سؤال محير لا يوجد له إجابة.. أمام الهجوم الشرس الذي تتعرض له نساء مصر.. من نظام الحكم الحالي. فبعد ثورة 25 يناير المجيدة.. اختار تيار الإسلام السياسي بخطة ممنهجة الانغماس في الحياة السياسية للبلاد.. فكان ما كان من لجنة التعديلات الدستورية وما تلاها من استفتاء مارس الذي حاد بالبلاد وانحرف عن المسار الطبيعي للأمور بأن يستوجب إعداد الدستور أولا.. ثم إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية.. ولكن اجريت الانتخابات أولا.. ومازلنا نعاني من تبعات ذلك من ارتباك وانقسامات تزداد شدة يوما بعد يوم فعندما أجريت الانتخابات البرلمانية وفاز الإخوان بالأكثرية وليس بالأغلبية.. كان من المتوقع ان تكون أولويات نواب تيار الإسلام السياسي البدء في طرح وتشريع ما يحقق أهداف الثورة.. العيش، والحرية، والعدالة الاجتماعية، والكرامة الإنسانية التي يستحقها المواطنون جميعا بلا استثناء.. ولكن للأسف علي مدي فترة انعقاد البرلمان قبل أن يُحل لعدم دستوريته.. كان الموضوع الأساسي المطروح من قبل نواب وأيضا نائبات من التيار الإسلامي.. محاولة سلب حقوق اكتسبتها المرأة المصرية علي مدي مسيرتها الطويلة من الكفاح.. وأيضا محاولة محاصرتها باقتراح مشاريع قوانين تُعيدها إلي عصور الحريم والجاهلية. وبدا وكأن كل ما تعانيه البلاد من مشاكل جادة كان وراءها النساء اللواتي لم يقرن في بيوتهن.. وهذا يدل علي أن نواب ونائبات من التيار الإسلامي ليسوا علي علم بأن 35٪ من الأسر المصرية تعولها النساء فما مصير تلك العائلات إذا توقفت المرأة عن العمل؟ والأكثر من ذلك ان إحدي النائبات.. أرجعت جرائم التحرش والاغتصاب إلي النساء أنفسهن!! والحمد لله.. إنه لم يستمر بقاء برلمان ما بعد الثورة طويلا.. وإلا كنا وصلنا إلي وأد البنات.. وليس فقط ما طرح بزواج الفتيات الصغار القصر.. مخالفين ما صدقت مصر عليه من اتفاقيات دولية تجرمه وتعتبره اتجاراً بالبشر. أما ما صارت إليه الأحوال في الآونة الأخيرة فيدعو لشديد الحزن وعميق الأسي.. لارتكاب جرائم تحرش بالنساء ممنهجة لا تُنفذ بعفوية بل بتخطيط.. في الاعتصامات والمسيرات خاصة في «ميدان التحرير» الذي أصبح ذا قيمة عالمية وكمزار للكثيرين من الأحاديث عندما تطأ أقدامهم أرض مصر.. ومما يؤكد أن التحرش مقصود هو اختيار الضحايا من سيدات فضليات البعض زوجات لشخصيات لها مكانتها في المجتمع.. كذلك لفتيات ناشطات في الثورة.. ويعلم الجميع جيدا ان ذلك لمنع النساء في المشاركة لاستكمال أهداف الثورة. والمستغرب أن خلال «18 يوم» الأولي من الثورة كانت الفتيات جنبا بجانب الشباب.. والتعامل كان بينهم غاية في الاحترام والأخوة والمودة.. وكانت الفتيات والشباب يفترشون أرض الميدان يهتفون معا بمطالبهم من الثورة وينشدون معا في حب الوطن ولم يقع حادث تحرش واحد!!! أما ما جاء من حديث رئيس الحكومة د. هشام قنديل خاصة بالنسبة للنساء.. فيعتبر صفعة علي وجه الحكومة قبل أن يسيء إلي النساء في الريف.. فكان مستوي الحديث بالغ التدني في ألفاظه وفي تصويره للأمور.. إلي الحد الذي لا يتصور أن يخرج عن أي مسئول فما بالك برئيس مجلس الوزراء.. مثل ما قيل من ألفاظ وأوصاف.. تطعن الكرامة، وتجرح الشيوخ الذي يتمتع به أهل ريف الصعيد. إن ما أصاب المرأة المصرية من إساءات بالغة لم تتعرض لها من قبل ومحاولات الإقلال من مكانتها.. تجلي ذلك من ممارسات نظام الحكم الحالي.. وفي مواد الدستور غير المتوافق عليه.. ولذلك أصبح من المستوجب ان يراجع رجال النظام الحالي تاريخ الوطن ودور نساء مصر فيه.. فمن الواضح ان كفاحها وعطاءها غائب عنهم.. ففيه الكثير الذي يفتخر به.. مثل مشاركتها في (ثورة عرابي) ومواقفها ضد الحاكم (الخديو)، وضد النفوذ الأجنبي الفرنسي والبريطاني في الجيش.. وأشاد العالم الخارجي حينذاك بنضالها.. واعتبر ان المرأة المصرية غيرت النظرة التقليدية للمرأة في الشرق. أما في ثورة (1919) فقد كان هناك رجال عظماء رفعوا شعلة الحرية والتنوير .. شملت الأمة كلها برجالها ونسائها.. وتقاسمت المرأة المصرية الكفاح.. واستشهدت نساء في الثورة و(شفيقة محمد) كانت أول من استشهد من الثوار علي يد المستعمر البريطاني.. وكانت المرأة المصرية داعية للوحدة الوطنية تحميها وتحافظ عليها.. وكانت تصر (سيدات الوفد) علي عقد اجتماعاتها في (الكنيسة المرقسية).. وكان للمرأة المصرية دائما دور في مساندة الاقتصاد الوطني.. فتبرع بكل ما لديها من مال وحليها الذهبية لإنشاء بنك مصر مدفوعة بحبها للوطن. في حين كان البعض يسعي للحصول علي مكاسب خاصة ولجماعته. الكلمة الأخيرة هو فيه إيه؟؟ مازال السؤال مطروحا أمام ما تتعرض له نساء مصر من غبن وظلم وقلة تقدير من القائمين علي نظام الحكم الحالي، وأعضاء تيار الإسلام السياسي عامة.. فليعلموا أن ما حصلت عليه نساء مصر من حقوق.. لم يكن منحة.. بل كان حصاد كفاح طويل.. بذل فيه عرق ودماء لأكثر من قرن من الزمان!!