يسأل الكثير من الناس هل يجوز الطهارة من أجل حمل المصحف فأجاب الشيخ الشعراوي رحمه الله وقال اتفق الأئمة على حرمة حمل المصحف ومسه للحائض و النفساء والجنب ، ولم يخالف فى ذلك واحد من الصحابة ، لكن جوزه داود وابن حزم الظاهرى . ومما استدل به الأئمة قول الله تعالى { إنه لقرآن كريم * فى كتاب مكنون * لا يمسه إلا المطهرون } الواقعة : 77-79 ، بناء على أن المراد بالكتاب هو المصحف ، وأن المس هو اللمس الحسى المعروف . وقد نوقش هذا الدليل بأن الكتاب المكنون فسره بعضهم باللوح المحفوظ ، والمطهرون هم الملائكة . أو أن الكتاب لو أريد به المصحف فالمطهرون هم المطهرون من الشرك ، لأن المشركين نجس وصحح ابن القيم فى كتابه " التبيان فى أقسام القرآن ص 141 " أن المراد بالكتاب هو الذى بأيدى الملائكة ، وأورد فى ذلك عشرة وجوه ذكرتها فى الجزء الثانى من موسوعة الأسرة . كما استدل الأئمة بحديث عمرو بن حزم فى الكتاب الذى أرسله النبى معه إلى اليمن وفيه " لا يمس القرآن إلا طاهر " رواه النسائى والدارقطنى ، وقال ابن عبد البر : إنه أشبه بالمتواتر ، لتلقى الناس له بالقبول ، وقال بعض العلماء : إن إسناده حسن ، لكن النووى حكم بضعفه ، لأن فى إسناده راويا ضعيفا . واستدلوا أيضا بحديث ابن عمر مرفوعا " لا تمس القرآن إلا وأنت طاهر " ذكره الهيثمى فى " مجمع الزوائد " وقال : رجاله موثقون . وقال الحافظ : إسناده لا بأس به لكن فيه راو مختلف فيه . ودليل داود وابن حزم على عدم حرمة حمله ومسه ما ثبت فى الصحيحين أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث كتابا إلى هرقل فيه آية { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء ... } وهو وغيره ممن أرسلت إليهم الكتب لا يتطهرون من الجنابة ، وأجاب الأئمة على ذلك بأن الرسالة لا تسمى مصحفا ولا مانع من ذلك مثل حمل كتب الدين التى فيها قرآن . من هنا نرى أن حمل المصحف أو مسه للحائض والجنب أدلة تحريمه لم تسلم من المناقشة ، واحتراما للمصحف يكون حمله أو مسه لغير المتطهر مكروها على الأقل ، هذا فى حال الجنابة ، أما إذا كان هناك حدث أصغر فالحكم كما يلى : 1 - جمهور العلماء على حرمة مس المصحف وحمله ، وذهب إليه مالك والشافعى وأبو حنيفة فى إحدى الروايتين عنه ، وأدلتهم هى الأدلة السابقة بالنسبة للجنب . 2 - جوز بعض العلماء ذلك ، وذهب إليه أبو حنيفة فى إحدى الروايتين عنه ، كما جوزه داود بن على . وقد استشنى بعض المحرمين لحمل المصحف ومسه مع الحدث الأصغر- الصبيان الذين لم يبلغوا الحلم ، لحاجتهم إلى حفظ القرآن وتيسيره عليهم ، على أن الصبى لو تطهر فطهارته ناقضة لعدم صحة النية منه ، ويقاس عليهم الكبار المحتاجون لحفظ القرآن ، أما من أجل التعبد فلا بد من الطهارة . هذا ، وقراءة القرآن بدون مس للمصحف أو حمله جائزة لمن عليه حدث أصغر ، وذلك باتفاق الفقهاء ، وإن كان الأفضل الطهارة ، وبخاصة إذا كان يقصد التعبد ، فالعبادة مع الطهارة أكمل وأرجى للقبول . "راجع الجز الثانى من كتابى : موسوعة الأسرة تحت رعاية الإسلام " ففيها توضيح أكبر.