سعت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية في مقال تحليلي إلى رصد بعض التغييرات الحادثة في دول الربيع العربي بعد ثوراتها، ومتسائلة إلى أي درجة ستصل الديمقراطية في تلك البلدان. واستهلت الصحيفة تحليلها قائلة: "إن اغتيال أبرز شخصيات المعارضة العلمانية في تونس ألقى بسحابة سوداء على ما كان يأمل العديدون في أنها تجربة سوف تخدم كنموذج للتحول الديمقراطي في البلدان التي جرفها الربيع العربي، ولكن الحقيقة المخزية هي أن العديد من الثوارت أدت إلى تجدد الديكتاتوريات، والخبر السار هو أن الانتقال الطويل يمكن أن يؤول في النهاية إلى ديمقراطية مستقرة." وأوضحت الصحيفة أنه للأسف استبدلت معظم الثورات الحكومات الاستبدادية بأخرى ديكتاتورية مع توالي النكسات والإخفاقات، حيث يسعى الرئيس المصري "محمد مرسي" إلى إحكام قبضته على زمام الأمور في البلاد كما كان النظام البائد من خلال إضفاء الطابع الإخواني على مؤسسات الدولة. وفي تونس، ضرب الحزب الإسلامي الحاكم "النهضة" بالمعارضة العلمانية عرض الحائط، واستقال حزب الوسط العلماني من الحكومة الائتلافية في العاشر من فبراير الماضي بعد موجة من الاحتجاجات واسعة النطاق. وذكرت الصحيفة أنه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية، انفجر في العالم ما يقرب من 50 ثورة كبيرة أدت إما إلى الإطاحة بالأنظمة الديكتاتورية وإما إلى الإصلاح السياسي في الديمقراطيات المعيبة، مشيرة إلى أن ثلث تلك الثوارت التي حدثت في ظل الانظمة المستبدة أسفرت إلى الإنتقال إلى الديمقراطية. ولفتت الصحيفة إلى أنه مع استقرار الديمقراطيات التي انبثقت من رحم الثورة، إلا انهذ الا يعني أن عملية الإنتقال ستكون سريعة وبدون عوائق، ولكن تلك الدول ما زالت تتمتع بمزيد من التفاؤل نحو الحريو الديمقراطية الكاملة. وذكرت الصحيفة أن السيناريو الأسوأ في تلك الفترة هو العودة إلى الديكتاتورية كما حدث بعد الثورة الفرنسية أو في السودان بعد استقلالها. ومضت الصحيفة تقول أنه في كل من مصر وتونس يتصدر المشهد السياسي مجموعة من النخبة القدامى مع مجموعة من النخبة الصاعدين في أعقاب الثورات. ففي مصر، اكتسب الجيش المصري حصانة من التحقيق والبت في ميزانيته، في حين يعود الرئيس "محمد مرسي" إلى أساليب "مبارك" في خمد الاضطرابات الشعبية من خلال فرض حالة الطوارئ. وفي تونس، ما زال جهاز الأمن الذي عمل في ظل عهد الرئيس السابق "زين العابدين" يحفظ مكانه في الحكومة الحالية وسط محاولات الإسلاميين لفرض سيطرتهم واستقطاب العلمانيين.