واقعة المقطم ومن قبلها جميع الوقائع التى شهدت صداما بين القوى الثورية وجماعة الإخوان، كانت هذه المصادمات في ميدان التحرير أو أمام الاتحادية أو فى المحافظات المختلفة، نقلت لنا الصحف والفضائيات صورا تأكدنا منها غياب قيادات جماعة الإخوان ومكتب الإرشاد عن حضور هذه الوقائع، وتأكد كذلك غياب أولاد هؤلاء القيادات عن المشاركة فى الدفاع عن أفكار وقرارات الجماعة أو عن مقراتهم فى القاهرة والمحافظات، وتأكد أيضا أن بديع والشاطر والبلتاجى والعريان وغيرهم كانوا يتابعون المظاهرات والمشاجرات من خلال المحمول والفضائيات، ولم يكلف أحدهم نفسه عناء الذهاب إلى المقرات للاطمئنان أو الدفاع عنها. فى واقعة الجمعة الماضية قام قيادات الإخوان كالعادة بحشد العشرات من المحافظات تحت عنوان الدفاع عن مقر الجماعة ضد غزو العلمانيين والملحدين والبلطجية والعملاء والخونة، وقد تابعنا بعضاً من مشاهد المعركة التي دارت فى الشوارع المحيطة لمقر الجماعة، وعرفنا يومها أن المقر الرئيس لا يوجد فيه أى من قيادات الجماعة، ورغم شدة المعركة والمناوشات لم نسمع عن وصول أحدهم إلى المقر، كما اننا لم نسمع أن أولاد هؤلاء القيادات قد ذهبوا للمشاركة فى الدفاع عن المقر ضد الغزاه، وعرفنا أن بعض الأبناء كان يشاركون فى عمليات الشحن خلال المعركة من منازلهم عبر الفيس بوك. وللأسف شاهدنا بعض أبناء الأقاليم الذين حشدوهم إلى المقطم فى أتوبيسات مقابل وجبات طعام وبدل سفر، يهرولون فى الشوارع المحيطة يحاولون الفرار والاحتماء فى العمارات والمساجد وخلف المدرعات وجنود الشرطة، تألمنا وأسفنا ونحن نشاهد بعضهم يتوجع ويسترحم ويتألم ويبكى وينزف ويزحف على الأرض، لماذا؟، ومن أجل من؟، حماية مقر؟، الدفاع عن مجموعة من القيادات توزع على نفسها المناصب؟، لماذا يضحى الفقراء والعامة بوقتهم ودمائهم وأوجاعهم؟، ما الذى سيعود عليه عندما يغادر منزله صباحا ويعود إليه فى المساء مصابا؟، ماذا تستفيد أسرته عندما يودعهم صباحا ويزوروه فى المساء أو فى الصباح التالي بالمستشفى؟، ماذا لو أصيب بالعجز لقدر الله؟، هل خرج تحت عنوان الجهاد فى سبيل الله؟، هل جاء ليشارك فى غزوة من الغزوات؟، هل حضر لأن نبى الإخوان وأصحابه ضربوا نفير الجهاد؟، لماذا العامة والفقراء وليس القيادات وأولادهم؟. المؤسف أن قيادات الإخوان يدفعون بأطفال وشباب لهذه المعارك، واستشهاد الطفل إسلام فتحى أمام مقر جماعة الإخوان فى مدينة دمنهور خير مثال على استغلال قيادات الجماعة الأطفال والشباب والشيوخ كوقود المعارك التى يخوضونها من أجل تحقيق مصالحهم وأطماعهم فى السلطة، ما الذى استفادته أسرة هذه الطفل؟، هل معاش شهرى يعوض غيابه؟، وما الذى يعوض الذي يصاب بإصابات العجز؟، هل القيادات سوف يتيحون له أو لأولاده فرص المشاركة فى صناعة القرار؟، هل سيسمحون له تولى بعض المناصب القيادية فى الجماعة أو فى الحكومة. أسماء مثل: بديع، والشاطر، وعصام العريان، والبلتاجي، والكتاتنى، وأسامة يا سين، وسعد الحسيني، ومحمد مرسى وغيرهم ممن لا تسعفني الذاكرة لاستحضار أسمائهم، قد تولوا مناصب داخل الجماعة وفى الحزب ودفع ببعضهم لعضوية مجلسي الشعب المنحل ثم الشورى، وتولى بعضهم رئاسة لجان داخل المجلسين، وتم الدفع ببعضهم إلى اللجنة التأسيسية، وبعضهم إلى تولى مناصب فى الحكومة وفى حركة المحافظين، ومن المتوقع ان يتم ترشيح بعضهم إلى تولى حقائب فى الحكومة الجديدة، ومع تعدد المناصب فى أيديهم للأسف لم يشاركوا فى المعارك التى تدور لحماية المقرات أو للدفاع عن القرارات التى تتبناها الجماعة، فقد غابوا جميعا عن الحضور أو المشاركة، والغريب أيضا أن أولاد هؤلاء، الذين يجمع كل منهم العديد من المناصب فى يده، لم يشاركوا مثل أبائهم، والمدهش أن هذه المجموعة التى تكوش على المناصب ترفع راية الإسلام والشورى والعدل، لمن؟، الله أعلم.