أيمن موسى يكتب: خليفة بوتين صداع في رأس الغرب    مودرن فيوتشر يخشى مفاجآت الجونة في الدوري    موعد مباراة إنجلترا وصربيا في أمم أوروبا "يورو 2024" والقنوات الناقلة    بيان من الجيش الأمريكي بشأن الهجوم الحوثي على السفينة توتور    الكيانات الوهمية وراء أزمة حج الزيارات | تفاصيل    "مجزرة في رفح الفلسطينية".. سقوط أعداد كبيرة من الضحايا بعد قصف منطقة تأوي النازحين    «بدأت اليوم خلوا بالكم».. الأرصاد تكشف تفاصيل طقس ال 72 ساعة المقبلة: «حرارة شديدة»    استكمال محاكمة ربة منزل وعشيقها في قتل ابنتها.. اليوم    الوكيل: تركيب مصيدة قلب مفاعل الوحدة النووية ال3 و4 بالضبعة في 6 أكتوبر و19 نوفمبر    العراق.. استمرار حريق مصفاة نفط ببلدة "الكوير" جنوب غرب أربيل    «آخرساعة» كانت معهم| الحُجاج المصريين بخير.. وكل الأمور ميسرة    عيد الأضحى 2024.. هل يجوز التوكيل في ذبح الأضحية؟    تصل ل«9 أيام متتابعة» مدفوعة الأجر.. موعد إجازة عيد الأضحى 2024    مفاجأة مدوية.. دواء لإعادة نمو أسنان الإنسان من جديد    مفاجأة.. لماذا تم رفع اسم محمد أبو تريكة من قوائم الإرهاب؟    في موسم الامتحانات| 7 وصايا لتغذية طلاب الثانوية العامة    طبق الأسبوع| من مطبخ الشيف أحمد الشناوي.. طريقة عمل اللحم المُبهر بالأرز    بوساطة عُمانية، إطلاق سراح فرنسي كان معتقلا في إيران    المفاجآت في قضية سفاح التجمع تتوالى| ارتكب جرائمه ببث مباشر عبر «الإنترنت المظلم»    كيف رد هشام عاشور على لقب "جوز نيللي كريم" قبل انفصالهما؟    التليفزيون هذا المساء.. الأرصاد تحذر: الخميس والجمعة والسبت ذروة الموجة الحارة    شاهد مهرجان «القاضية» من فيلم «ولاد رزق 3» (فيديو)    محمد عبد الجليل: أتمنى أن يتعاقد الأهلي مع هذا اللاعب    رابطة الأندية تكشف حقيقة مقترح إلغاء الدوري بسبب ضغط المُباريات    هل يقبل حج محتكرى السلع؟ عالمة أزهرية تفجر مفاجأة    وزير الأمن القومي الإسرائيلي يوجه له رسالة شديدة اللهجة لنتنياهو    حزب الله ينفذ 19 عملية نوعية ضد إسرائيل ومئات الصواريخ تسقط على شمالها    المجازر تفتح أبوابها مجانا للأضاحي.. تحذيرات من الذبح في الشوارع وأمام البيوت    أبرزها المكملات.. 4 أشياء تزيد من احتمالية الإصابة بالسرطان    بعد ساعات من تحديد جلسة محاكمته، عمرو دياب يطرح أغنيته الجديدة "الطعامة" (فيديو)    24 صورة من عقد قران الفنانة سلمى أبو ضيف وعريسها    مؤتمر نصف الكرة الجنوبي يواصل اجتماعته لليوم الثاني    الأعلى للإعلام: تقنين أوضاع المنصات الرقمية والفضائية المشفرة وفقاً للمعايير الدولية    التعليم العالى المصرى.. بين الإتاحة والازدواجية (2)    .. وشهد شاهد من أهلها «الشيخ الغزالي»    صدمة قطار.. إصابة شخص أثناء عبور شريط السكة الحديد فى أسوان    حازم عمر ل«الشاهد»: 25 يناير كانت متوقعة وكنت أميل إلى التسليم الهادئ للسلطة    محمد الباز ل«كل الزوايا»: هناك خلل في متابعة بالتغيير الحكومي بالذهنية العامة وليس الإعلام فقط    هاني سري الدين: تنسيقية شباب الأحزاب عمل مؤسسي جامع وتتميز بالتنوع    اتحاد الكرة يعلن حكام مباراتي بيراميدز وسموحة.. وفيوتشر أمام الجونة    مهيب عبد الهادي: أزمة إيقاف رمضان صبحي «هتعدي على خير» واللاعب جدد عقده    «الأهلي» يزف نبأ سارًا قبل مباراة الزمالك المقبلة في الدوري المصري    سعر السبيكة الذهب الآن وعيار 21 اليوم الخميس 13 يونيو 2024    برج الأسد.. حظك اليوم الخميس 13 يونيو: انصت للتعليمات    مدحت صالح يمتع حضور حفل صوت السينما بمجموعة من أغانى الأفلام الكلاسيكية    عماد خليل: تشكيل الحكومات يأخذ فترة من المشاورات لانتقاء أفضل العناصر    فلسطين تعرب عن تعازيها ومواساتها لدولة الكويت الشقيقة في ضحايا حريق المنقف    بعد ارتفاعه في 9 بنوك.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 13 يونيو 2024    أحمد لبيب رئيسًا لقطاع التسويق ب«عز العرب»    أخبار × 24 ساعة.. الزراعة: مصر من أكبر مصدرى الفول السودانى للاتحاد الأوروبى    «رئيس الأركان» يشهد المرحلة الرئيسية ل«مشروع مراكز القيادة»    الداخلية تكشف حقيقة تعدي جزار على شخص في الهرم وإصابته    انتشال جثمان طفل غرق في ترعة بالمنيا    الأهلي يكشف حقيقة مكافآت كأس العالم للأندية 2025    قبل عيد الأضحى.. طريقة تحضير وجبة اقتصادية ولذيذة    مسئول سعودى : خطة متكاملة لسلامة الغذاء والدواء للحجاج    الاتصالات: الحوسبة السحابية واحدة من التكنولوجيات الجديدة التي تؤهل للمستقبل    هل يجوز للأرملة الخروج من بيتها أثناء عدتها؟ أمين الفتوى يُجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإعلام يتحمل دوراً هاماً ومحورياً فى بناء الوعى وتصحيحه
فضيلة الدكتور شوقى علام خلال حوار مع الوفد:
نشر في الوفد يوم 31 - 03 - 2022

جماعة الإخوان الإرهابية تراهن على تضليل وعى الشعب باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس
الكلمة أمانة فنحن مأمورون شرعاً بالاستيثاق والتأكد من كلِّ ما نسمعه ونكتبه
طالبنا بإصدار تشريع قانونى ملزم بإبعاد غير المتخصصين عن مجال الدعوة والإفتاء
حبس السلع الضرورية والمواد الطبية حرام شرعاً وخيانة للأمانة
دار الإفتاء تستقبل 5000 فتوى طلاق شهرياً
الجماعات الإرهابية استغلَّت التفسير الخاطئ للنصوص الشرعية لتبرير أفعالها
صلاة التراويح يمكن أداؤها فى البيت أفراداً أو جماعة
أكد فضيلة الدكتور شوقى علام مفتى الجمهورية خلال حواره مع «الوفد» على أمانة الكلمة سواء لفظية أو مكتوبة وألا نكون أبواقا لكلِّ ما يدور حولنا لأننا مأمورون شرعاً بالاستيثاق والتأكد من كل ما نسمعه، موضحا أن مسئولية الكلمة مشتركة والأساس فيها يرجع إلى البيت مطالبا الآباء بأن يتحروا الصدق سلوكا وقولاً أمام أولادهم، لأن التربية بالأفعال والقدوة الحسنة هى الأساس. وقال المفتى ان المدرسة عليها دور كبير فى الجانب التربوى، من ناحية غرس خُلق الصدق فى نفوس الطلاب والتحذير من الكذب ونقل الشائعات، مشيرا الى أن الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها.
وأوضح فضيلة المفتى، خلال حواره مع الوفد، أن جماعة الإخوان الإرهابية تراهن على تضليل وعى الشعب المصرى باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس، مشيرا إلى أن الإعلام يتحمل دورا هاما ومحوريا فى بناء الوعى وتصحيحه.
وأشار المفتى إلى أن تفسير النصوص الشرعية من صميم عمل المختصين بدار الإفتاء ووزارة الأوقاف والوعاظ فى الأزهر الشريف، مؤكدا على ضرورة إصدار تشريع قانونى مُلزم بإبعاد غير المتخصصين عن مجال الدعوة والإفتاء.
وقال فضيلة المفتى إن شهر رمضان مناسبة طيبة لتغيير السلوكيات السيئة، وعلينا ضرورة تنظيم الوقت فى شهر رمضان الكريم، ما بين أداء العمل والسعى على الرزق وخدمة الناس والاجتهاد فى مختلف القطاعات، وكان هذا الحوار:
الفتوى الصحيحة لها دور كبير فى استقرار المجتمعات، وتحقيق التنمية والتعايش بين أبناء الوطن الواحد... كيف؟
- الفتوى لها دَور كبير فى استقرار المجتمعات، ودار الإفتاء لديها منهجية فى إصدار الفتاوى هى منهجية علمية موروثة، وعندما يرد سؤال إلى دار الإفتاء فلدى علمائها منهجية وخبرات متراكمة، كما نلجأ أحيانا إلى المتخصصين فى العلوم المختلفة، مثل الطب والاقتصاد والسياسة وغيرها قبل أن نُصدر فتوى فى أمر يتعلَّق بهذا التخصص، لاستجلاء الأمر والإلمام بكافة تفاصيله.
- ولا شك أنَّ المنهجية العلمية لا تتوافر غالباً فى كثير ممن يتصدَّون للفتوى على مواقع التواصل الاجتماعى، وخاصة من غير المتخصصين فى الشأن الإفتائى، ورأينا أنَّها غائبة تماماً عن هؤلاء، فليس لديهم تَثبُّت، ولا إدراك للواقع ولا مآلات ما يصدرونه من فتاوى.
قلتم إنَّ دار الإفتاء تستقبل شهرياً ما يقرب من 5000 فتوى طلاق يقع منها واحد فى الألف...كيف يتم التعامل مع حالات الطلاق التى تستقبلها دار الإفتاء؟
- قضية الطلاق تُعد من أكثر القضايا التى تؤرق المجتمع، لما لها من آثار وخيمة مدمرة على الأسرة المصرية وعلى المجتمع كله، الأمر الذى يستلزم منا جميعاً وقفةً جادةً لرفع درجة الوعى عند المواطنين بمخاطر الإقدام على الطلاق عند استحالة العشرة، وما يترتَّب عليه من آثار اجتماعية خطيرة لا تخفى على أحد، فهى قضية وعى فى المقام الأول.
ويأتى إلى دار الإفتاء شهرياً ما يتراوح بين 4000 و5000 فتوى طلاق، أغلبها عبارة عن أيمان وحلف بالطلاق، يقع منها واحد فى الألف، وربما لا يقع منها شيء، وذلك لأن علماء دار الإفتاء لديهم من الخبرة ما يستطيعون به معرفة هل كان هذا طلاقا واقعا أم يمينَ طلاق؟ وذلك من خلال خبرتهم المتراكمة التى تلقَّوها عن مشايخهم ولا توجد فى الكتب. كما أن التعامل مع حالات الطلاق يتم وَفق طريقة منظمة ومنضبطة تمر بثلاث مراحل، تبدأ بتعامل أمين الفتوى معها، فإذا لم يتيسر الحلُّ للسادة أمناء الفتوى بوجود شك فى وقوعه تُحال على لجنة مختصة مكونة من ثلاثة علماء، وإذا كانت هناك شبهة فى وقوع الطلاق، تحال على المفتى شخصياً، وربما يستضيف أطراف واقعة الطلاق فى مكتبه للتأكُّد من وقوع الطلاق أو لإيجاد حل، وهذا من باب المحافظة على الأسرة التى هى نواة المجتمع.
وما الخطوات التى تتَّخذها دار الإفتاء لتحصين الأسرة المصرية... وماذا عن دَور الإفتاء فى مواجهة ظاهرة ارتفاع نسب الطلاق؟
- أسَّسنا قبل سنوات وحدة خاصة بمشاكل الأسرة وتدريب المُقبلين على الزواج تحت عنوان وحدة الإرشاد الزواجى، هذه الوحدة متخصصة فى حلِّ المشكلات بين أفراد الأسرة الواحدة وخاصة مشكلة الطلاق. وتعمل على الحد من المشاكل الزوجية والاستقرار الأسرى وتوعية الشباب غير المتزوج ومساعدتهم على الاختيارات المناسبة وكيفية الارتباط للزواج وإقامة أسرة ناجحة، وذلك باستخدام الطرق التوعوية الحديثة من الإرشاد النفسى والشرعى.
«كأنى اعتمرت» مبادرة أطلقتها دار الإفتاء المصرية للتبرُّع والتصدُّق ممَّن كانوا ينوون أداء العمرة وحالت الظروف دون ذلك بسبب فيروس كورونا... كيف تصل هذه المبادرة للناس؟ ومتَّى تم إطلاقها... وهل لقيت استجابة من المصريين؟
- أطلقنا هذه الحملة خلال الموجة الأولى لظهور فيروس كورونا، والمبادرة جاءت استجابةً للواقع الذى بدا على غالبية المجتمعات وقتها والذى يحتاج إلى التعاون والتكاتف وأن يأخذ كلٌّ منَّا بيد الآخر فى معركة وعى حقيقى، فمن خلال اطِّلاعنا على الإحصاءات للمعتمرين المصريين الذين كان يتوقَّع أن يؤدُّوا مناسك العمرة هذا العام وحالت الظروف دون ذلك، وُجد أنَّ عددهم يصل إلى 800 ألف شخص، ورأينا أنه إذا تم توجيه هذه الأموال التى كانوا سينفقونها لأداء العمرة إلى مصارف الخير ودعم المحتاجين والعمالة اليومية غير
المنتظمة، فإننا نكون أمام ملايين الجنيهات ستكون سبباً فى تفريج كربات آلاف المحتاجين والمتضررين.
وهذه المبادرة انطلقت من مبدأ مهم، وهو مبدأ الرحمة واسم الله الرحيم، فنحن نترجم معنى الرحمة إلى أفعال وعبادات يصل نفعها إلى الناس، ونحقِّق الوعى الحقيقى للنص الشرعى الذى يتحرَّك على أرض الواقع فى صورة عبادة ذكية تؤدِّى دورا مجتمعيا مهما.
حبس السلع الضرورية والمواد الطبية عن الناس واستغلال الظروف الراهنة من انتشار «وباء كورونا» حرام شرعا وخيانة للأمانة... فبمَ تنصح التجار والمستهلكين؟
- حبس السلع أو احتكارها يدخل ضمن أكل أموال الناس بالباطل، قال تعالى: «يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ» {النساء: 29}، وهذا يدل على اشتراط التراضى بين البائع والمشترى، وبشراء مثل هذه السلع بهذه المبالغ الإضافية، فقد انتفى التراضى المشروط فى الآية الكريمة، وبذلك يكون البيع مَشُوباً بالإكراه وأكل أموال الناس بالباطل، فالمعاملة لا بدَّ فيها من الكسب الحلال المشروع، ومن ثم فإنَّ التاجر الذى يقوم باحتكار السلع ويبيعها بضعف السعر، ويُبرِّر ذلك بأنه يتَصدَّق بالزيادة فى السعر على الفقراء يأثم شرعا، سواء كان سيتبرع بجزء من الثَّمن أو لا.
صرَّحتم فضيلتكم بأن تزايد الطلب على الفتوى الرسمية لا يعنى وجود مشكلة عند الناس فى الحلال والحرام... فبمَ تفسر ذلك؟
- زيادة عدد الفتاوى بالطبع يعكس حجم زيادة ثقة الناس بالمؤسسات الدينية، وهذا لا يعنى مطلقاً وجود وسوسة عند أغلب الناس، ولا تعنى كذلك المبالغة فى اللجوء إلى الدين على حساب الحلول المفترضة الأخرى، لكن الردود والفتاوى تتعلَّق بجوانب شرعية غالباً ما تشمل بيان الحكم الشرعى المطلوب بالإضافة إلى مراعاة العامل النفسى للمستفتين.
الجماعات الإرهابية استغلَّت التفسير الخاطئ للنصوص الشرعية لتبرير أفعالها وزعزعة استقرار المجتمعات... فما دور دار الإفتاء لمقاومة ذلك؟
- ما زلت موقنا تمام اليقين أن حرب الدولة ومؤسساتها مع جماعة الإخوان الإرهابية لا تزال مستمرة. وأن تلك الجماعة التخريبية تراهن على تضليل وعى الشعب باستخدام أدوات حروب الجيل الخامس، ودار الإفتاء أرست مجموعة من البرامج العملية والإصدارات التى تمنح خبرة افتائية كبيرة فى مواجهة فكر الجماعات الإرهابية وتفسيراتها الخاطئة، ولا شك أننا فى منظومة منضبطة فى سياق الدولة المصرية، فلسنا فى مجتمع بلا قانون وبلا اختصاص، وتفسير النصوص الشرعية من صميم عمل المختصين بالإفتاء ووزارة الأوقاف المصرية والوعَّاظ فى الأزهر الشريف، لذا فقد طالبنا مراراً بالرجوع إلى القانون الذى ينظِّم الاختصاص، وإصدار تشريع قانونى مُلزِم بإبعاد غير المتخصصين عن مجال الدعوة والإفتاء.
الإسلام حرَّم نشر الشائعات وترويجها، وتوعَّد فاعل ذلك بالعقاب الأليم فى الدنيا والآخرة... فما نصيحة فضيلتكم لمن ينشر الأكاذيب فى الداخل والخارج ويكون سبباً لضرر الآخرين وزعزعة أمن المجتمع؟
- من بين أنواع الأمانات أمانة الكلمة، فالكلمة أمانة سواء لفظية أو مكتوبة، ومثلها الإشارة، فمنها الطيب ومنها الخبيث، فالكلمة الطيبة يكسب بها المسلم أجراً من الله تعالى، إذا كانت صادقة نافعة مفيدة للأمة، وكذا الكلمة الخبيثة التى تدعو إلى الباطل، وتؤدى إلى الشر والفساد يعاقب عليها المرء، يقول الله تعالى: «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِى السَّمَاءِ تُؤْتِى أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ اللَّهُ الأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِنْ فَوْقِ الأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ» {إبراهيم: 24}، ويجب ألَّا نكون أبواقاً لكلِّ ما نسمعه، فعندما نسمع أو نقرأ شيئاً لا بد أن نتحرَّى عنه ونستوثق منه، وندرك مآلاته، فنحن مأمورون شرعاً بالاستيثاق والتأكُّد من كلِّ ما نسمعه، فمسئولية الكلمة مشتركة، والأساس فيها يرجع إلى البيت، لذا ينبغى للآباء أن يتحرَّوا الصدق سلوكاً وقولاً أمام أولادهم، لأنَّ التربية بالأفعال والقدوة الحسنة هى الأساس. وكذلك المدرسة عليها دور كبير فى الجانب التربوى، من ناحية غرس خُلق الصدق فى نفوس الطلاب، والتحذير من الكذب ونقل الشائعات، فإذا رأى المعلِّم أنَّ طالباً يقوم بنقل الكلام والشائعات، فعليه أن يخبره بخطر ذلك فى الدنيا والآخرة، وكذلك الإعلام يتحمَّل دوراً هاماً ومحورياً فى بناء الوعى وتصحيحه، وكذلك كافة المؤسسات الأخرى.
كيف تتمُّ الاستفادة من نفحات شهر الكريم لنعالج أى جفاء أو قطيعة موجودة بين الناس؟
- خصَّ الله تعالى شهر رمضان من بين سائر شهور العام بالتكريم والبركة، وجعله موسماً عظيماً تنهل منه الأمَّة من الخير ما لا يمكن حصره ووصفه، حتى بات هذا الشهر الكريم يمثل غاية كبرى وأمنية منشودة للصالحين،يتمنَّون على ربهم بلوغها وإدراك هذا الزمان المبارك، والاستعداد والتهيؤ ظاهراً وباطناً لإحيائه بإخلاص النية لله تعالى، والعزم على اغتنام أوقاته والاجتهاد فيه بالأعمال الصالحات وهم فى صحَّة وعافية ونشاط. وعلى الانسان أن يبادر
فى هذا الشهر بالتوبة من الأفعال التى لا يرضاها الله، وأن يغيِّر سلوكياته وأفعاله السيئة إلى الأعمال الحسنة والإيجابية. وشهر رمضان هو شهر الطاعة، ومن أوله إلى آخره نفحات ربانية ومِنَح إلهية تتنزَّل على بنى آدم، ويعمُّ السلام والوئام وتعمُّ السكينة والهدوء فى هذا الشهر، وكان الرسول (صلى الله عليه وسلم) يستعجل قدوم رمضان، ويدعو الله بقوله: اللهم بلِّغنا رمضان لأجل استعجال الطاعة، ولم يحرص على استعجال الزمن حرصه على رمضان، لما للشهر الكريم من فضائل وخصوصية.
قلتم فى تصريح سابق إن صلاة التراويح فى البيت فى ظلِّ ما نمرُّ به من ظروف مطلبٌ شرعى، التزاماً بالقرارات الوقائية... ما قول فضيلتكم لمن يريد صلاة التراويح فى المساجد لنَيْل الثواب الأعظم، خاصة أن المساجد تفتح لصلاة التراويح هذا العام؟
- حفظ النفس مقصد هام من مقاصد الشريعة الإسلامية، وعلى جميع المسلمين الإصغاء إلى مستجدات الإجراءات الاحترازية التى أصدرتها الحكومات من أجل المحافظة على صحَّة الإنسان وسلامته، لأنَّ الالتزام بهذه التعليمات واجب شرعاً حتى مع السماح بصلاة التراويح فى المساجد، ويجوز أن تصلَّى صلاة التراويح فى البيوت باطمئنان وبنية خالصة لله تعالى مع أفراد الأسرة والأولاد، ورسول الله قد أدَّاها فى بيته وفى المسجد، فصلاة التراويح يمكن أداؤها فى البيت أفراداً أو جماعة على مستوى أفراد الأسر الصغيرة، وهذا أمر متَّفق على مشروعيته بين العلماء، وإنما وقع الخلاف بينهم فى الأفضل: صلاتها فى البيت أو المسجد، وقد أخبر النبى (صلى الله عليه وسلم) أن من اعتاد فعل الخير ثم منعه عذر لا دخل له فيه «كالخوف من الاختلاط بسبب انتشار الوباء، أو نتيجة تقليل أعداد المصلين»، فله أجر فِعله قبل العذر.
ماذا أعدَّت دار الإفتاء المصرية للناس فى شهر رمضان الكريم؟
- تعمل دار الإفتاء المصرية على تطوير خطَّتها لاستقبال الشهر الفضيل كلَّ عام، وهذا العام أطلقنا حملة جديدة تحت عنوان «خلِّى رمضانك أجر»، حيث سيتم إطلاق كتاب جديد إلكترونى ينظِّم لك الوقت خلال شهر رمضان المبارك فيه برامج متعددة: برنامج لربات البيوت، برنامج للموظَّف والعامل، برنامج للطلَّاب. وينقسم الكتاب حسب الوقت أو الفئة العمرية أو التفرُّغ والعمل، ويتضمن تذكيراً بمختلف أنواع العبادات والسنن التى تُعين على طاعة الله.
كما نعمل على تعظيم الاستفادة من الوسائل التكنولوجية لإيصال رسالة الدار خلال الشهر الكريم وظروف جائحة كورونا، وفى سبيل ذلك تعمل دار الإفتاء على تعزيز فريق الفتوى الهاتفية والإلكترونية من أجل إتاحة الفرصة لتلقِّى أكبر عدد من تساؤلات الناس فيما يتعلَّق بالشهر الكريم عن طريق الخط الساخن للدار «107»، هذا بالإضافة إلى زيادة عدد فريق الفتوى الإلكترونية، حيث تستقبل الدار أسئلة المستفتين عبر نافذة لها على موقع دار الإفتاء المصرية على شبكة الإنترنت. كذلك لدينا تطبيق إلكترونى على الهواتف الذكية يهدُف لتسهيل التواصل بين السائلين ودار الإفتاء المصرية، وهو استكمال لمسيرة دار الإفتاء نحو تذليل عقبات وصعوبات عملية حصول المستفتين على إجابات لفتاويهم من ذوى الخبرة والتخصص، فيتاح أيضاً استقبال أسئلة الصائمين فيما يتعلَّق بالشهر الكريم من خلال الأجهزة المحمولة بشتى أنواعها، كما يمكن للسائل مشاهدة جميع أسئلته التى يرسلها إلى دار الإفتاء المصرية فى أى وقت يريده، ويستطيع تمييز الأسئلة المهمَّة لديه، هذا فضلاً عمَّا يعرضه الأبلكيشن من أهم الفتاوى الحديثة المرتبطة برمضان وغيرها.
قلتم إن تحريم التصوير خاص بمن كان فى ذلك الزمان لقرب العهد بعبادة الأوثان... وأنَّ هدم الآثار جريمة فى حقِّ التراث الإنسانى... فما رأى فضيلتكم فيمَن يحرِّمون التصوير ويطالبون بهدم الآثار؟
- أمَّا ما يخصُّ التصوير فعندما سُئل الشيخ محمد نجيب المطيعى عن التصوير الفوتوغرافى فى بداية القران العشرين أجازه، كما كتب رسالة فى مشروعية التصوير الفوتوغرافى، والشيخ المطيعى كان مفتياً حتَّى توفِّى. أمَّا بشأن الآثار، فهى وسيلة لدراسة تاريخ الأمم السابقة التى ملأت جنبات الأرض علماً وصناعة وعمراناً، وقد لجأوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعياً وسياسياً وحربياً نقوشاً ورسوماً ونحتاً على الحجارة. وكانت دراسة تاريخ أولئك السابقين والتعرف على ما وصلوا إليه من علوم وفنون أمراً يدفع الإنسانية إلى المزيد من التقدُّم العلمى والحضارى النافع، وعند الرجوع لفعل الصحابة وتصرفهم تجاه الآثار على أثر انطلاقهم لفتح الأمصار بعد وفاة النبى (صلى الله عليه وسلم)، لم نجد ما يشير إلى قيام الصحابة بهدم الآثار التى وجدوها، ولا مجرد محاولات منهم. أمَّا القول بأن كل الآثار والتماثيل على وقتهم كانت مطمورة بالرمال، فهذا بعيد للغاية، وغير متوافق مع التاريخ، وهذا الفهم بلا شك أخذوه من النبى (صلى الله عليه وسلم).
كان النبى (صلى الله عليه وسلم) يتشوَّق لشهر رمضان الكريم، حيث كان يدعو الله حضور رمضان واغتنامه والتعبد فيه...فكيف يمكننا اغتنام هذا الشهر الفضيل؟
- هناك الكثير من المغانم والمعانى المستفادة من شهر رمضان: منها التدريب على الصبر، وكما بشَّرنا سبحانه وتعالى بأنَّ الصبر جزاؤه الجنة، فيجب ألَّا نخرج منه إلا وقد وعينا هذا الدرس العظيم، بحيث يصبح له مردود على العمل وفى الشارع والبيت وفى كل تعاملاتنا، ولعلَّ هذه المعانى الراقية والقيم النبيلة المبثوثة فى شهر رمضان وشعائره توجِب على المسلم حسن استقباله، والاستعداد لقدومه، والاستبشار بحلوله، واغتنام فرصه، والتعرُّض لنفحاته، حيث إنَّ شهر رمضان مرحلة إيمانية يجب أن يتزوَّد المسلم قبلها بالأخلاق التى تُعينه على الصوم حتى تتحقَّق الغاية الكبرى من هذه العبادة المباركة.
بمَ تنصح فضيلتُكم الناسَ فى شهر رمضان الكريم؟
- شهر رمضان المبارك مناسبة طيبة لتغيير السلوكيات السيئة، وعلينا ضرورة تنظيم الوقت فى شهر رمضان الكريم، ما بين أداء العمل والسعى على الرزق وخدمة الناس والاجتهاد فى مختلف الطاعات، وللصائمين منزلة خاصة فى الآخرة، فبفضل الله يدخلون الجنة من باب خُصِّص للصائمين فقط، ويُغلَق دونهم، وهو باب الريان.
فى تصريحات لفضيلتكم قلتم إنه لا بدَّ من الاستفادة من التراث ولكن بعقل منفتح... كيف يتم ذلك؟ وما قول فضيلتكم لمن ينادى بالاستغناء عن التراث جملة وتفصيلاً؟
- التراث الإسلامى فى مجمله مشرِّف، تعامل بعقل منضبط مع واقعه، والأزمة فى الأخذ بما تمَّ التعامل به فى واقع معيَّن، وتطبيقه فى واقع مختلف مغاير، حيث يتمُّ أخذ المنهج الصحيح لهذه الفتاوى وتطبيقها فى الزمن الحالى، وليس الفتوى نفسها، والجماعات المتطرفة تستند إلى فتاوى مغلوطة، أو تجتزئ من الفتاوى والنص، وهو أمر خطير. وهنا أشير إلى أننا فى يناير 2014 قمنا بإنشاء أول مرصد للفتاوى المتطرفة ويقوم بالرد عليها، كما أصدرنا كتاب التأسلم السياسى لمواجهة الفكر الإخوانى والفكر المتطرف، الذى سبَّب خوفاً للبعض من الإسلام، والمطَّلِع على التراثِ الفقهى الإسلامى يعلم يقيناً أنه قد تناول سائر مناحى الحياة اجتماعياً وسياسياً واقتصادياً، وأنه كما تناول مشكلات عصره ووضع لها المعالجات المناسبة أسَّس كذلك للنُّظم والقواعد الحاكمة لما قد يظهر من قضايا وتحدياتٍ فيما يستقبلُ من زمان.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.