التأمل فى كتاب الله من اسباب زيادة الايمان وقال تعالى {ومن كان فى هذه أعمى فهو فى الآخرة أعمى وأضل سبيلا} وقال الشيخ الشعراوي من أحسن ما قيل فى تفسير هذه الآية ما جاء عن عكرمة أنه قال : جاء نفر من أهل اليمن إلى ابن عباس رضى الله عنهما فسألوه عن هذه الآية فقال : اقرءوا ما قبلها من قوله تعالى{ربكم الذى يزجى لكم الفلك فى البحر لتبتغوا من فضله } إلى قوله تعالى {وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا} الإسراء: 66- 70 ، قال ابن عباس من كان أعمى عن هذه النعم والآيات التى رآها فهو عن الآخرة التى لم يعاينها أعمى وأضل سبيلا . إن الذين لا يشكرون هذه النعم المحسوسة التى لا تحتاج إلى نظر دقيق أو عقل واسع قد عميت بصائرهم عن الحق ، وغفلت عنه قلوبهم كالذين فقدوا أبصارهم فلا يرون شيئا من المحسوسات ، بل هم أضل من الأنعام التى تسيرها الغرائز ، لأنها معذورة حيث لا يوجد لها عقل كعقل بنى آدم . أما من له عقل وعطله فهو متعمد للضلال فكان أضل من الأنعام . ولقد عبر الله سبحانه عن الذين لم يستجيبوا له عقيدة وسلوكا بأنهم عمى فقال :{ومن أعرض عن ذكرى فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى . قال رب لم حشرتنى أعمى وقد كنت بصيرا . قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى . وكذلك نجزى من أسرف ولم يؤمن بآيات ربه } طه : 124 -127 ، فالذين عميت بصائرهم هم فى الحقيقة عمى عن الهدى ، ولا مانع أن يحشرهم الله يوم القيامة عمى الأبصار، جزاء وفاقا بما كانوا عليه فى الدنيا من عمى البصائر . أما من فتح الله بصائرهم فاتبعوا الحق فإنهم يحشرون يوم القيامة بيض الوجوه ، يسعى نورهم بين أيديهم وبأيمانهم حتى لو كانوا فى الدنيا ممن امتحنهم الله فى أبصارهم لكنهم رأوا قدرته وأحسوا نعمه بقلوبهم وبصائرهم ، وكم فى الحياة من مكفوفى الأبصار هداهم الله إلى الحق وأعلى منزلتهم ، وفى التاريخ قديمه وحديثه علماء وصالحون من هذا النوع.