كشف الدكتور إبراهيم البيومى إمام وخطيب مسجد السيدة زينب عن قيم التسامح فى الإسلام، مؤكدًا أنه من القيم الإنسانية الراقية، والمبادئ الإسلامية الفاضلة، وحقيقته: حب الخير للناس، واحترامهم وتقديرهم، واللين في التعامل معهم، ومقابلتهم بالإحسان، ورؤية فضلهم وحسناتهم، والصفح عن أخطائهم وزلاتهم، قال الله تعالى لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم :( فاصفح الصفح الجميل). والعفو من معاني التسامح التي ينال صاحبها أجرا عظيما، قال سبحانه:( فمن عفا وأصلح فأجره على الله). وأضاف أن للتسامح في المجتمع صورًا عدة، وأهمها ما يكون بين الزوجين من تعامل على أسس من التسامح والتغاضي عن الزلات، وإقالة العثرات، والمودة والألفة، واللين والرحمة، تحقيقا لقوله تعالى:( وجعل بينكم مودة ورحمة). حتى تصفو الحياة الزوجية، ويسعد أفراد الأسرة، ويكون الأبوان قدوة لأولادهم في التسامح وحسن التعامل، فينشأ أولادك أيها الأب الكريم والمربي الفاضل على التسامح فيما بينهم، واللين في معاملاتهم، والعفو عن أخطاء بعضهم بعضا، فينجحوا ويسعدوا في حياتهم، وإدارة أسرهم، ويكونوا متحابين مترابطين، فيما بينهم متآلفين، مهما واجهوا من تحديات، أو عصفت بهم خلافات، فإن التسامح يكون لهم رفيقا، والمحبة إلى الجنة طريقا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحد أصحابه :«أتحب الجنة؟». قال: نعم. قال:« فأحب لأخيك ما تحب لنفسك». ومن صور التسامح ما يكون في المعاملات بين الناس، من بيع وشراء، وتجارة وقضاء، قال النبي صلى الله عليه وسلم :« رحم الله عبدا سمحا إذا باع، سمحا إذا اشترى، سمحا إذا اقتضى». وفي هذا الحديث الشريف: دعا النبي صلى الله عليه وسلم بالرحمة والبركة لمن تحلى بالتسامح وحسن المعاملة، ومعالي الأخلاق ومكارمها، في بيعه وشرائه، وطلب قضاء حقه، فمن أحب أن تناله بركة دعوة النبي صلى الله عليه وسلم فليكن سمحا. فإذا رجوت الرحمة من ربك، وأردت البركة في كسبك، والسعة في رزقك؛ فكن متسامحا مع الآخرين في تعاملاتك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« اسمح يسمح لك». أي: عامل الخلق الذين هم عباد الله بالمسامحة، يعاملك سبحانه بمثله في الدنيا والآخرة. وقال بعض الحكماء: أحسن إن أحببت أن يحسن الله إليك. وكم في المجتمع من أناس هينين لينين متسامحين عاملوا الخلق بالإحسان ؛ فأحسن الله تعالى إليهم، وبارك لهم، ووسع أرزاقهم. أيها المتسامحون: إن من صور التسامح وأكثرها انتشارا، تقدير الناس جميعا واحترامهم، واللين لهم، وتلك رحمة من الله تعالى يقذفها في قلوب من يشاء من عباده، قال سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم :(فبما رحمة من الله لنت لهم). ولما اشتكى رسولناصلى الله عليه وسلم لربه عناد قومه قائلا:( يا رب إن هؤلاء قوم لا يؤمنون). أمره الله تعالى بالصفح عنهم، ومسالمتهم، فقال عز وجل:( فاصفح عنهم وقل سلام فسوف يعلمون). وذلك أمر الله أنزله إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقد أمركم سبحانه أن تقتدوا به، فكونوا متسامحين فيما بينكم، ومع غيركم، فإن التسامح والمعاملة بالحسنى واللين مبدأ إنساني وواجب شرعي يحترم كرامة الإنسان، فهو حق للناس جميعا على اختلاف أعراقهم وأنسابهم وألوانهم وأديانهم، قال تعالى:( ولقد كرمنا بني آدم). وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :« الناس بنو آدم، وآدم من تراب». ولقد عامل الإسلام غير المسلمين بتسامح ولين، وقرر مبدأ ( لا إكراه في الدين). ووضع أسسا من البر والإحسان في التعامل معهم، وقدم لنا صورة راقية تبين كيف يكون التعاون الإنساني القائم على التسامح واحترام حقوق الآخرين، وأثر ذلك في البناء الحضاري، حيث حرص النبي الكريم صلى الله عليه وسلم على توطيد العلاقات بين المسلمين وبين غيرهم من سكان المدينة على أساس من التسامح، فكانت وثيقة المدينة خير دليل على ذلك. وقد أمرنا أن نتعامل بالعدل والإنصاف فيما بيننا ومع غيرنا؛ فقال عز وجل:( يا أيها الذين آمنوا كونوا قوامين لله شهداء بالقسط ولا يجرمنكم شنآن قوم على ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوى واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون). فاللهم زدنا تسامحا، ومحبة وتآلفا، ووفقنا لطاعتك أجمعين، وطاعة رسولك محمد صلى الله عليه وسلم وطاعة من أمرتنا بطاعته، عملا بقولك:( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم وذكر الدكتور ابراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب قائلا: إن التسامح قيمة عظيمة، تؤلف بين الناس، وتقرب بين الشعوب، فيتعاونوا ويتعارفوا، وذلك مطلب شرعي، قال تعالى:( يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا). والتسامح يغرس المحبة في النفوس، ويحول الخصومة إلى مودة، والعداوة إلى محبة، قال تعالى:( ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم). وإن الدولة حاضنة لقيم التسامح والسلم والتعددية الثقافية،اللهم إنك قد مننت علينا بوطن التسامح؛ فاجعل العفو شيمتنا، والتسامح خلقنا، والتراحم سلوكنا، والعطاء دأبنا. اللهم زدنا سعادة وطمأنينة وهناء؛ وأدم السعادة على وطننا وبيوتنا وعلى أهلينا وأرحامنا. اللهم ارحم شهداء الوطن الأوفياء، وارفع درجاتهم في عليين مع الأنبياء، وأجز أمهاتهم وآباءهم وزوجاتهم وأهليهم جميعا جزاء الصابرين يا سميع الدعاء. اللهم انشر الاستقرار والسلام في بلدان المسلمين والعالم أجمعين. الدكتور إبراهيم البيومى امام وخطيب مسجد السيدة زينب