استضاف صالون الوفد الثقافي عازف البيانو الشهير رمزي يسى، تحدث من خلاله عن أهم محطات مراحل مسيرته الموسيقية الحافلة بالنجاحات العالمية على مدار أكثر من 45 عامًا من العطاء والتميز. اقرأ أيضًا..رمزي يسى: آلة البيانو الأعلى جماهيرية في العالم وتمتلك تفاصيل موسيقية خاصة وإلى نص الحوار.. كيف كانت بدايات مشوارك الموسيقي؟ سافرت إلى العاصمة الفرنسية باريس في صيف 1976 بعد إنهاء منحتي الدراسية في روسيا – الإتحاد السوفيتي- آنذاك، وكنت أنوي قضاء شهري الصيف فقط بغرض العمل، و أضاف مازحًا هروبًا من حرارة الصيف في مصر، وتفاجأت بحرارة شديدة في ذلك الوقت اجتاحت مدن أوروبا جميعًا للمرة الأولى، وبعد انقضاء فترة الصيف جاءني عروض تسجيلية لصالح عدد من الإذاعات هناك من جعلتني استقر دون تخطيط مسبق لهذا الأمر. مالدوافع التي جعلتك تستقر في الخارج؟ وجدت مجال الموسيقى ساحاته واسعة والمنافسة داخله دون حدود، ماجعلني أشعر أني لديّ المزيد لتقديمه، إضافةً إلى إشباع رغبتي في التعرف على أوجه الموسيقى المختلفة في بلدان العالم، وبالفعل استقر الوضع بي في فرنسا، وأردت رفع إسم مصر بالنجاح هناك في مجال الموسيقى، خاصةً أن إثباته بالخارج أمر صعب للغاية. حدثنا عن أوجه الاستفادة من استكمال دراستك في روسيا؟ التجربة الموسيقية في روسيا لها متعة خاصة، فهي تتمتع بتاريخ موسيقي ضخم وذات جذور متأصلة حتى ماقبل النظام الشيوعي، وأبرز العلامات الموسيقية في التاريخ من أصل روسي. مالجوانب التي تميز عازف موسيقي ما عن غيره، وماأبرز الصفات التي يجب أن يمتلكها؟ يجب أن يمتلك صفة تستثنيه عن غيره خاصةً أنه في صراع تنافسي دائم دون توقف، على سبيل المثال قارىء الأخبار يكون أفضل من غيره بأسلوبه الخاص بطبقات صوته حسب الخبر الذي يقدمه وطريقة نطقه والتسلسل الذي يقدم به الأخبار وسرعة البديهة وتدارك المواقف الطارئة، كما هو الحال في المطرب يجب أن يمتلك أذن موسيقية وتوصيل العاطفة والإحساس إلى الجمهور فهمي من أصعب العوامل التي تميز فنان عن غيره. هناك عدد كبير من الرموز السياسية لكبار دول العالم تهوى عزف آلة البيانو دون غيرها، مالسبب؟ آلة البيانو لها رونقًا خاصًا وقطاع ضخم من الجمهورالمتابع لحفلاتها ومقاطعها، علاوةً على ذلك أنها غنية بالإمكانيات الموسيقية العالية التي تفتح ساحات ضخمة لهواة الموسيقى في تأليف مقاطع ثقيلة الوزن وتضُج بالتفاصيل . من وجهة نظرك ماهو سبب قلة انتشار آلة البيانو في مصرعكس ماكان الوضع عليه في فترة الخمسينيات والستينيات؟ في تلك الفترة كان تواجد آلة البيانو جزء هام في المنزل لاتقل أهمية عن باقي أجهزته، لكن في الفترة الحالية اختلفت الأولوليات خاصةً مع التكلفة الباهظة للبيانو ويجب أن يكون له مواصفات خاصة وإمكانيات مرتفعة لخروج النغمة بجودة عالية، بجانب اقتحام الآلات الإليكترونية الأسواق الموسيقية، بأسعار أقل بكثير بنفس الإمكانيات إن لم تكن أكثر، تسبب في قلة الإقبال على الإصدارات الأصلية للبيانو. ليس كل عازف بيانو ماهر يستطيع التلحين أو التأليف الموسيقي الجيد، هل يجب على الملحن أوالعازف الاكتفاء بمجاله فقط؟ في الموسيقى ليس هناك مجال يمنع الآخر، فالأمر متوقف على الموهبة وإتجاه صاحبها فهناك فنان يتجه إلى التمثيل وآخر يتجه إلى الإخراج وهكذا، فالموهبة من الممكن أن تأخذ الفنان لأكثر من مجال يكتشف فيه جوانب أخرى. هل هناك عوامل أثرت على إتجاهك الموسيقي في مرحلتك الفنية بين فرنساوروسيا؟ لم أواجه عوامل أدت إلى تغيير جذري في مساري الموسيقي، فقمت من البداية بعزف مقطوعات موسيقية لعدد من المؤلفين، ولم أنوي التأليف الموسيقي لعدم رغبتي في ذلك. في هذا السياق، قمت بتأليف مقطع موسيقي مع موسيقار الأجيال محمد عبد الوهاب، حدثنا عنها؟ تجربة موسيقية أفتخر بها، لكنها لم تكن بالمعنى الحرفي للتأليف الموسيقية تجعلني أطلق على نفسي "مؤلف" امتلكت منذ الصغر تكوين موسيقي مميز، كيف كان دور الأسرة في ذلك؟ أدركت أسرتي تلك الموهبة بشكلٍ جيد وكان له دفعة قوية في بداياتي، خاصةً أن أفرادها لديها نفس المسار الموسيقي، فوالدتي كانت معلمة للبيانو، وعندما أدركت موهبتي ذهبت بي إلى المعلم الخاص بها، ففضلت أن تأسسني موسيقيًا بعيدًا عن كونها تعمل في نفس المجال. وأضاف" الموهبة الموسيقية يجب أن تُنمى من الصغر، وعلى الأسر أن تعمل على تشجيع أبنائهم على مواهبهم في شتى المجالات مبكرًا بالتزامن مع استكمال مسار حياتهم الأساسية فتأجيلها يؤثرعلى نموها وحبهم لها فيما بعد. برأيك ماهو الوقت المناسب لممارسة الموهبة وتنميتها؟ مدة المشوار لها أثر هام جدًا على تاريخ الفنان، فالذي يمتلك خبرة عقود من الزمن مختلف عن صاحب العشر سنوات، فلذلك يجب أن يبدأ بممارسة موهبته مبكرًا ليستطيع استغلال الوقت لصالحه. أبرز معزوفاتك للألماني الشهير بيتهوفن، ماهي أفضل مقطوعاته التي تفضلها؟ من الصعب علي إختيار مقطع معين، فكل مقطوعة لها طريقة في العزف مختلفة عن الأخرى، أقوم بدراستها لشهور قبل أن أقدمها لمسامع الجمهور والإطلاع على تفاصيلها بشكلٍ دقيق، فالعزف لايقتصر على الموهبة فحسب، لكن يجب الاهتمام بعوامل أخرى في العزف، ودراسة ماتقدمه بشكلٍ جيد، بجانب الحظ الذي يلعب دور مهم في أهداف حياتنا بشكلٍ عام. تحدثت عن الحظ هل تقصد به التواجد في مناخ معين يُثري موهبتك؟ هناك فرق بين الحظ والصدفة، فتحقيق النجاح في أي مجال على وجه التحديد الفني واستمراره وازدياد حجمه من الممكن أن يبدأ بحظٍ جيد مع موهبته والعمل عليها بشكل عملي جاد، لكن النجاح الذي يأتي صدفةً نادرًا مايستمر. ماهي كواليس استعداداتك لعزف المقطوعات الموسيقية؟ وكم من الوقت يستغرق تحضيرها؟ التحضيرات التكنيكية التي تسبق العزف تأخذ مدة طويلة، فيجب دراسة المقطوعة من كافة الجوانب، والتركيز على مرات تكرار المقطع ونقاط البداية والنهاية للعزف، جميع تلك العوامل يجب الإلمام بها جيدًا لأستطيع الخروج بها بشكلٍ مثالي. في رحلتك الموسيقية الثرية قدمت معزوفاتك أمام مختلف جمهورالعالم العربي منه والغربي، مالفرق بين كلاً منهم؟ لايوجد فروق بالمعنى الحرفي للكلمة، فكل جمهور له الثقافة الموسيقية الخاصة به بالإضافة إلى رصيده من الاستماع، فالذي يستمع إلى الموسيقى العربية من عشرات السنين، طريقة استقباله تكون أقوى من المستمع ذو الرصيد الضئيل. مالعوامل التي ساعدت على نجومية رمزي يسى؟ التوقيت كان له عامل كبير في النجاح، فالأمر الذي يُقدم في وقته المناسب تحصل على اهتمام أكبر من المتلقي عن وقتٍ آخر، على سبيل المثال موعد حفل كوكب الشرق أم كلثوم في باريس بعد نكسة 67، والحزن الشديد الذي أصاب المصرين في ذلك الوقت، كان له أثر إيجابي كبير على الجالية العربية هناك، لأنها أعادت لهم ذكريات الوطن الذي اشتاقوا إليه ويتمنوا له النصر، فالوقت هنا كان له عامل مهم في نجاح الحفل. هل سيظل أثر الموسيقى الراقية باقي رغم الصخب الموسيقي الذي يعيشه العالم الآن؟ بالتأكيد، خاصةً لدى الشباب الذي أجده دائم الحضور في الحفلات التي أقدمها في بلدان العالم على سبيل المثال الصين وكوريا، فأجد الأغلبية الكبرى من الجمهور من الشباب، بجانب الأمهات التي تأتي بأطفالها لتأسيسهم منذ الصغر على ذلك النوع من الفن . برأيك ماهي مقومات النجاح والتميز في المجال الموسيقي؟ يرتكز النجاح على إدراك مكوناته في المجال الذي أود احترافه، وماهو المطلوب من تواجدي في ذلك المجال، واستثمار الموهبة بشكلٍ مواكب للعصر الذي أتواجد فيه ومخاطبة الأجيال الجديدة باستمرار. كيف تؤثر تقلبات الحياة على الإنتاج الموسيقي للعازف؟ الحالة المزاجية للعازف واستقرار حياته المهنية والإجتماعية لها أثر كبير على إنتاجه الموسيقي، فهناك عازف أذا كان في حالة مزاجية سيئة لايستطيع العزف وهناك العكس،بل من الممكن أن يحول تلك الأزمة لمصدر إلهام وتؤثر إيجابيًا على إنتاجه، على سبيل المثال العازف الألماني الشهير بيتهوفن كان أصم ورغم ذلك أصبح من كبار الرموز الموسيقية حول العالم . ماهي رؤيتك للوضع الموسيقي العربي في الوقت الراهن؟ الظروف الموسيقية الحالية مقلقة أكثر من كونها سيئة، بسبب كثرة ضغوطات الحياة واتساع ساحات العرض الموسيقي وسهولة الحصول على شتى الأنواع منها، فعند بداية مسيرتي الموسيقية أتذكر أن سماع الموسيقى كانت تقتصرعلى عدد قليل من الأسطوانات التي تباع في مكتبة "الكونسرفتوار" بجانب البرنامج الموسيقي الذي يَعرض المتاح في المكتبة، فكان الحصول على مقطع أو نوتة موسيقية صعب للغاية عكس مانعيشه الآن . كيف ترى تربية النشأ على الفن الهادف؟ يجب أن يبدأ ذلك بإدراك والديه بذلك النوع من البداية، كي يستطيع إدخاله في ذهنه بشكلٍ يناسبه ويجعله ثابت أمام عواصف التغيير المستمرة التي تحاوطنا يوميًا وتفرض سيطرتها، فعندما ينشأ على ذلك يستطيع انتقاء الجيد من السيء دون تدخل من أحد. حدثنا عن تجربتك الموسيقية داخل "الكونسرفتوار"؟ قدم المعهد وقت دراستي خدمة تعليم الموسيقى في المنازل تشجيعًا على دراسة الموسيقى وأجد في ذلك فكرة عبقرية، نتج عن ذلك وضع أصول الموسيقى في كل منزل ليُثري لديهم الفكر الموسيقي السليم. برأيك ماسبب انتشار الموسيقى الغربية في الدول العربية ؟ وماهي صورة الموسيقى العربية في الغرب؟ حصول الموسيقى الغربية على تلك المساحة داخل الدول العربية سببها حضاري في الأساس، فكانت هي القوى المسيطرة على العالم في مختلف الحقب الزمنية الماضية. وعن رؤية الغرب للموسيقى العربية أصبحت تحظى باهتمام أكبر عن السنوات السابقة خاصةً مع الانفتاح الضخم التي أتاحته وسائل التكنولوجيا والانترنت على الثقافات الأخرى بمنتهى السهولة والسرعة، فأصبح لديهم شغف بالاستماع إلى أنواع مختلفة خارج الإطار الموسيقي الخاص بهم. هل مازال هناك كنوز في الموسيقى الكلاسيكية لم يتم تقديمها؟ هناك عدد كبير من العلامات الموسيقية الناجحة التي أخذت شهرتها باهتمام الناس بها وباستماعها وتكرارها على مدار الأجيال، وعلاوة على ذلك مازال ثم مقاطع موسيقية غير معروفة وتستحق الاهتمام. مالفرق بين استعدادات العازف وبين أي مهنة فنية أخرى؟ الفارق الوحيد هو الالتزام الحاد بعامل "الزمن"، فعلى العازف الإلتزام بتوقيت معين لتقديم مقطوعة ما، يترتب عليها تحضيرات واستعدادات نفسية ومهنية صارمة لتقديم المعزوفة على أكمل وجه، بجانب توافر الراحة النفسية والنوم الجيد. كونك افتتحت أول قاعة موسيقية في أوبرا العاصمة الإدارية، حدثنا عن تلك التجربة ماتم تقديمه في أوبرا العاصمة الإدارية هو إعجاز، فالانتهاء من ذلك المشروع الضخم في وقتٍ قصير وبجودة عالية ليس من السهل، وتفاجأت بخروجه بتلك الصورة المبهرة . كيف تتلقى ردود فعل الجمهور في حفلاتك الموسيقية؟ أحكم على نجاح الحفل لدى الجمهور من خلال إنصاتهم، ذلك العنصر من السهل معرفته حتى قبل انتهاء المقطوعة، فمن الممكن أن أسمع أنفاسهم عند إندماجهم مع الحفل من عدمه. كيف تابعت حفل نقل المومياوات والافتتاح العالمي لطريق الكباش؟ نقلة فنية وتاريخية ناجحة بكل المقاييس ومن كافة جوانبها سواء في التنظيم والموسيقى والاستعراض، صوروة سياحية لمصر للخارج لاتقدر بثمن. حدثنا عن دور المرأة في حياة رمزي يسى؟ بداية من أمي التي لن أوفي حقها في الحديث عن مجهوداتها العظيمة وتأثيرها الإيجابي في حياتي، إضافةً إلى الزوجة صاحبة الدور الأساسي في المنظومة خاصةً مع إيمانها بظروف عملي وإدراكها بعوامل نجاحي . كيف ترى المشهد الموسيقي في مصر في الوقت الحالي خاصةً المهرجانات؟ أتت تلك الموجة تقليدًا لموجتها الموسيقية في الغرب، فأصبحت مبرر لتواجدها لدينا، والمستمع هنا لايأخذ الحالة الغنائية فحسب بل يأخذ الحالة العامة للأغنية من أضواء وأزياء وجمهور غفير، وعلى أي حال أترك الحرية لمن يستمع إليها. برأيك كيف نرتقي بالذوق الموسيقي؟ التركيز على الاهتمام الموسيقي داخل المدرسة والضخ بكوادر ذات كفاءة عالية لإعطاءهم الجرعة الموسيقية المناسبة والارتقاء بثقافتهم، وليس من الضروري النجاح الجيد هو الذي يتصدر"الشباك". وفي الختام أهدى "الوفد" درع التكريم للعازف الشهير رمزي يسى احتفاءه بإثراءه للمجال الموسيقي ببصمات تاريخية تُدّرس عبر الأجيال. حضر الصالون رئيس التحرير التنفيذى لبوابة الوفد مجدي حلمي، وأدار الحوار أمجد مصطفى، مدير تحرير الوفد، بحضور مجموعة من الزملاء بمؤسسة الوفد الصحفية. كيف تابعت حفل نقل المومياوات والافتتاح العالمي لطريق الكباش؟ نقلة فنية وتاريخية ناجحة بكل المقاييس ومن كافة جوانبها سواء في التنظيم والموسيقى والاستعراض، صوروة سياحية لمصر للخارج لاتقدر بثمن. برأيك كيف نرتقي بالذوق الموسيقي؟ التركيز على الاهتمام الموسيقي داخل المدرسة والضخ بكوادر ذات كفاءة عالية لإعطاءهم الجرعة الموسيقية المناسبة والارتقاء بثقافتهم، وليس من الضروري النجاح الجيد هو الذي يتصدر"الشباك". وفي الختام أهدى "الوفد" درع التكريم للعازف الشهير رمزي يسى احتفاءً بإثراءه للمجال الموسيقي ببصمات تاريخية تُدّرس عبر الأجيال. حضر الصالون رئيس التحرير التنفيذى لبوابة الوفد مجدي حلمي، وأدار الحوار أمجد مصطفى، مدير تحرير الوفد، بحضور مجموعة من الزملاء بمؤسسة الوفد الصحفية. لمزيد من أخبار الفن..اضغط هنا
