شهدت الفترة الماضية تفاقم للأزمة بين مؤسسة الرئاسة والصحفيين والإعلاميين، حيث تعامل الطرفان بما رآه مناسبًا للتعامل مع تلك الأزمة، فتناولت الصحافة والإعلام سياسة الرئيس مرسي بنقد رأته مؤسسة الرئاسة غير لائق، فكان رد الرئاسة بتقديمها بلاغات ضد عدد من الصحفيين والإعلاميين. وقوبلت هذه البلاغات بغضب شديد، ونقد أشد من قبل الصحفيين والإعلاميين، الذين رأوا أن هذا الفعل يقيد حرية الرأى والتعبير، وبقصف القلم، وأنه سيكون بداية للعهد القديم الذى ذاقوا منه مرارة القمع فى التعبير عن الرأى. فى المقابل، رأت مؤسسة الرئاسة أن انتقاد سياسة الرئيس لا يكون بتناول شخصه؛ بل في الأمور المتعلقة بسياسته لشئون البلاد، مع التأكيد على حرية الرأى والتعبير، واحترام جميع الآراء سواء كانت معارضة لسياسة الرئيس أو تؤيده. فقد أقامت الرئاسة عدة دعاوى قضائية ضد عدد من الإعلاميين، بينهم محمود سعد، وباسم يوسف، وعدد من الصحف الخاصة، ووفقًا للمتحدث السابق باسم الرئاسة ياسر علي في مؤتمر صحفي نوفمبر الماضي، تم رفع هذه الدعاوى؛ ردا على "نشر معلومات مغلوطة عن الرئيس"، حيث شدد حينها على أن "مؤسسة الرئاسة ستتصدى لكل من يخالف القانون ويتعدى بألفاظ سب وقذف يعاقب عليها القانون". ورأى بعض الخبراء خلال تصريحات صحفية لهم، أن ثمة تجاوز من قبل بعض الإعلاميين وصل حد القذف، وفي الوقت نفسه تتحمل مؤسسة الرئاسة المسؤولية عن تراجع هيبة الدولة؛ نتيجة عدم إدارتها الأزمة كما يجب. ورغم إقرار جمال عيد مدير الشبكة العربية لحقوق الإنسان ب"وجود تجاوز من بعض وسائل الإعلام"؛ إلا أنه رأى أن "المشكلة الأكبر تكمن في تعامل مؤسسة الرئاسة مع التجاوز مباشرة، دون معالجة الأسباب التي أدت إليه". وأوضح عيد أن الدولة تتحمل المسؤولية الأكبر؛ لعدم اتخاذها الخطوات اللازمة لإصلاح منظومة الإعلام، لا سيما وأنها تسيطر على الإعلام الحكومي، الذي لا يقل عن 40% من مساحة الإعلام المصري". أما الحل، فبحسب اعتقاده، يتمثل في " أن تسعى الدولة إلى تقديم نموذج الإعلام المهني، ما سيجبر الإعلام الخاص والديني على إصلاح المنظومة بالكامل.. وعلى الدولة أن تعي أن حرية التعبير حق تم انتزاعه بالدم خلال ثورة 25 يناير 2011". أما الكاتب الصحفي والمفكر فهمي هويدي، فعبّر عن رأيه أن"حجم الملاحقة القضائية من قبل مؤسسة الرئاسة ليس بتلك الصورة المفزعة التي يضخمها الإعلام". وتابع قائلا: إن ثمة بلاغات عديدة قدمتها الحكومة، ومنها رئيس الحكومة (هشام قنديل) وعدد من وزرائه، ضد صحف خاصة، قبل أكثر من شهر، ولم يتم التحقيق فيها". وأضاف مستنكرًا "عندما يتم التحقيق مع إعلامي، فإن الجميع يسخرون الأبواق لدعمه، بينما النقد تجاوز حد التجريح ووصل للقذف". في الوقت ذاته، حمل هويدي مؤسسة الرئاسة جانبًا من المسؤولية، معتبرًا أنها "شجعت على هذا التطاول جراء بعض الأخطاء التي ارتكبتها، بجانب تراجع هيبة السلطة". وأضاف أن من أسباب سوء العلاقة بين بعض الإعلاميين ومؤسسة الرئاسة "وجود خصومات سياسية تدفع للتجرؤ على الطرف الآخر"، فيما تستخدم المعارضة المدفعية الثقيلة، والمتمثلة في وسائل الإعلام؛ لتدمير الطرف الآخر". ويرى هويدى أن" الحل يكمن في فرض الحالة الديمقراطية، وبأن تقوم المؤسسات بدورها الحقيقي، بحيث تقوم نقابة الصحفيين بدورها النقابي، لا السياسي، ويقوم المجلس الأعلى للصحافة بدوره في مراقبة الصحف". وانتقد الكاتب الصحفى صلاح عيسى، قائلاً:" إن الرئيس مرسي استخدم مفردات لفظية وعبارات صادمة غير مسبوقة في تاريخ رؤساء مصر، مثل الحارة المزنوقة، والأصابع التي تلعب في مصر، والقرداتي لما القرد يموت يشتغل إيه". واعتبر عيسى أن الرئيس المصري "لم يفرق بين هيبة المقام الرئاسي وجلاله وبين محاولته التبسط مع من يتحدث معهم؛ ما أوصل هذا التبسط إلى درجة مذهلة من التردي اللفظي، بما لا يليق برئيس مصر ولا بمقام الرئاسة". وختم النجار بأن "تلك العبارات أفقدت الرئيس تأثيره، وأدت إلى تقليص هيبته؛ ما شجع البعض على النقد والتجريح".