ما أن أعلن الرئيس المصري محمد مرسي مساء الأحد دعوته للحوار، وهي الثالثة في ثلاثة أشهر، حتى سارعت أطراف المعارضة لرفضها، معتبرة أنها لا تقدم جديدا لرفض مؤسسة الرئاسة مسبقا وبشكل قاطع كل طلباتها. تأتي الدعوة كسابقاتها، في وقت تتصاعد الأزمة السياسية في البلاد، وبالتوازي مع دعوات المعارضة لمقاطعة الانتخابات النيابية المقررة يوم 22 أبريل، والدعوات إلى توسيع العصيان المدني الذي وصل أوجه في مدينة بورسعيد على قناة السويس. وكانت أولى دعوات الرئيس للحوار في 7 ديسمبر الماضي بعد أن حاصر متظاهرون قصر الاتحادية الرئاسي، مطالبين برحيل مرسي بعد الإعلان الدستوري الذي منح بمقتضاه نفسه صلاحيات غير مسبوقة لرئيس دولة، وتلى ذلك اشتباكات عنيفة بين معارضيه ومؤيديه أدت إلى مقتل عدد من المواطنين. في 27 يناير وجه دعوته الثانية إثر مقتل نحو 60 مواطنا في تظاهرات واسعة اجتاحت مصر في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير، والاحتجاجات العنيفة التي تلت الحكم بالإعدام يوم 26 يناير على 21 متهما في قضية أحداث استاد بورسعيد، التي قتل فيها 75 شخصا في فبراير 2012. وصرح المتحدث باسم جبهة الإنقاذ خالد داوود لسكاي نيوز عربية "أننا في الجبهة لا نقبل دعوات للحوار تطرح عبر وسائل الإعلام وفي أوقات مبهمة، إن كانت فعلا هذه الدعوة جادة لكانت تمت عبر طرق رسمية، وبتحديد أسماء الأشخاص التي توجه إليهم". وعرض مرسي دعوته خلال حوار تليفزيوني مع قناة "المحور" المصرية الخاصة، قائلا أنه يدعو جميع القوى السياسية لجلسة حوار وطني غدا لمناقشة ضمانات العملية الانتخابية، وذلك بمقر رئاسة الجمهورية، مؤكدا حرصه على شفافية الانتخابات البرلمانية القادمة. وأذيع حوار الرئيس من الساعة الثانية صباحا حتى الرابعة صباحا بتوقيت القاهرة. وتساءل داوود "كيف لنا أن نقبل حوارا والرئيس قد استهزأ تماما بطلبات المعارضة، وهي توفير ضمانات لإنجاز الانتخابات بشكل يتسم بالنزاهة والشفافية، وإقالة حكومة هشام قنديل، وتشكيل حكومة ائتلاف وطني تضمن إجراء هذه الانتخابات في أجواء نزيهة، إضافة إلى إقالة النائب العام". وقال داوود "لقد تحدث مرسي وكانه رئيس لدولة أخرى وليس رئيسا لمصر، فتكلم عن أهالي بورسعيد على أنهم بلطجية، وقال إنهم هم الذين طلبوا منه فرض حظر التجول، بينما يعلم الجميع أنهم تحدوا هذا القرار منذ اللحظة الأولى، ثم تابع بأن شبه جزيرة سيناء آمنة تماما وأنه ستضخ فيها استثمارات ضخمة لتنميتها وهو إنكار تام للواقع". وعاد ليؤكد "لا يمكن أن نقبل طالما لم نسمع دعوة جادة للحوار، كما أن من أبجديات أي حوار جاد أن تكون تفاصيله ومحاوره محددة. أما هذا فحتى موعده مبهم، إذ قال غدا بينما اللقاء أجري مساء الأحد وأذيع فجر الاثنين ما يحدث لبسا". وقال عبد الغفار شكر رئيس حزب التحالف الشعبى الاشتراكى والقيادى بجبهة الإنقاذ "إن الدعوة إذا كانت متعلقة بقضايا محددة، على رأسها بحث ضمانات الانتخابات ودراسة القضايا التي تشكل نقاط اختلاف على الساحة السياسية الآن، ستكون بمثابة خطوة جيدة تحسب لرئيس الجمهورية، أما إذا كانت هذه الدعوة مفتوحة غير محددة المعالم فستكون كسابقها لا تضيف جديدا في الأزمة". واستنكر شكر في تصريحات صحفية حديث الرئيس عن أن ما يحرك الشارع المصري هي الثورة المضادة، معتبرا أن هذه "حجة تتخذها الرئاسة حتى تتهرب من مطالب الشارع". وأكد شكر أن "ما يحدث في الشارع هو انتفاضة شعبية تعبر عن غضب المصريين، بسبب تردي أحوالهم المعيشية، وعدم تحقق أي من مطالب الثورة". وأبدى الأمين العام لحزب الجبهة الديمقراطية ماجد سامى، استياءه من أسلوب توجيه الدعوة، معتبرا أنها "لا تليق بالرئاسة ولا ترقى إلى دعوات شركه صغيرة للحوار". كما اعتبر أيمن ابو العلا، عضو الهيئة العليا للحزب المصري الديمقراطي دعوة مرسي "غير مجدية" لعدم توافر اجندة محددة للحوار مع القوى الثورية. من ناحية ثانية، أكد مصطفى جمال القيادي باتحاد شباب الثورة أن دعوة مرسى "مرفوضة، ولن يشارك بها الاتحاد، لأن الثقة بين القوى الوطنية ومؤسسة الرئاسة قد "انعدمت بسبب استمرارها في تنفيذ سياساتها الخاصة، وعدم تنفيذ أي شيء مما تم الاتفاق عليه." ورأى متظاهرون في ميدان التحرير أن دعوات الرئيس للحوار "مولود ميت" وتوجه فقط إلى فئة معينة من "الأحزاب التابعة للنظام". وقال محمد محي الدين، أحد معتصمي التحرير، إن "حوارات مرسى مولود مات في الرحم قبل حتى أن يولد، فالدعوات السابقة لم تؤد إلى شيء لأنه لا يريد الاستماع إلى معارضيه، إنما يدعو من يدّعون في العلن معارضته، بينما يوالونه سرا".