قالت الفتاة الراعية ابنة الرجل الصالح »يا أبت استأجره إن خير من استأجرت القوي الأمين«، فبدأت الفتاة بذكر القوة قبل الأمانة، والأمانة مطلوبة دوماً، ولكن ماذا تفعل وحدها في المهام التي تتطلب القوة!! وماذا يفعل الشرف وحده حين يتطلب الأمر وجود الشديد الشريف. ولاشك أن الدكتور عصام شرف قد غزا القلوب سريعاً بما يظهر عليه من الإخلاص والأمانة، وهو ما افتقدناه طويلاً، وهو مثل كل الساسة يحتاج إلي الشعبية لتكون قوة دافعة له تساعده في تحقيق مهامه، لكنني أوجه نصيحة خالصة للدكتور شرف أن يتذكر دوماً أن الشرف وحده لا يكفي للنجاح!! فإذا أراد النجاح فلابد أن يكون القوي الأمين. إن البلاد الآن تمر بظروف مضطربة والبعض أساء فهم الثورة وظن أنها مدعاة للفوضي، وأغلب هؤلاء لم يشاركوا في الثورة أصلاً، ولو شاركوا فيها لما هانت عليهم بلادهم، والبعض من الأفاكين يظن أن الوقت الحالي يمثل مرتعاً له ليلعب كما يشاء، وثعابين الفتن ضاقت عليهم جحورهم واشرأبت رؤوسهم لتنهش في جسد مصر، وانفتحت الساحة لكل زاعق وناعق ليخرج علي الناس بما يشاء، في مثل تلك الأوضاع فإن الأمة تحتاج إلي القوة بمثل ما تحتاج للأمانة وأكثر، وتحتاج للرئيس الحاسم بمثل ما تحتاج للرئيس المحبوب وأكثر. لذا أقترح عليك سيادة رئيس الوزراء أن تستبدل بشيء من الحب شيئاً من الحزم، ولابد من أن تشتد قبضة الدولة علي زمام الحكم، خاصة في مواجهة المظاهرات غير السلمية والتي تصل إلي قطع الطريق وتوقف السكك الحديدية وغير ذلك من أعمال العصيان والتمرد التي يجب أن تجابه بكل حسم. سيادة د. عصام شرف، أنت الرجل الأول في دولة ما بعد مبارك، وستسهم سياساتك بشكل كبير في تشكيل مستقبل الجمهورية الثانية، فإن اتبعت سياسات مريضة عليلة ابتغاء مرضاة الغوغاء وسعياً وراء شعبية علي حساب الحزم في موضعه ستظل الجمهورية الثانية عليلة لأمد طويل وستبوء بإثمها، وإن استصحبت الحزم والحسم وأرضيت ربك وبلادك ولو نلت في ذلك لومة لائم فهذا هو قدر مؤسسي الدول، ساعتها ستولد الجمهورية الثانية بحالة جيدة. لا يجور سيدي أن يتم التهاون مع التظاهرات غير السلمية والتي ينتج عنها قطع الطريق بدعوي أن ثوار التحرير كانوا يقطعون الطريق، هذا من أنكر وأخبث الحجج الباطلة، فإن ثورة التحرير كانت ثورة شعبية شاملة مستندة إلي أغلبية شعبية ساحقة، فأين هذا من تلك التظاهرات الفئوية أو الموضعية، وفي أيام التحرير لم يقطع الثوار السكك الحديدية ولم يقطعوا الطرق، ولم يوقفوا القاهرة، بل كانت السبل ميسرة للوصول إلي التحرير، فأين هذا من قطع السكك الحديدية والطرق وتدمير المرافق؟! كانت أيام التحرير أيام ثورة، فكيف يقيس كل من يعترض علي أمر ما حالة علي أيام الثورة، هل سنعيش في ثورة إلي الأبد. إن قياس هذه العصيانات والتمردات علي ما كان يحدث أيام الثورة قياس باطل في أصله وفي أوجهه، بل هو قياس علي الضد، فإن هذه التمردات هي التي تمثل التحدي الحقيقي والخطير لمصر ما بعد الثورة، وهي فساد وإفساد.. فهل أنتم منتهون، فإن لم ينتهوا فاعلم يا د. شرف أن اللين لا يصلح هؤلاء.. ومن أعياه داؤه فسيف القانون دواؤه. [email protected]