تصاعدت أمس الأحداث السياسية فى السودان فيما طالبت دول العالم والمنظمات الدولية جميع الأطراف لإيجاد مخرج للأزمة التى عصفت بالسودان الشقيق وأوقعت مئات القتلى والمصابين. وأطلقت قوات الأمن السودانية الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية بكثافة، لمنع وصول المحتجين إلى القصر الرئاسى وسط العاصمة الخرطوم، فى استمرار موجة المظاهرات الغاضبة. فيما اجتمع رئيس مجلس السيادة الفريق عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء «عبد الله حمدوك» دون نتائج. وأغلقت السلطات السودانية الجسور التى تربط العاصمة الخرطوم بضواحيها ونشرت قوات الأمن على عربات مزودة بأسلحة وقطعت الاتصالات بما فى ذلك الإنترنت، قبل تظاهرات «مليونية الشهداء» وإدانة العنف الدموى فى احتجاجات الأسبوع الماضي. واستهدفت الجسور التى تربط بين وسط الخرطوم وأحياء أم درمان وبحري، أكدت المصادر انتشار قوات الجيش والشرطة فى كل الشوارع الرئيسية، بعضها على عربات عليها أسلحة رشاشة. كانت العاصمة الخرطوم قد شهدت فى وقت سابق تصاعداً فى وتيرة الاحتجاجات من جهة وعنف قوات الأمن للرد من جهة أخرى، ما أسفر عن سقوط 5 قتلى من المتظاهرين، حسب لجنة أطباء السودان المركزية. وأكدت اللجنة فى بيانها ارتفاع عدد ضحايا الاحتجاجات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر 2021 إلى 53 بينهم 11 شهيداً هم ضحايا الاتفاق السياسى بين البرهان وحمدوك حسب وصفهم. واتّهمت اللجنة قوات الأمن بقطع الطريق على سيارات الإسعاف وإخراج جريح واحد بالقوة من إحداها، فيما تُظهر العديد من مقاطع الفيديو التى نُشرت الجمعة رجالًا بالزى العسكرى يضربون متظاهرين بالعصي. وأكدت الشرطة السودانية إصابة 297 شخصًا «بينهم 49 شرطياً»، متهمة بعض المتظاهرين بالسعى إلى «تحويل عرض سلمى إلى اشتباكات مع القوات الأمنية». وقال العميد الطاهر أبو هاجة مستشار البرهان لوكالة الأنباء الرسمية إن «استمرار التظاهرات بطريقتها الحالية ما هو إلا استنزاف مادى ونفسى وذهنى لبلده وإهدار للطاقات والوقت». وأضاف أن «التظاهرات لن توصل البلاد إلى حل سياسي». قرر رؤساء الكنائس المسيحية فى السودان إلغاء الاحتفالات لمناسبة حلول العام الجديد وحداداً على الضحايا الذين سقطوا وشهدت بعض وسائل الإعلام والعاملين بها اعتداء من سلطات الأمن السودانية مثل قناتى «العربية» و«الشرق»، ما أثار استياء الأوروبيين ووزير الخارجية الأمريكى أنتونى بلينكن والأمم المتحدة. ودعا تجمع المهنيين السودانيين الكيان المهنى الذى لعب دوراً محورياً فى الانتفاضة التى أسقطت عمر البشير فى أبريل 2019، فى بيان له إلى جعل 2022 «عاماً للمقاومة المستمرة». وقال إنه يدعو «جماهير الشعب السودانى وجموع المهنيين السودانيين والعاملين بأجر فى كل مدن وقرى السودان» إلى «الخروج والمشاركة الفعالة فى المواكب المليونية يوم 2 يناير 2022، فلنجعل منه عاماً للمقاومة المستمرة». أوضحت مجموعة «نت بلوكس» التى تتعقب أعطال شبكات الإنترنت فى حسابها على تويتر «تم تأكيد تعطل الإنترنت عبر الهاتف المحمول فى السودان منذ حوالى الساعة 10,00 بالتوقيت المحلي. وكان البرهان عزل رئيس الوزراء وأعضاء حكومته واعتقلهم فى 25 أكتوبرالماضي. لكنه أعاده إلى منصبه من دون حكومته إثر ضغوط دولية ومحلية فى 21 نوفمبر الماضي.ووقّع الرجلان لاحقًا اتفاقًا لإعادة الانتقال الديموقراطى إلى مساره وطمأنة المجتمع الدولى الذى خفّف من مساعداته بعد تصاعد الأزمة ولم يكن الاتفاق مرضيًا لجميع الأطراف فى السودان، لذلك تواصلت الاحتجاجات فى الشوارع. وطالب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة فى السودان «فولكر بيرتس» بمعالجة، الأمور مشيراً إلى انعدام الثقة بين جميع الأطراف.