مع اعتزام الحكومة لطرح أذون وسندات خزانة بقيمة 52.5 مليار جنيه خلال شهر فبراير الجارى مما يرفع من حجم الدين المحلى الذى وصل إلى معدلات حرجة قياسا إلى الناتج الإجمالى للدولة. حذر مصرفيون من سياسة الحكومة الحالية فى الاستدانة من الجهاز المصرفى والاعتماد عليه فى توفير احتياجاتها التمويلية خاصة أنها تستخدمها فى سداد الأقساط المالية التى حان استحقاقها. فقد بلغ اجمالى الدين المحلى 1238،1 مليار جنيه (تريليونا ومائتين وثمانية وثلاثين مليار جنيه) 80% منها تستحق على الحكومة، بقيمة 990.5 مليار جنيه بزيادة 182.4 مليار على العام المالى الماضي، فى حين تبلغ مديونية بنك الاستثمار القومي 148.5, مليار جنيه بنسبة 14.9% من اجمالى الدين، والباقى ويمثل 5.1% مستحق على الهيئات الاقتصادية بقيمة 63 مليار جنيه. وأكد عدد من المصرفيين عن تخوفهم من اتجاه البنك المركزى لطباعة النقود لمواجهة احتياجات الدولة دون أن يقابلها زيادة فى الناتج المحلى ممثلة فى السلع والخدمات بما يزيد من حجم التضخم الذى وصل إلي 6.22 % وارتفاع الأسعار. مطالبين بسرعة العمل على تحقيق الاستقرار على المستويين السياسى والاقتصادى حتى تعود الحياة فى جميع القطاعات. أحمد قورة رئيس البنك الوطنى السابق حذر من اتباع الحكومة سياسة الاستدانة من الجهاز المصرفى، متمثلة فى طرح أذون خزانة وسندات حكومية على البنوك بما يحمل الحكومة بأعباء مالية عالية، متخوفا من عدم قدرة الحكومة الحالية من السيطرة والتحكم فى الدين المحلى الذى تجاوز حاجز 1.5 تريليون جنيه. وانتقد «قورة» عدم وجود استراتيجية واضحة لدى الحكومة لمواجهة هذه المشكلة حيث تلجأ إلى الاستدانة بطرح عطاءات أذون خزانة وسندات حكومية على القطاع المصرفى من خلال وزارة المالية لسداد مستحقات مالية حان وقت سدادها واستحقاقها. وكشف عن تخوفه من اضطرار البنك المركزى إلى طباعة النقود لتغطية احتياجات الحكومة والتى قدرت خلال فبراير الجارى فقط بنحو 52.5 مليار جنيه مشيرا إلى أن عملية طبع النقود لن يقابلها سلع وخدمات بما ينذر بموجات تضخمية وارتفاع فى أسعار العديد من السلع والخدمات فضلا عن ارتفاع الدولار ومايترتب عليه من طفرات سعرية وزيادات جديدة فى الأسعار. وقال أحمد آدم الخبير المصرفى مضيفا أن الدين الخارجى تخطى 35 مليار دولار وبذلك تزيد نسبة الدينين المحلى والخارجى على الحدود الآمنة والتى لا يجب أن تتجاوز 60% من الناتج المحلى الإجمالى، مشيرا إلى ضرورة أن تغير الحكومة استراتيجيتها فى التعامل مع أزمة الدين المحلى أو الخارجى لأن كبح جماحه أصبح خارج السيطرة وينذر بأزمة جديدة تضاف إلى الأزمات المتراكمة التى يعانى منها الاقتصاد المصرى. أضاف «آدم» أن الحكومة الحالية تسير على نفس نهج الحكومات السابقة، والتى كانت تتلاعب بالمؤشرات الاقتصادية حتى تظهر بقيمة تغاير قيمتها الفعلية، خاصة بعد الأزمة المالية العالمية ضاربا مثالا بالناتج المحلى الذى بدأ يقاس بالأسعار الجارية وليس بالأسعار الثابتة حتى تصبح قيمته عالية ومن ثم تنخفض قيمة المؤشرات الاقتصادية الأخرى كنسبة من الناتج المحلى. وعن كيفية التحرك للحد من ارتفاع معدلات الدين المحلى قال طارق كمال مدير بقطاع تمويل الشركات ببنك الإسكندرية سان باولو إن هناك عدة بدائل لمواجهة ارتفاع حجم الدين المحلى أهمها الاستثمار المباشر وزيادة تحويلات المصريين من الخارج وعودة السياحة إلى معدلاتها الطبيعية وتنشيط الصادرات مشيرا إلى أن كل الموارد تحتاج سيادة الاستقرار السياسى والاقتصادى حتى تعود إلى ما كانت عليه. فيما أشارت الخبيرة المصرفية بسنت فهمى إلى زيادة أوجه الإنفاق الحكومى بسبب ارتفاع المرتبات والمعاشات وتثبيت العمالة، مما مثل ضغطاً على موازنة الدولة فى ظل انخفاض الإيرادات. قائلة بأن انخفاض موارد الدولة من النقد الأجنبى ضغط على قيمة الجنيه وأدى إلى انخفاض قيمته مقابل الدولار، وبالتالى ارتفاع تكلفة الاستيراد فضلا عن انخفاض التصنيف الائتمانى للدولة بما يرفع من تكلفة الاقتراض الخارجى مشيرة إلى أن كل هذه الأمور وغيرها تزيد من الأعباء المادية على الحكومة وتضطرها إلى زيادة الدين سواء المحلى أو الخارجى. أضافت أن الوسيلة الآمنة لخفض الدين المحلى هى العمل على تحقيق الاستقرار فرأس المال جبان واحتلال مصر المركز الرابع من حيث عدم الأمان يمثل خطورة كبيرة على الاقتصاد المصري.