يتعرض محيط حرم منطقة المسرح الرومانى الأثرية الشهيرة بالإسكندرية لهجمة شرسة من مقاولى البناء فى ظل الانفلات الأمنى والرقابى الذى تعانى منه المدينة وغياب الرقابة الأثرية والجهاز التنفيذى فى المحافظة. رصدت «الوفد» عمليات بناء مكثفة لمبان خرسانية داخل وعلى امتداد اسوار المنطقة الاثرية والتى يحظر القانون البناء بداخلها أو بجوارها لخطورتها على الأثر العالمى، إضافة إلى فتح الباب على مصراعيه لمافيا الآثار لنهب القطع المدفونة فى باطن الأرض فى حرم المنطقة الاثرية . استغل المقاولون الاحداث التى تمر بها الإسكندرية وكذلك موقع البناء الذى يقع فى الجزء الخلفى لمداخل وأبواب المنطقة الاثرية وارتفاع أرض البناء عن مستوى شارع النبى دانيال و انشغلوا فى عمليات البناء المخالف «على قدم وساق» أعلى «شارع منحدر» يضم مبانى لشركات تأمين حكومية وفى غياب الرقابة من المسئولين عن الآثار بالإسكندرية. يذكر ان المسرح الرومانى بالإسكندرية من آثار العصر الروماني، ويرجع لبداية القرن الرابع الميلادي، وهو المسرح الرومانى الوحيد فى مصر. وتم اكتشافه بالمصادفة أثناء إزالة التراب للبحث عن مقبرة الإسكندر الأكبر بواسطة البعثة البولندية عام 1960، وأطلق عليه الأثريون اسم المسرح الرومانى بعد اكتشاف الدرجات الرخامية، وثار جدل كبير حول وظيفة هذا المبنى الأثرى الذى استغرق التنقيب عنه حوالى 30 سنة. وواصلت البعثة البولندية بحثها بالاشتراك مع جامعة الإسكندرية، إلى أن تم اكتشاف بعض قاعات للدراسة بجوار المدرج فى شهر فبراير 2004، ومما غير الاتجاه القائل بأن المدرج الرومانى عبارة عن مسرح؛ كقاعة محاضرات كبيرة للطلاب، وفى الاحتفالات استخدم كمسرح. وأكدت الدراسات المقارنة بينه وبين المسارح المشابهة التى اكتشفت فى اليونان وإيطاليا ومسرح مدينة «جرش» أنه ليس مبنى للمسرح، لأن مبنى المسرح عادة ما يكون على شكل حرف C أو نصف دائرة حتى يتمكن الجالسون على الأطراف من المشاهدة، فضلًا عن صغر حجم المبنى بالنسبة لعدد سكان الإسكندرية القديمة فى ذلك الوقت، وما كان لها من قيمة ومكانة حضارية مرموقة، ومن هنا يمكن لنا تسميته ب«المدرج الروماني»، ويتكون من 13 صفًا من المدرجات الرخامية مرقمة بحروف وأرقام يونانية لتنظيم عملية الجلوس، أولها من أسفل من الجرانيت الوردى الذى استخدمه المهندس كأساس لباقى المدرجات، ويوجد أعلى هذه المدرجات 5 مقصورات كانت تستخدم لعملية النوم لم يتبق منها إلا مقصورتان، وسقف هذه المقصورات ذو قباب تستند إلى مجموعة من الأعمدة، وكانت وظيفة تلك القباب حماية الجالسين من الشمس والأمطار، بالإضافة إلى دورها الرئيسى فى عملية التوصيل الجيد للصوت وسقطت هذه القباب إثر الزلزال القوى الذى تعرضت له الإسكندرية فى القرن السادس الميلادي. وتستند المدرجات إلى جدار سميك من الحجر الجيرى يحيط به جدار آخر، وتم الربط بين الجدارين بمجموعة من الأقواس والأقبية، ويعتبر الجدار الخارجى دعامة قوية للجدار الداخلي، واستخدمت مراميك الطوب الأحمر هذا الجدار، وهو الطراز السائد فى المبانى الرومانية عامة، حيث إن له دورًا معماريًا فى التقوية، كما أنه يعطى شكلًا جماليًا للمبني، وأنشىء بين الجدارين ممر مغطى بالأقبية يحيط بالمبنى كان يستخدمه العاملون بالمبني. وتقع فى منتصف المدرج منطقة «الأوركسترا» التى كانت تستخدم كمكان لعزف الموسيقى تثبتها دعامتان رخاميتان ثم صالتان من الموزايك ذو زخارف هندسية فى المدخل، ويقع جهة الغرب فى العصر البيزنطى. وكان المبنى فى العصر الرومانى ذا مدخلين، أحدهما جهة الشمال والآخر جهة الجنوب، من خلال بابين مقوسين فى الجدار الخارجى تم غلقهما بعد ذلك فى العصر البيزنطى، إلى جانب وجود حجرتين كبيرتين فى المدخل، إحداهما جهة الشمال والأخرى جهة الجنوب، كانتا تستخدمان كأماكن انتظار فى العصر الرومانى فى شارع من العصر الرومانى يسمى ب«شارع المسرح» وهو عبارة عن شارع عرضى رئيسى من شوارع الإسكندرية القديمة التى توجد فيها أساسات لفيلا من القرن الأول الميلادى.