر من يد أو أكثر من عنصر وعرق، أننا جميعا مواطنون في وطن واحد، لهذا لا أظن أن إخوتنا في الوطن بعد الأحداث المؤسفة فى الخصوص وأمام الكاتدرائية سوف يعودون مرة أخرى إلى الكنيسة، والتوقيع على توكيل جديد للبابا تواضروس يفوضه في شئونهم الدينية والمدنية، نحن مثلكم نعانى من المتشددين فكريا ودينيا ونفسيا، والمفترض أن يضع بعضنا يده فى يد البعض الآخر لكى نبعدهم عن الحياة السياسية، ونعيد لمصر هويتها المدنية التى ترفع راية الأخوة فى الوطن قبل هوية الديانة، وإن سقط منا شهداء فى الخصوص أو أمام الكاتدرائية أو أمام الاتحادية أو فى ميدان الشون والتحرير وفى بورسعيد والشرقية والإسكندرية Alaaalaa321@hotmail