حس بينا ياريس، صبر الناس فاق الاحتمال وأوشك على النفاد، الصدور ضاقت من تصرفات أهلك وعشيرتك، عقارب الساعة لن تعود إلى الوراء، انقشع الخوف، وزال اللاصق من على الأفواه، ولن تكمم بعد اليوم، ولن يتحول الإعلام إلى شماعة تعلق عليها الأخطاء، ولن يكون الإعلاميون سحرة فرعون، أما الخرفان فعارفين أنفسهم. حس بينا ياريس نحن فى سنة تالتة ثورة، شعارها عيش حرية عدالة اجتماعية كرامة إنسانية، حس بينا ياريس، وقل للذين يعلمون أبناءنا فى المدارس أن يحترموا حرية التعبير عن الرأى، وأن يتعاملوا مع التلاميذ على أنهم سيحملون الراية فى المستقبل، ويصبحون قادة الغد. عمر بن الخطاب قال: علموا أولادكم السباحة والرماية وركوب الخيل، كان يريدهم قادة وأبطالاً، ومدارسك ياسيادة الرئيس تبث الرعب والخوف والخنوع فى قلوب التلاميذ، وتعلمهم تقبيل الأيدى وتدربهم على النفاق. حس بينا ياريس فأنت الذى قلت انتقدونى إذا ما أخطأت، شبهت نفسك بالخليفة أبى بكر الصديق وقلت: لقد وليت عليكم ولست بخيركم فإذا وجدتم فى اعوجاجاً فقومونى وإذا وجدتم خيراً أعينونى، فى عهد أبى بكر رفع أحد الصحابة سيفه فى وجه «الصديق»، وقال له: والله لو وجدت فيك اعوجاجاً لقومتك بسيفى، وحاولت ياسيادة الرئيس تقليد عمر بن الخطاب وقلت إنك مسئول عننا جميعاً، لا فرق عندك بين فصيل وآخر، وقلت إنك رئيس لكل المصريين، وقال عمر لو تعثرت بغلة فى بلاد العراق لسئلت عنها أمام الله. فى عهدك ياسيادة الرئيس مش بس البغال تعثرت، البلد كله تعثر، البلد كله يغوص فى كثبان الخلافات ورمال السيطرة وجبال الترويع، وأنهار الدم، وغيوم المستقبل، وظلام الحاضر. «حس بينا ياريس».. قصيدة ألقتها طالبة متفوقة بالصف الثانى الثانوى فى إذاعة المدرسة، صدقت أن عصر الحريم انتهى، وعبرت عن رأيها ورأى جيلها فى «سلبيات المرحلة»، وعن المعاملة السيئة التى يتعرض لها المواطنون بعد الثورة، فكان جزاؤها الإهانة والتهديد بالضرب والإحالة للتحقيق، والتلويح بالفصل، الطالبة ياسيادة الرئيس خايفة علىالحلم يتبدد، خايفة على الثورة تتحول إلى سراب من سوء استخدامها، فقالت فى مطلع القصيدة: ده أنا المصرى ابن البلد حلمى فى وسط الميدان اتولد. حلمى فى بلدى تعلى لفوق وحلمى قدامى اتعرى واتجلد.. إيه الخطير فى هذا الكلام الذى تسبب فى تهديد مستقبل طالبة. الطالبة لم تكفر ياسيادة الرئيس، لكن المربى الفاضل مدرس الرياضيات الإخوانى حاول تأديبها على طريقته، ويعلمها أن البلد ما فيهاش قانون، شفت ياريس المربى الفاضل بيقول إيه للطالبة التى كانت تتحدث عن القانون مع زميلتها.. هل هى كفرت عندما قالت إن هناك قانوناً يعطيها حق التعبير عن الرأى. المربى الفاضل رد عليها قائلاً: «القانون ده عند أمك هناك.. احنا أصلاً فى دولة مفيهاش قانون، ابقى روحى قولى الكلام ده عند أمك. وبعض المعلمين الآخرين تهكموا على الطالبة، ووعدوها بالزيارة فى السجن بعيش وحلاوة، وهى حالياً رهن التحقيق، هل فعلاً نحن فى بلد ما فيهاش قانون ياسيادة الرئيس كما قال أحد المعلمين المنتمين للإخوان، ياتقول لنا آه، ليتعاقب هذا المعلم. سيادة الرئيس يانعلم الطلاب السياسة على أنها الرأى والرأى الآخر يابلاش، وزير التربية والتعليم الراجل الطيب الدكتور إبراهيم غنيم اتهم الإعلام بالإثارة فى هذه الموضوعات، وقال أنا مش فاضى أتكلم فى الكلام الفاضى ده، أمال فاضى لإيه ياسيادة الوزير، فاضى تحشى عقول الطلاب فى الامتحانات بأسئلة تعلمهم النفاق، خد عندك قطعة فى سؤال النحو فى أحد الامتحانات تقول «مرسى قاد المسيرة قيادة واعية، وعمل جاهداً من أجل أن تحتل مصر موقعاً مرموقاً بين دول العالم، وضرب المثل الأروع لشعبه وأمته العربية فى العمل الدءوب والكفاح المرموق، والانفتاح الاقتصادى الجاد، فهو المرآة الصادقة لآمالنا»، بالذمة امتى ده حصل؟!