ظلت طوال 40 عاما تنتظر فلذة كبدها الاسير دقات قلبها تسبق هرولة باندول ساعات الانتظار القاتلة تنتظر موعد تحرره بعد 7 أشهر فى بداية العام المقبل؛ لكن الموت غيبها وهى تنتظر وتنتظر وتنتظر ابنها الذى تم اعتقاله وهو شاب23 عاما، واليوم شاخ وما زال معتقلاً بعمر 66 عاماً... انفجرت الساعة ورحلت سيدة الانتظار...فقد حانت اللحظة لان تهدأ روحها ويستريح جسدها من العناء لتشيّعها جماهير غفيرة من الفلسطينيين، رحلت الحاجة صبحية يونس88 عاما، والدة الأسير كريم يونس فى قرية عارة بالضفة المحتلة وانطلق موكب الجنازة من بيتها فى حى المسقاة و إلى مسجد القرية المقبرة. لم تترك الحاجة صبحية سجناً إلا وقامت بزيارته، تعد الأيام عداً وتنتظر بلهفة الأم للقاء ابنها وهى تنتقل من سجن لآخر. ولم تتخلف عن أى زيارة رغم عذاب ومشقة السفر والتنقل، تنتظر لقاءه بشوق وتتجرع مرارة الانتظار على أبواب سجون ومعتقلات الاحتلال، التى تنقل فيها كريم يونس، فصارت الأم الصابرة المحتسبة تحفظ أسماء السجون والطرق المؤدية إليها عن ظهر قلب، كمن يحفظ خارطة الوطن، مؤمنة بحتمية النصر، وواثقة بأن النصر آت ولو بعد حين، وأن ظلام السجن والسجان سيزول يوماً. تتمسك بأمل اللقاء، اشتياقاً وصموداً ونضالاً، يسعفها لعناق ابنها كريم بدون حواجز زجاجية، وأن تتمكن من لمسه قبل أن تفارق الحياة. وتوفى والد«يونس» الذى يلقب بمانديلا فلسطين ايضا بعد أن أمضى 30 عاماً على اعتقاله فى سجون الاحتلال دون أن يراه، واليوم ترحل والدته وهى تنتظر بقلب ينفطر من شدة الحزن منذ ما يزيد عن 40 عاماً، على أمل متجدد بأن يطل عليها فلذة كبدها، ويعود لأحضانها كما غادره أول مرة ونعت الحركة الوطنية الأسيرة فى سجون الاحتلال الإسرائيلى ومؤسسات الأسرى ببالغ من الحزن والأسى الحاجة والدة عميد الأسرى الفلسطينيين وعضو اللجنة المركزية لحركة «فتح» كريم يونس المعتقل منذ عام 1983. ويعتبر الأسير يونس هو واحد من بين 25 أسيرًا تواصل سلطات الاحتلال اعتقالهم منذ ما قبل توقيع اتفاقية أوسلو، حيث رفضت سلطات الاحتلال الإسرائيلى، وعلى مدار عقود أن تفرج عنهم، رغم مرور العديد من صفقات التبادل، والإفراجات وكان آخرها عام 2014، حيث كان من المقرر أن تفرج سلطات الاحتلال عن الدفعة الرابعة من القدامى، إلا أنها تنكرت للاتفاق الذى تم فى حينه فى إطار مسار المفاوضات. وولد الأسير كريم يونس فى ال23 من نوفمبر عام 1958م، فى بلدة عارة فى الأراضى المحتلة عام 1948، وهو الابن الأكبر لعائلته، وكانت قوات الاحتلال قد اعتقلته فى السادس من يناير عام 1983، وحكم عليه الاحتلال بالسّجن المؤبد، وجرى تجديد المؤبد له لاحقاً لمدة (40) عامًا. ويعتبر الأسيران كريم وماهر يونس من أقدم الأسرى فى العالم، إذ حكم عليهما بالسجن 40 عامًا، ودخل الأسيران عامهما الأخير هذه السنة ورفض وزير الأمن الإسرائيلى، بينى غانتس، طلبات لإتاحة مشاركة يونس فى تشييع والدته ويتوافد المئات من عارة عرعرة والداخل الفلسطينى إلى بيت والدة الأسير كريم يونس من أجل تقديم واجب العزاء للعائلة. أعلن جبريل الرجوب، أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، عن إقامة بيت عزاء لوالدة عميد الأسرى الفلسطينيين كريم يونس، فى مقر الرئاسة الفلسطينية بعد غد الاثنين وذلك بتوجيهات من الرئيس الفلسطينى محمود عباس«ابو مازن». وأضاف الرجوب فى تصريح صحفى أن الشعب الفلسطينى سيبقى مُرابطًا صامدًا على أرضه مُتسمكا بحقه ومؤمنا بقدره بأن يكون خط الدفاع الأول عن العرب والمسلمين.