جمع القدر خلال شهر مايو الجاري حدثان مؤلمان ومستمران في تأثيرهما، حيث تصادف وفاة الكوميديان الكبير سمير غانم قبل أيام من الذكرى السنوية الأولى لنظيره الكوميدي حسن حسني، التي تصادف مثل هذا اليوم من عام 2020، حيث توفي عن عمر يناهز 89 عاماً إثر أزمة قلبية مفاجئة في أحد مستشفيات القاهرة. وبمناسبة تلك الصدفة نريد أن نبحث في تاريخهما ليست الأعمال والأفلام والمسرحيات والدراما كالتي تطرقنا إليها سابقاً، بل سنبحث عن كيف استطاعا الوصول إلى قلوبنا والمكوث فيه على مرور عقود أعمالهم. الذكرى الأولى لرحيل حسن حسني جاءت الصدفة القدرية بدور مؤثر حيث لحق به وفي نفس الشهر بعد عام قبل ذكراه بأيام قليلة، رحيل علامة كوميدية أخرى لن تتكررر ألا وهو سمير غانم، عن عمر يناهز 84 عاماً، جراء مضاعفات فيروس كورونا الذي أصيب به في مطلع رمضان الماضي. وبين عام 2020 و 2021، فقدنا أهم رمزين من كوميديا مصر والعالم العربي، تركوا أعمالهم ودكرياتهم وضحكاتهم الخالدة في قلوب جميع محبيهم في منطقة العالم العربي أجمع، ظل حزن فقدانهم بمرور الوقت وخاصةً عند عرض أعمالهم الكوميدية الثمينة، سواء القديم منها أو الجديد. الصفات المشتركة بين كوميديا سمير غانم وحسن حسني - الصفات الكوميدية واذا استطردنا الحديث عن كوميديا غانم وحسني والصفات المشتركة بينهما، سنجد 3 صفات قلما نجدهم بأفضل شكل عن الكوميديان، أولها "العفوية" التي ميزت ضحكاتهم ومواقفهم وقفشاتهم عند الجمهور، خروجها في ظل الموقف دون عناء أو مجهود سلبي فتنطلق الضحكة من المتلقي من القلب بدون مجهود أيضاً منه، وثانيها "التلقائية" التي تُكمل العنصر الأول، فهما وجهان لعملة واحدة لتثبيت الموقف الفكاهي لدى المتفرج دون ابتذال أو تصنُع الذي يفقد الموقف الكوميدي هيبته . أسباب وفاة سمير غانم وفاة سمير غانم ونجد الصفة الثالثة هي "الواقعية" بمعنى وضع المشهد الكوميدي بالقرب من واقعية المشاهد دون الاستخفاف أو الاستهزاء الزائد به، كانا قادران على تخفيف عدد من المواقف الواقعية المؤلمة إلى حدث كوميدي خفيف للتخفيف من وقعه على المتفرج، أو إرسال رسالة واقعية داخل طيات كلمات فكاهية، فتصل الرسالة بدون واقعية زائدة عن اللزوم، فينتج عنه مشهد واقعي كوميدي فكاهي يرافق المشاهد على مدار عمره، وأكبر مثال لذها هو "كوميكس" التي تمتلىء بها صفحات مواقع التواصل الإجتماعي المختلف من بعض مقتطفات أعمالهم، وسنجد انها مستمرة إلى وقتنا هذا مهما مر على هذه الأعمال عقود من الزمن، تظل عند المتابع بنفس عنفوانها دون الشعور بالسنوات التي مرت عليها. - الصفات الشخصية وبعيداً عن أثر كوميديا غانم وحسني عند المشاهد، اذا دخلنا في عالمهم المهني، نجد أهم صفة شخصية ومهنية مشتركة بينهما هي "الاستمرار"، حيث ظلا يعطيان فنهما وإسمهما وجمهورهما "لآخر نفس"، حيث كان آخر ظهور فني ل حسني قبل وفاتة بشهور قليلة، من خلال مسلسل "سلطانة المعز" للفنانة غادة عبد الرازق حيش شارك فيه كضيف شرف في أحداثه، بينما غانم ظل يقدم للمسرح قبل أيام من وفاته، حيث قدم آخر مسرحياته بعنوان "لما الزهر يلعب" التي تعرض الآن على إحدى المنصات الترفيهية الشهيرة، إضافة إلى مشاركته في حملة دعائية لصالح إحدى شركات الإتصالات الكبرى مع ابنته إيمي، وكان من المفترض ظهوره في مسلسل "عالم موازي"، للفنانة دنيا سمير غانم، لكن كورونا حالت دون استكماله وتم تأجيل تصويره، لإصابة عدد من طاقم العمل بالفيروس. - سر "شهرة العطاء" ونضيف عليها صفة "العطاء"، فلم يبخلا يوماً على جمهورهما بالعطاء الفني، كرّس أوقاتهما فقط لسعادة المشاهد دون البحث عن الإسم الأول في "أفيش"، أو البطولة المطلقة ، وما إلى ذلك، فحصلا على "شهرة العطاء"، لم يهتما سوا بالضحكة والأثر الطيب في نفوس مشاهدينهم خارج الفن أو داخله. لن نستطيع إنكار ألم فقدانهم وخسارتهم الكبيرة برحيلهما، لكن مايعزينا هو وجود إرث فني ضخم لهما، السيرة الفنية والشخصية الطيبة التي يتمتعان بهما طوال مسيرتهما الفنية التي تزيد عن نصف قرن، فسنطل نستمتع بها على مدار أجيال وأجيال، ليس الاستمتاع بالمشاهدة فحسب، بل الاستمتاع بتفاصيل النجاح والعطاء والاستمرارية والتجدد على مدار عقود وأجيال مختلفة، فهما مدرسة فنية متحركة عبر الأجيال للمشاهد ولكل فنان يهوى تقديم الكوميديا، فعلى قدر صعوبتها تكمن سهولتها. اقرأ أيضاً.. بعد عقود من عرضهم..12 فيلم شبابي معاصر لكوميديا الراحل حسن حسني صور.. في ذكرى وفاته الأولى| حسن حسني الأب الروحي لأبناء الكوميديا الشبابية ترك كلية الشرطة واكتأب بسبب وفاة شقيقه..مراحل فاصلة في حياة سمير غانم الفنية برحيل سمير غانم.. مصر تفقد آخر ضلع من (ثلاثي أضواء المسرح)