البرلمان: لا إخلاء لمستأجري الإيجار القديم قبل ضمان بدائل سكنية    الدولار ب50.63 جنيه.. سعر العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء 6-5-2025    مش غارة إسرائيلية، أسباب انفجارات واشتعال النيران بمدينة حلب السورية (فيديو)    خبر في الجول - اتجاه داخل الزمالك لرحيل بيسيرو.. والأسماء المرشحة لخلافته    موجة حارة.. بيان مهم ل الأرصاد يكشف طقس اليوم الثلاثاء 6 مايو (احذروا الشبورة)    تامر حسني ومصطفى حجاج يشعلان حفل زفاف رنا رئيس    مؤتمر منظمة المرأة العربية يبحث "فرص النساء في الفضاء السيبراني و مواجهة العنف التكنولوجي"    "READY TO WORK".. مبادرة تساعد طلاب إعلام عين شمس على التخظيظ للوظيفة    نائب وزير السياحة والآثار تترأس الاجتماع الخامس كبار المسؤولين بمنظمة الثمانية    محافظ الغربية: لا تهاون في مخالفات البناء.. واستعدادات شاملة لعيد الأضحى    مصر للطيران تلغي رحلاتها اليوم إلي بورتسودان وتوجه نداء لعملائها    جموع غفيرة بجنازة الشيخ سعد البريك .. و"القثردي" يطوى بعد قتله إهمالا بالسجن    هل يشارك ترامب في جهود وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس؟    إسرائيل تستعد لغزة ب«عربات جدعون»    العالم بعد منتصف الليل.. سلسلة انفجارات تهز حلب.. وقصف خان يونس (فيديو)    شريف فتحي يقيم مأدبة عشاء على شرف وزراء سياحة دول D-8 بالمتحف المصري الكبير    الحوثيون يتوعدون تل أبيب برد قوي على القصف الإسرائيلي لليمن    تشمل السعودية والإمارات وقطر.. جولة لترامب بدول الخليج منتصف مايو    جوتيريش يحث الهند وباكستان على "التراجع عن حافة الهاوية" ويحذر من التصعيد العسكرى    وزير وفنان وطالب :مناقشات جادة عن التعليم والهوية فى «صالون القادة»    موعد مباراة إنتر ميلان وبرشلونة في إياب نصف نهائي دوري أبطال أوروبا والقنوات الناقلة    وكيل كولر يتحدث لمصراوي عن: حقيقة التقدم بشكوى ضد الأهلي.. والشرط الجزائي بالعقد    فرط في فرصة ثمينة.. جدول ترتيب الدوري الإنجليزي بعد تعادل نوتنجهام فورست    مدرب سيمبا: تلقيت عروضًا للعمل في الدوري المصري وهذه الفرق أحلم بتدريبها    لتفادي الهبوط.. جيرونا يهزم مايوركا في الدوري الإسباني    قابيل حكما لمباراة سموحة والطلائع.. ومصطفى عثمان ل زد والاتحاد    5 أسماء مطروحة.. شوبير يكشف تطورات مدرب الأهلي الجديد    الصراع يحتدم، رد حاسم من الأزهر بشأن تشكيل لجان فتوى مشتركة مع الأوقاف    رابط النماذج الاسترشادية لامتحان الرياضيات التطبيقية لطلاب الثانوية العامة 2025    مصرع طالب في حادث مروري بقنا    اليوم.. محاكمة نقاش متهم بقتل زوجته في العمرانية    بالأسماء، حركة تنقلات بأوقاف المنوفية لضبط العمل الدعوي والإداري    إيناس الدغيدي وعماد زيادة في عزاء زوج كارول سماحة.. صور    سفيرة الاتحاد الأوروبى بمهرجان أسوان لأفلام المرأة: سعاد حسنى نموذج ملهم    أصل الحكاية| ديانة المصريين القدماء.. حتحور والبقرة المقدسة بين الرمز والواقع    "كتب روشتة خارجية".. مجازاة طبيب وتمريض مستشفى أبو كبير    احترس من حصر البول طويلاً.. 9 أسباب شائعة لالتهاب المسالك البولية    10 حيل ذكية، تهدي أعصاب ست البيت قبل النوم    رسميًا.. جداول امتحانات الفصل الدراسي الثاني 2025 بالجيزة (صور)    التموين عن شائعات غش البنزين: لم نرصد أي شكوى رسمية.. ونناشد بالإبلاغ عن المحطات    عيار 21 الآن بعد الزيادة الجديدة.. سعر الذهب اليوم الثلاثاء 6 مايو في الصاغة    "المالية" تعلن عن نظام ضريبى مبسط ومتكامل لأى أنشطة لا تتجاوز إيراداتها 20 مليون جنيه سنويًا    "كاميرا وروح" معرض تصوير فوتوغرافي لطلاب "إعلام بني سويف"    على مساحة 500 فدان.. وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي ل "حدائق تلال الفسطاط"    رنا رئيس تتألق في زفاف أسطوري بالقاهرة.. من مصمم فستان الفرح؟ (صور)    4 أبراج «ما بتتخلّاش عنك».. سند حقيقي في الشدة (هل تراهم في حياتك؟)    تعرف على.. جدول الشهادة الاعدادية التيرم الثاني بمحافظة القاهرة    "عيون ساهرة لا تنام".. الداخلية المصرية تواجه الجريمة على السوشيال ميديا    الطب الشرعي يعيد فحص الطالبة كارما لتحديد مدى خطورة إصاباتها    ضبط طفل تحرش بكلب في الشارع بالهرم    رغم هطول الأمطار.. خبير يكشف مفاجأة بشأن تأخير فتح بوابات سد النهضة    جاي في حادثة.. أول جراحة حوض طارئة معقدة بمستشفى بركة السبع (صور)    هل ارتداء القفازات كفاية؟.. في يومها العالمي 5 خرافات عن غسل اليدين    أمين الفتوى يوضح حكم رفع الأذان قبل دخول الوقت: له شروط وهذا الأمر لا يجوز شرعًا    الإفتاء توضح الحكم الشرعي في الاقتراض لتأدية فريضة الحج    ما حكم نسيان البسملة في قراءة الفاتحة أثناء الصلاة؟.. عضو مركز الأزهر تجيب    الدكتور أحمد الرخ: الحج استدعاء إلهي ورحلة قلبية إلى بيت الله    شيخ الأزهر يستقبل والدة الطالب الأزهري محمد أحمد حسن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاطعة.. استفتاء شعبي وخيار دولي

المقاطعة جزء أساسي لا غني عنه في حياة الشعوب - كما تثبت قراءة متأملة في تاريخ الأمم والدول الحديثة - لعملية النهوض والبناء علي أكثر من صعيد، وفي ممارسة المقاطعة الشعبية تربية حيوية للفرد، تجعله يتفاعل مع الأحداث ويشارك في صنعها بعيداً عن السلبية.
والمقاطعة صيغة عملية لإثبات وجود الأمة علي المستوي الداخلي في التعامل مع ما يوصف بالنخب لتنهض بواجباتها علي نحو أفضل، وفي التعامل مع الأنظمة لتؤدي أمانة المسئولية الملقاة علي عاتقها، وعلي المستوي الخارجي ضرورة حتمية في التعامل مع القوي الدولية.
وتعد المقاطعة مطلباً أساسياً لإعادة الأوضاع لمسارها الصحيح، ووسيلة سياسية من وسائل الاحتجاج السلمي، وسلاحاً فعّالاً، ومن أبرز مؤيدي هذا الاتجاه الكاتب شارلز ليندبرج والخبير الأمريكي جون براتون والذي أكد أن المقاطعة مؤشر علي عدم وجود اتفاق كامل علي قواعد اللعبة السياسية واللجوء إليها أمر معتاد في الدول الديمقراطية.
وإذا كان بعض الساسة الغربيون ينظر إلي المقاطعة كوسيلة من وسائل الاستفتاء فإنها بالتأكيد ليست «بدعة» من صنع جبهة الإنقاذ والمعارضة المصرية، فجماعة الإخوان المسلمين نفسها سبق أن قاطعت الانتخابات البرلمانية عندما شعرت بتزويرها، وإذا كان تيار الإسلام السياسي يحرم دعاوي المقاطعة التي يتبناها الشارع المصري هذه الأيام، فلماذا يحلل هذا التيار ذاته مقاطعة الانتخابات في سوريا والأردن وبعض دول الجوار؟.. الجواب في تفاصيل هذا الملف:
«الإخوان»: حلال في الأردن.. حرام في مصر!
يبدو أن مقاطعة الانتخابات في أي نظام سياسي سلاح ذو حدين، ففي الوقت الذي تنجح فيه المقاطعة ترشيحاً وتصويتاً، يكون غطاء الشرعية السياسية والأخلاقية قد نزع عن أية انتخابات جرت فيها المقاطعة. وإذا فشلت هذه المقاطعة تكون إجراءات هذه العملية قد اكتست نوعاً ما من المشروعية، وتحمل مخاطر وصول قوي محددة لا تعبر عن عموم المواطنين للاستيلاء والعبث بالسلطة التشريعية، وتظل المسألة برمتها نسبية في جدوي القرار والحكم علي صوابه وفعاليته.
في الوقت الذي تثار فيه دعوات المقاطعة للانتخابات البرلمانية المقبلة في مصر، دقت طبول كأنها طبول الحرب بين دعاة المشاركة الإسلاميين ومن يسير في ركابهم، سعياً نحو إضفاء مزيد من المشروعية علي نظام يريدون له أن يستمر ويتعاظم رغم كل الجرائم التي ترتكب علي المستويات السياسية والقانونية والدستورية في تنفيذ العملية الانتخابية برمتها من بدايتها وحتي نهايتها، فهم يخشون أن تكون المقاطعة حجر عثرة أمام بناء مشروعهم ومشروعيتهم في الحكم.
وبينما يري الرافضون أن العملية الانتخابية بإجمالها تفتقد إلي المشروعية وتفتقر إلي العدالة وتكافؤ الفرص بين المرشحين من الأحزاب والأفراد، فضلاً عن غياب أية ضمانات نزاهة تتعلق بالإشراف علي هذه الانتخابات وحتي إعلان نتائجها، تدفع جماعة الإخوان المسلمين في مصر بضعف حجج المعارضة في المقاطعة، وتعتبرها هروبا من اختبار شعبي، مؤكدة علي توافر كل ضمانات النزاهة، بينما لا تري المعارضة ذلك وتصر علي موقفها.
ويصبح الأمر مثيراً للسخرية عندما تتابع موقف جماعة الإخوان المسلمين في الأردن، التي قاطعت الانتخابات النيابية السابقة لأسباب تتعلق بسلامة القوانين المنظمة وإجراءات الانتخابات، بل ولا يزال إخوان الأردن حتي الآن يتظاهرون رفضاً للبرلمان الذي قاطعوا انتخاباته.
وبالعودة إلي تصريحات مسئولي حزب جبهة العمل الإسلامي ذراع إخوان الأردن عن افتقاد القانون الانتخابي الصادر عام 2012 إلي «التوافق الوطني» وعدم التزامه بمقررات الحوار الوطني بين الحكومة والمعارضة، وعن الحاجة إلي تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتولي الإعداد للانتخابات مع المطالبة بإرجاء موعدها، وعن التلويح بسلاح المقاطعة في حالة عدم استجابة الحكومة لتعديل القانون، بل وتنفيذ هذه المقاطعة فعلا وخروج الإخوان في مظاهرات حاشدة احتجاجاً علي إغفال مطالب الإصلاح وأيضاً علي بعض القرارات الاقتصادية، ومحاولتهم التوجه إلي الديوان الملكي مرددين شعار «الشعب يريد إسقاط النظام»، تشعر أنك لا تقرأ عن إخوان الأردن، وإنما تقرأ تصريحات صادرة عن مسئولين في الأحزاب التي تتشكل منها جبهة الإنقاذ في مصر، أو التيار الشعبي أو الدستور أو 6 إبريل في مصر.
ويكتمل المشهد أكثر عندما تجد تشابها إلي حد كبير بين المظاهرات الاحتجاجية التي نظمتها المعارضة السياسية في مصر أمام قصر الاتحادية خلال الأسابيع الفائتة وبين المظاهرات التي نظمها إخوان الأردن إلي الديوان الملكي. وتزداد عبثية المشهد عندما ترصد تصريحات المسئولين الأردنيين الرافضة لدعاوي المقاطعة واصفة إياها بأنها تنم عن فشل وإفلاس.
ويضطر المرء أن يتساءل، ما الفرق بين الموقفين - بطبيعة الحال - ربما نسيت جماعة الإخوان المسلمين في مصر أنها اضطرت لمقاطعة انتخابات 2010 بعدما تأكدت أن النظام الحاكم حينذاك لم يكن مستعداً لأن يعطيها حتي الفتات. إذن فالمقاطعة عندئذ فقط تعد خياراً حقيقياً عندما تغيب الثقة في نزاهة العملية الانتخابية.
ما أغضب إخوان الأردن من قانون انتخابات عام 2012 ودفعهم إلي مقاطعة الانتخابات البرلمانية نقطتان، الأولي: هي حصة الأحزاب السياسية من مقاعد البرلمان، والتي كانت في الأصل 17 مقعداً من أصل 140 مقعداً والباقي للمرشحين المستقلين، وبعد تعالي نبرة النقد للقانون طلب الملك عبدالله زيادة نصيب الأحزاب في المجلس، وبالفعل ارتفع من 17 إلي 27 مقعداً مع زيادة إجمالي عدد المقاعد إلي 150 مقعداً، علماً بأن للنساء 15 مقعداً من المقاعد الفردية، وأنه علي المستوي الحزبي يعتبر الأردن دائرة واحدة، أما علي المستوي الفردي فيقسم الأردن لعدد من الدوائر المحلية.
ويطالب الإخوان ومعهم قوي يسارية وقومية وليبرالية بأن تجري قسمة مقاعد مجلس النواب بين الأحزاب والمستقلين لمحاصرة تأثير القبلية والمال السياسي علي اتجاهات التصويت، وهم يعلمون جيداً أنهم يملكون التنظيم ويريدون استثماره، وهذا مفهوم.
أما النقطة الثانية التي أغضبت الإخوان فهي التقسيم غير المنصف للدوائر الانتخابية وذلك من خلال زيادة تمثيل الريف الذي يبرز فيه نفوذ عشائر شرق الأردن، في مقابل الحد من الوزن النسبي للمدن الكبري وبالذات عمان العاصمة التي تمثل المعقل الرئيس لنشاط جماعة الإخوان المسلمين، وأيضاً بؤرة المعارضة الأساسية لسياسات النظام الهاشمي.
وفي مصر أيضاً تمثل قضية تقسيم الدوائر الانتخابية قضية مفصلية في تحديد ما إذا كان المرشحون سيتمتعون بفرص تنافسية متساوية أم لا، وقد نصت المادة 113 من الدستور الذي صنعه الإخوان علي تقسيم الدوائر بما يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات، ولم تنص علي التقسيم بما يتناسب مع أعداد الناخبين، وقد لفت قرار المحكمة الدستورية في بنده الثالث النظر إلي ضرورة إعادة تقسيم الدوائر بحيث يراعي التمثيل العادل للسكان والمحافظات التزاماً بالنص الدستوري المذكور، ومع ذلك لم يلتزم مجلس الشوري، وتمسك بمعيار عدد الناخبين، بل أجري تعديلاً علي الدوائر لا منطق له إلا تفتيت أصوات القوي المدنية عموما والمسيحية خصوصاً.
ويري مراقبون أن ضغوط إخوان الأردن كانت من أجل الحصول علي قانون انتخابي علي المقاس لا يضمن فرصاً عادلة بين المتنافسين، وإنما يزيد من فرصهم هم، بعكس مطالب المعارضة في مصر التي لا تسعي لأكثر من قانون يضمن نزاهة الانتخابات وفرصا متساوية بين المتنافسين.
أيضاً كان إخوان الأردن يطالبون الحكومة ومَن وراءها بإصلاحات تمكنهم من أن يصعدوا إلي الحكم كما جري لإخوان بلدان الربيع العربي، وذهب البعض إلي أن الإخوان يريدون تعديلات دستورية تمس صلاحيات الملك وتحول موقع الملك إلي موقع رمزي وهو أمر مرفوض من الأردنيين لأن فيه تغييراً لطبيعة النظام السياسي الأردني.
ويري محللون أن ثمة اختلافاً بين دعوة المقاطعة التي نفذها إخوان الأردن وتعتزم قوي المعارضة المصرية تنفيذها، وهو أن دعوة إخوان الأردن فشلت بسبب قلة أعدادهم هناك واقتصار تأثيرهم علي العاصمة الأردنية عمان.. وأضافوا أن قرار إخوان الأردن فشل أيضا بسبب وجود خلافات داخلية بين صفوف الإخوان هناك، حيث كان فيهم شق كبير يريد ألا يغضب الملك، ويسعي إلي الوفاق مع العرش، لكن فئة قليلة اختطفت القرار الإخواني، واختارت التصعيد الذي قد يقود إلي مواجهة مفتوحة مع الأجهزة الأمنية.
وربما يكون الوضع في مصر مختلفاً لأن مصر - حسب المحللين - بلداً كبيراً ومتنوع الأطياف والتصويت الانتخابي ليس حكراً علي الإخوان وحدهم وحلفائهم. ويدعم أصحاب هذا الرأي موقفهم بالقول إن مصر شهدت العديد من الاستحقاقات الانتخابية التي تباينت فيها نسب المشاركة، حيث انخفضت نسبة المشاركة إلي ادني مستوي في انتخابات مجلس الشوري، لعدم وجود قناعة من المصريين بجدواه، فيما ارتفعت خلال جولة الإعادة من الانتخابات الرئاسية، مما يعني أن الأرض المصرية ممهدة للقبول بفكرة المقاطعة، إذا تم إقناع المصريين بعدم فاعلية ونزاهة الانتخابات النيابية المقبلة، خاصة أن القوي الداعية للمقاطعة خليط كبير ومتنوع من القوي السياسية.
لكن يبقي قرار المقاطعة شائكاً في آثاره. ففي الوقت الذي تقول فيه صحيفة واشنطن بوست: إن المقاطعة ألقت بظلال من الشك علي شرعية الانتخابات الأردنية، التي يعتبرها المسئولون جزءاً مركزياً من الإصلاحات الديمقراطية التي تقوم بها المملكة بعد عامين تقريبا من الاحتجاجات، إلا أن مبعث الانزعاج الغربي يكمن في أن المقاطعة قد يترتب عليها مصادرة السلطة التشريعية وتقديمها علي طبق من ذهب لقوي بعينها.
الحركة الإسلامية تخوض الانتخابات الإسرائيلية!
تراوحت المواقف بين مقاطع ومشارك في انتخابات الكنيست الأخيرة، ولكل أسبابه السياسية والاجتماعية وسجلت مشاركة فلسطينيي 48 في انتخابات الكنيست هذا العام 2013 نسبة ضعيفة مقارنة بعام 2009 ما شكل مفاجأة للأحزاب العربية المتنافسة، وبرغم النداءات المتكررة من كل الأحزاب العربية في الأراضي المحتلة عام 1948، والمناشدات بالتوجه إلي صناديق الاقتراع، من أجل حماية الأصوات العربية في الكنيست، وعدم خسارة مقاعد للأحزاب المشاركة، قاطع جزء من الفلسطينيين الانتخابات.
وأبدي كثير من فلسطينيي 48 عدم مبالاتهم بالانتخابات، ولم يستجيبوا لنداءات الأحزاب التي أرسلت إليهم عبر أبواق المساجد والكنائس، وبواسطة الهواتف النقالة.
وعند إقفال صناديق الاقتراع سجلت نسبة المشاركة العربية في الانتخابات ب25٪ مقارنة بمشاركة غير مسبوقة للناخب اليهودي تعدت 63٪.
والجدير بالذكر أن حركة «ناطوري كارتا» اليهودية المعادية للصهيونية ووجود دولة اسرائيل، قامت بدفع 100 دولار أمريكي لكل مواطن إسرائيلي يسلمهم بطاقة هويته ورخصة قيادته يوم إجراء الانتخابات الإسرائيلية لضمان عدم مشاركته في حق الاقتراع.
وتبرع أحد قادة الحركة، الحاخام «يكوتيئيل يهودا تيتلبويم»، لكل حركة يهودية متدينة تحث طلابها علي عدم المشاركة في الاقتراع بمبلغ 25 ألف دولار.
وضمن سعيها لتحسين أحوال فلسطينيي 1948 رفضت الحركة الإسلامية في بداية الأمر المشاركة فيها، لأن ذلك يعني إضفاء الشرعية من قبلها علي دولة إسرائيل.
وقبيل انتخابات 1996 وقعت تطورات سياسية في الحركة الإسلامية يمكن أن نطلق عليها «انشقاقاً» في صفوف الحركة، بعد أن قام عبدالله نمر درويش بتأسيس ما سُمي «التيار المعتدل للحركة» الذي تحالف مع الحزب الديمقراطي العربي في وقت لاحق، وخاض انتخابات الكنيست الرابعة عشرة 1996 معه في قائمة واحدة.. ومنذ ذلك الحين انقسمت الحركة الإسلامية إلي 3 تيارات قوية مرتبطة ب 3 شخصيات قيادية، هي:
- التيار الأول يمثله عبدالله نمر درويش، وهو تيار براجماتي (يعايش الواقع) يمتنع عن الاحتكاك بالسلطات، ويميل إلي الاندماج في الواقع الإسرائيلي، ولذلك فقد دفع هذا الاتجاه نحو المشاركة في الانتخابات عن طريق التصويت لمصلحة قائمة عربية حليفة، وهذا التيار أكثر وضوحاً وعلانية في التعبير عن دعمه لعملية السلام واتفاق أوسلو، وذو علاقات قوية بالسلطة الوطنية الفلسطينية.
- التيار الثاني يقوده الشيخ رائد صلاح، وهو يقيم علاقات قوية بالحركات الإسلامية في الضفة والقطاع، وكان موقفه من الانتخابات العامة الإسرائيلية وسطاً بين رفض المشاركة فيها كحركة مع السماح لأنصار الحركة بالتصويت فيها لبناء قوة تصويت عربية، وقد حافظ هذا التيار علي علاقات جيدة بالسلطات الإسرائيلية بعد أن أصبح يحكم العديد من البلديات كي يحصل علي موارد لتمويل المشاريع التطويرية المحلية والخدمات.
- أما التيار الثالث فكان بقيادة الشيخ كمال الخطيب، وهو ذو مواقف علنية متشددة ضد المشاركة في الانتخابات الإسرائيلية.
التيار الإسلامي في سوريا لا يكتفي بها.. ويطالب برحيل «بشار»
بسبب احتكار السلطة في سوريا في يد رئيسها «بشار الأسد» وتمسكه بها وإصراره علي إجراء الانتخابات وعدم إيجاد حلول سياسية للأزمة التي تعيشها بلاده منذ عامين التي حصدت أكثر من 70 ألف شخص، قاطعت عدد من القوي السياسية المعارضة منها التيار الإسلامي و هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة السورية الانتخابات أكثر من مرة لأنها لا تمثل إرادة الشعب، وكان آخرها في 7 مايو 2012.
وأعلن رئيس تيار بناء الدولة السورية لؤي حسين مقاطعة تياره الانتخابات البرلمانية، وهاجمها واعتبرها مؤشراً خطيراً يؤكد عدم اتجاه السلطة للحلول التوافقية مع المعارضة، ما يؤكد عدم نزاهة وشفافية الانتخابات.
وقاطع أيضاً عدد من القوي السورية المعارضة في الداخل مقاطعة انتخابات مجلس الشعب، ورفضت كل من هيئة التنسيق وتيار بناء الدولة السورية والتيار الاسلامي المشاركة في تلك الانتخابات، ورفضوا أي حوار أو لقاء أو مشاركة في ظل العنف والقمع المتواصل من قبل السلطة، وفي ظل قانون الانتخابات الحالي الذي لا يتوافق مع متطلبات المادة الثامنة من الدستور الجديد.
وأكد عضو هيئة التنسيق الوطنية المعارضة عبدالعزيز الخير أن دعوة النظام للانتخابات التشريعية هي محاولة منه لرسم صورة لنفسه علي أنه يقوم بخطوات إصلاحية علي الأرض وفق ما هو مطلوب منه، مشيراً إلي أنه في الحقيقة لا يوجد شيء قد تغير إطلاقاً علي الأرض، بل إن هذه الإجراءات المعلنة تزيد من تمسكه في احتكاره للسلطة.
وفي سياق مقاطعة الانتخابات، كانت العديد من المناطق في سوريا شهدت مقاطعة تامة للانتخابات المحلية، ففي ديسمبر من عام 2011، هاجم متظاهرون بعض مراكز الاقتراع في بلداتهم ومدنهم معلنين رفضهم للمشاركة في أي انتخابات يتم إجراؤها في ظل وجود النظام الحالي.
واقتحم متظاهرون العديد من مراكز الاقتراع للتعبير عن رفضهم لتلك الانتخابات وخصوصاً بلدة مارع في محافظة حلب، وحطم طلبة المدارس صناديق الاقتراع بفرع حزب البعث، مرددين شعارات ترفض تلك «الانتخابات المفبركة جملةً وتفصيلاً».
وفي بلدة القورية بمحافظة دير الزور، وضع الأهالي أوراق في صناديق الاقتراع تحمل عبارات التأييد ل «الثورة السورية» وتشيد بالمدن المنتفضة مثل حمص وحماة ودرعا ومن أبرز تلك العبارات «إعدام السفاح»، و«ارحل» و«يسقط».
كما خرجت مظاهرات تدعو إلي مقاطعة الانتخابات والاستمرار في الإضراب في درعا وريف دمشق وحمص وإدلب وعامودا والقامشلي.
وبالمقابل، خرج وزير الإعلام السوري عدنان محمود وقال: «إن تنظيم الانتخابات البلدية في سوريا، يثبت تصميم السلطات علي إجراء إصلاحات سياسية».
شباب فلسطين: المشاركة في انتخابات «المصالح» شهادة زور
«جربناكم لن ننتخبكم» ذلك هو عنوان الحملة التي أطلقها نشطاء فلسطينيون لمقاطعة الانتخابات الفلسطينية خلال العام الحالي، يوضح النشطاء أن الحملة تهدف إلي مطالبة المجتمع الفلسطيني بمقاطعة الانتخابات القادمة في هذه المرحلة، ويري النشطاء القائمون علي الحملة أن جميع الاحزاب السياسية الموجودة علي الساحة الفلسطينية لا تصلح للحكم، حيث تعمل تلك الأحزاب بعد الانتخابات لخدمة مصالحها الخاصة ورعاية وحماية أبناء الحزب الذي يفوز بالسلطة.
وتفتقد هذه الأحزاب لمعايير النزاهة في عمليات توظيف أو تشغيل العاطلين عن العمل، ويري النشطاء أن الحل يكمن في إعادة السلطة للجماهير لاستكمال مشروع التحرير ثم الحديث بعدها عن السلطة والدولة، ويري أبناء الشعب الفلسطيني أن السلطة والانتخابات اشغلت الأحزاب التي تأسست بالأصل لأجل التحرير والمقاومة بالسلطة وأدت إلي اقتتال تلك الأحزاب فيما بينها إلي الانقسام الشهير بعد انتخابات 2006.
وأوضح النشطاء علي صفحتهم عبر موقع التواصل الاجتماعي «فيس بوك» أن محافظة الخليل الأكثر مقاطعة للتسجيل للانتخابات، في إشارة إلي أن نسبة التسجيل لم تتجاوز 66% من أصحاب حق التسجيل.‬
وتفيد استطلاعات الرأي أن 55% من الشباب الفلسطيني يفتقدون الثقة في الأحزاب، وأن عدداً كبيراً من الشباب يفتقدون الثقة في إمكانية حدوث انتخابات تشريعية أو رئاسية من الأساس، نتيجة الانقسام السياسي الذي مازال عميقاً في الشارع الفلسطيني، وأن ما يجري التوصل إليه من اتفاقات بين حركتي فتح وحماس محاولات لكسب الوقت واللعب بالنار، ويزيد من حالة التوتر أن آلاف الشباب الفلسطيني يغرقون في البطالة، بينما ينشغل السياسيون بمصالحهم ومصالح أبناء تنظيماتهم فقط، وطالما نفس الأحزاب هي المسيطرة فلا فائدة من فوز أي منها بالانتخابات. ويري الشباب أن المشاركة في الانتخابات يعني أن يتحولوا إلي شهود زور علي حد وصفهم.
وللفلسطينيين تجارب عديدة في مقاطعة الانتخابات، فقد قاطعت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» الانتخابات المحلية خلال أكتوبر الماضي، ومنعت إجراءها في عدد من محافظات الضفة الغربية، ورفضت الاعتراف بشرعيتها بل ووصفتها بأنها تكريس للانقسام وتهديد لوحدة الفلسطينيين، واقتصرت المنافسة في الانتخابات علي مرشحي حركة فتح والمستقلين وأعضاء فصائل يسارية، منها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين رغم أن حماس تشكل أغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني «البرلمان».
كما دعا وجهاء عشائر الخليل إلي مقاطعة الانتخابات، وعقدوا اجتماعاً للتباحث حول الأزمة الاقتصادية وقانون انتخاب القوائم في الانتخابات المحلية المقرر إجراؤها الشهر القادم في 94 بلدة وقرية بالضفة الغربية.. وأوضح قاضي القضاة تيسير التميمي أن الاجتماع دعا إلي مقاطعة الانتخابات المحلية إذا لم يجر تغيير قانون انتخاب القوائم والكتل، مشيراً إلي أنه لا يعطي حرية للناخب في اختيار المرشحين، مضيفاً أن الانتخابات لابد أن تجري بالشكل المطلوب وفق ديمقراطية تضمن تحقيق المصلحة العامة لكافة المواطنين خاصة أن الفلسطينيين يعانون منذ سنوات، وطالب الاجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن» بتغيير قانون انتخاب الكتل والقوائم.
وغابت بشكل ملحوظ عن الساحة الشعارات القديمة عن تحرير الأرض والمقاومة، وركز الناخبون علي احتياجاتهم الحالية في وقت التقشف، حيث تعاني السلطة الفلسطينية من أزمة نقدية وتجاهد الحكومة لتوفير رواتب الموظفين.
ويري المحللون أن الطريقة المثلي لقياس التأييد لحركة حماس هي نسبة الإقبال علي التصويت، ففي الانتخابات السابقة بلغت نسبة المشاركة نحو 80%، والانخفاض في هذه النسبة يعني أن ناخبي حماس لم يذهبوا إلي صناديق الاقتراع.
وأظهرت النتائج فوز قائمة حركة فتح الرسمية في العديد من المناطق، لكنها في المقابل خسرت في مناطق أخري مهمة، مثل نابلس حيث تقدمت القائمة الوطنية المستقلة برئاسة القيادي غسان الشكعة بعشرة مقاعدة.. واعتبرت حركة فتح التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس أنها أحرزت فوزاً كاسحاً في الانتخابات المحلية الجزئية بالضفة الغربية، معتبرة التصويت استفتاء شعبياً علي برنامجها السياسي.
كما قاطعت حركة المقاومة الإسلامية «حماس» والجهاد الإسلامي انتخابات الرئاسة في يناير من عام 2005، التي كانت أول انتخابات تشهدها الضفة الغربية وقطاع غزة منذ عام 1996، وانتهت الانتخابات بفوز الرئيس الفلسطيني محمود عباس «أبومازن»، وحصوله علي 66% من الأصوات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.