شهدت الدول الأوروبية، على غرار فرنسا وإسبانيا وإيطاليا، بالإضافة إلى بريطانيا، موجة جفاف الأسوأ منذ أكثر من 70 عامًا، وموجات حارة شديدة غير مسبوقة، نسبها العلماء إلى التغيرات المناخية التى تؤثر سلبًا على القارة العجوز، حيث يرى علماء فى تكاثر ظواهر موجات الحر وتقلبات الطقس نتيجة مباشرة للاحترار المناخى، مع ازدياد انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، حيث أعلنت خدمة الأرصاد الجوية فى فرنسا، أن يوليو 2022 هو ثانى أكثر الأشهر جفافاً على الإطلاق، فى البلاد، التى تستعد لموجة حر جديدة بعد أيام قليلة على موجة حر استثنائية. وتعرضت فرنسا وإسبانيا واليونان والبرتغال إلى حرائق كبيرة قضت على آلاف الهكتارات من الغابات، إضافة إلى وفاة الآلاف أيضًا بسبب موجة الحر الشديدة، وكانت آخرها فى البرتغال التى منذ بداية عام 2022، تم تحويل أكثر من 58000 هكتار إلى رماد. وقالت هيئة الأرصاد الجوية فى فرنسا إن شهر يوليو يُعد «ثانى أكثر الأشهر جفافاً من بين كل الأشهر مجتمعة» فى فرنسا منذ بدء القياس فى عامى 1958-1959، حيث بلغ إجمالى هطول الأمطار 9.7 ملم، ويمثل ذلك نقصاً فى هطول الأمطار بنسبة 84% مقارنة بالمعدل الطبيعى للفترة بين 1991-2020، حتى الآن، كان مارس عام 1961 يعد الشهر الأكثر جفافاً الذى تم تسجيله على الإطلاق فى فرنسا، مع 7.8 ملم. على غرار العديد من الدول الأوروبية، تعرضت بريطانيا لضغط جوى حاد، الشهر الماضى، مع ارتفاع درجات الحرارة إلى ما فوق 40 درجة مئوية للمرة الأولى، حيث كان يوليو أكثر الأشهر جفافاً على الإطلاق فى جنوب البلاد، بعد عدة أشهر من تدنى هطول الأمطار، وفق الأرقام الصادرة عن خدمات الطقس، ما دفع إلى فرض أول قيود محلية على استهلاك المياه، وحذر مكتب الأرصاد الجوية من أن الأشهر الماضية كانت الأكثر جفافاً منذ 1976. وبات مستوى الأنهار الإنجليزية منخفضاً للغاية، وسيطر الجفاف على حدائق لندن المعروفة عادةً بلونها الأخضر، وامتنعت وكالة البيئة فى بريطانيا حتى الآن عن إعلان حالة الجفاف لكنها حذرت من أنها قد تضطر إلى ذلك، مما يعنى فرض قيود على استهلاك المياه. وطلبت من البريطانيين تقليل استهلاكهم، لكن شركة «ساذرن ووتر» لتوزيع المياه أصدرت مرسوماً يحظر، رى الحدائق أو غسل السيارات أو ملء أحواض السباحة الخاصة فى هامبشاير وجزيرة وايت، وهى منطقة شاسعة فى جنوب غرب لندن تمتد إلى سواحل المانش. وفى إسبانيا وبعد هدنة قصيرة فى نهاية يوليو، عاودت درجات الحرارة ارتفاعها إلى ما فوق 40 درجة مئوية منذ أمس الأول، بينما تخشى البلاد موجة حر ستكون الثالثة فى غضون شهرين فقط، وأوضحت المتحدثة باسم وكالة الأرصاد الجوية الإسبانية روبين ديل كامبو، أن من الممكن أن نتجاوز، اعتباراً من الأحد 31 يوليو إلى الخميس 4 أغسطس، الشدة والمدة والمدى اللازم لتصنيف هذه الحلقة من ارتفاع درجات الحرارة على أنها موجة حر. وحذر خبراء أوروبيون من ارتفاع درجات الحرارة فى أوروبا وتأثيره السلبى على البحر الأبيض المتوسط، وتدمر النظم البيئية وتقضى على العديد من أنواع الكائنات البحرية فى الأسابيع المقبلة، وقالت صحيفة «الليتوروال» الإسبانية، إن الحرارة الشديدة فى الأسابيع الأخيرة تسببت بالفعل فى حرائق الغابات وأدت إلى آلاف الوفيات المرتبطة بالحرارة فى جميع أنحاء أوروبا، لكن هذه الحرارة لم تقتصر على سطح الأرض، ولكنها امتدت أيضا إلى البحر المتوسط ومن الممكن أن تؤدى إلى هلاك للكائنات البحرية. وفى سياق متصل لفت عالم الأرصاد ماريو بيكازو انتباه الجمهور هذه الأيام بقوله على شبكات التواصل الاجتماعى إنه بعد ارتفاع درجات حرارة البحر وما يترتب على ذلك من تركيز للبخار فى الغلاف الجوى، ستصل الأمطار الغزيرة والفيضانات الرهيبة إلى نهاية الصيف. هذا يسبب الكثير من الضرر بشكل متكرر فى جميع أنحاء مدينة ليفانتى الإسبانية. وتثير أوروبا حالة من القلق بسبب تزايد ذوبان الجليد فى منطقة جبال الألب، وذلك بسبب موجات الحر الشديدة التى تشهدها القارة العجوز منذ بداية الصيف فى يونيو الماضى، حيث أدى ذلك إلى إغلاق أشهر الطرق التى يفضلها السياح فى جبال الألب لأنها أصبحت منطقة ذات خطورة عالية. وكانت قناة "ايكو بنما" قالت إن أوروبا معرضة لكوارث حقيقية بعد ذوبان الجليد فى هذه المنطقة، حيث من الممكن أن يؤدى ذلك إلى سقوط صخور جليدية، ولذلك فقد أصبحت بعض الطرق الجبلية المشهورة فى جبال الألب فى وسط أوروبا مغلقة هذا الصيف بسبب موجات الحرارة وذوبان الأنهار الجليدية حيث إنها أصبحت خطيرة للغاية.