أكد الدكتور عبد الحليم منصور ، رئيس قسم الفقه المقارن بجامعة الأزهر ، أنه لا يجوز العصيان المدني من جموع الشعب أو بعضهم كوسيلة للضغط على الحاكم ، مشيرًا إلى أن العصيان ينافي الطاعة الواجبة في قوله تعالى (وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم ) . ويضيف " منصور " ، إن العصيان المدني يؤدي إلى الإضرار بمصالح البلاد العليا ، ومصالح الأفراد ، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام ( لا ضرر ولا ضرار ) أما كونه يؤدي إلى الإضرار بمصالح البلاد فلأن عجلة الانتاج تتوقف ، وتغلق المصانع ، وتقفل المدارس وتتعطل كل مؤسسات الدولة ، وهذا من شأنه - إن تكرر - أن يفقد الثقة في الاقتصاد المصري فضلا عن تدميره وانهياره . ويقول " منصور " : من شأن العصيان المدني أن يلحق الضرر والأذى بكثير من أفراد الشعب كالفقراء والمرضى ومن يبحثون عن لقمة عيشهم كل هذا محرم شرعا قال تعالى (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا ) . ويؤكد " منصور " أن من شأن هذا الأمر أن يؤدي إلى هروب الاستثمارات الأجنبية من البلاد ، الأمر الذي يقلل من فرص الحصول على النقد الأجنبي وهذا من شأنه الإضرار بمصالح البلاد والمواطنين على وجه سواء ويحقق عجزا في الاحتياط النقدي ، فضلا عن خلق موارد جديدة للبلاد يمكن من خلالها سد عجز الموازنة . كما أن العصيان المدني يؤدي إلى غلق المؤسسات التعليمية والخدمية والامتناع عن كل ذلك محرم شرعا ، وما أدى إلى الحرام فهو حرام . ويضيف منصور ، أن العصيان المدني يؤدي إلى التقاعس عن أداء العمل الواجب وقد أمرنا الحق سبحانه وتعالى بعد الفراغ من الصلاة أن نخرج للعمل قال تعالى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ، فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانْتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِنْ فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) والتقاعس عن أداء العمل الواجب حرام ، وفي آية أخرى يقول الله عز وجل (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ). ويشير إلى أننا أمة ألفت الكسل والنوم ، وألفنا التقاعس عن القيام بدورنا الذي دعانا إليه الإسلام ، واستمرأنا الحصول على المعونات من هنا ومن هناك ، وبدلا من أن نقوم لنعمر الصحراء ونعمل على زراعتها حتى نسد احتياجاتنا من القمح والغذاء والدواء ، ندعو إلى مزيد من الكسل ، وعدم الخروج للحياة بحثا عن طلب الرزق بدعوى العصيان المدني . ويقول " منصور " : أذكر الجميع بقول سيدنا عمر : لا يقعد أحدكم عن طلب الرزق يقول اللهم ارزقني فقد علمتم أن السماء لا تمطر ذهبا ولا فضة . ويشير منصور إلى أن العلاقة بين الرئيس والشعب يجب أن تقوم على أساس الطاعة من الشعب ، والتناصح من الرعية له ، وكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر . فلا يجوز لأحد من الرعية أن يشق عصا الطاعة ، ولا أن يخرج على الحاكم ، ولا أن يمتنع عن القيام بما يوجبه عليه الشرع والقانون قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا ) وطالب " منصور " بتقديم واجب النصح للحاكم عندما يخرج عن جادة الصواب فقد ورد في الحديث (الدين النصيحة قلنا لمن يا رسول الله قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم ) ، وقال تعالى (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) . وأكد " منصور " أنه فى حالة الاختلاف حول أمر من الأمور يجب على الجميع أن يردوه إلى الكتاب والسنة قال تعالى (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) .