قادت الزيادات الفلكية التى حدثت مؤخراً فى أسعار الخامات العالمية للصلب كل منتجات المعادن دون استثناء إلى الارتفاع الجنونى نتيجة انتعاش حجم الطلب على شراء الخامات مع انخفاض المعروض بالتزامن مع بدء تعافى الإقتصاد العالمى طبقاً لتأكيدات البنك الدولى من تداعيات وباء كورونا. وطالت الزيادات أسعار الالمونيوم، والنحاس ، والزنك ناهيك عن الارتفاعات الجنونية فى أسعار الأسمنت والذى بلغت نسبة الزيادة فيه إلى 54 % على مدار الأربعة أشهر الماضية . وسجلت الزيادة فى سعر طن الالمونيوم نحو 81%، حيث كان أقل سعر للطن العام الماضى 1406 دولار ، ووصل حاليا إلى 2545 دولار. وارتفع سعر النحاس من 4476 دولار للطن العام الماضى إلى 10 آلاف و 567 دولار للطن العام الحالى بنسبة زيادة تصل إلى 136 % ، وزادت أسعار الزنك من 1800 دولار العام الماضى إلى 2998 دولار بنسبة زياده تقدر بنحو 67 %. أما عن أسعار حديد التسليح والمسطحات، فقد شهد السوق المحلى ارتفاعات تبدو غير مسبوقة فى أسعار حديد التسليح، والمسطحات، ووصلت بالفعل إلى مستويات قياسية من مايو الماضى إلى الآن، حيث ارتفعت الأسعار 3 مرات وبلغ إجمالى الزيادات 750 جنيهاً فى سعر الطن، ليتجاوز سعر طن حديد التسليح ال " 14 " الف جنيها، وسعر طن المسطحات إلى 20 ألف جنيها . وترتب على الارتفاعات الكبيرة فى الأسعار المحلية ردود افعال واسعة النطاق تجاه المصانع وصلت لدرجة اتهامها بأنها تقوم برفع الأسعار من تلقاء انفسها ، وأن هناك مصانع كبيرة بعينها هى التى تقود المصانع الأخرى لإجراء هذه الزيادات ، وأن كل هذه الزيادات غير مبرره على الإطلاق، وبعد كل زياده فى السوق المحلى يخرج علينا رئيس شعبة بعينها بالغرف التجارية ويطلق تصريحات جوفاء لا تمت للحقائق بصلة من قريب أو بعيد ، ولأن فاقد الشىء لا يعطيه ، يتحدث عضو الغرفه بلغة إنشائيه لا تستند إلى أية أسانيد وحقائق مبنية على أرقام البورصات العالمية متهماً على طول الخط أصحاب المصانع بأنها تقوم برفع الأسعار بشكل غير مبرر مما يؤدى إلى ترسيخ مفاهيم خاطئة لدى المستهلك الذى يصب غضبه على أصحاب مصانع الحديد فى نهاية الأمر ، ويتهم بالجشع وإرتكاب ممارسات إحتكاريه. ولأن لغة الأرقام لا تكذب ولا تتجمل نكشف فى السطور التالية من واقع الأرقام والإحصائيات الصادرة عن كبرى المراكز المتخصصه فى أبحاث الصلب فى العالم وعلى راسها منظمة الصلب العالميه ،و "فاست ماركتس" الأسباب الحقيقيه وراء الإرتفاعات الكبيرة التى حدثت مؤخرا فى أسعار منتجات الصلب خاصة حديد التسليح والمسطحات فى السوق المحلى ليدرك المستهلك، والمسئول الألمعى فى الغرف التجارية أن الأسعار المحليه تخضع فى المقام الأول والأخير لأسعار الخامات بالبورصات العالمية وليس وفقاً للأهواء ومصالح أصحاب المصانع. مع الأخذ فى الإعتبار أن مصر مستورد صافى للخامات المستخدمه فى إنتاج حديد التسليح والمسطحات وغيرها من منتجات الصلب وهما الخرده ، وخام الحديد أو " الايرن اور" وهما الخاماتان الرئيسيتان فى الإنتاج . بالنسبه للخردة نقول أن الخرده الموجوده فى مصر لا تشكل أكثر من 10 % من الاحتياجات الفعليه للمصانع ، وتضطر المصانع إلى استيراد كل إحتياجاتها من الخرده من كل فج عميق بأسعار باهظه ومتغيره ولا تخضع لأية قواعد ثابتة، وعليك أن تتعاقد مجبراً إذا كنت صاحب مصنع صلب لمدة ثلاثة أشهر، أو شهرين، على الأقل لتأمين إحتياجاتك من الخرده مع الإشاره إلى أن السعر الذى ستشترى به من الخارج غير خاضع للجدال ، ولا هناك مجال للبيع " شكك " ، أو بالآجل على طريقة اللافته التى يضعها أصحاب الأكشاك ودكاكين البقاله " الشكك ممنوع والزعل مرفوع " ! من الاسبوع الثالث من أبريل ارتفعت أسعار الخرده بمقدار 70 دولار للطن ليصل سعر الطن إلى 500 دولار بعد أن كان 430 دولار ،ونظرا لان كل طن حديد يحتاج إلى طن و 200 كيلو خرده تصبح الزياده فى تكلفة الإنتاج 84 دولار اى ما يعادل 1320 جنيها . أما بالنسبة لخام الحديد فقد قفزت أسعاره إلى مستويات لم تشهدها من قبل نتيجة التدافق فى الطلب مع إنخفاض حجم المعروض فى مصادر التوريد الرئيسية فى استراليا والبرازيل ، فمع بداية العام الحالى زادت أسعار خام الحديد من 181 دولار إلى 261 دولار " سيف " وبزياده 80 دولار فى طن الخام ،تصبح الزياده فى تكلفة الطن الواحد نحو 120 دولار " حوالى 900 جنيه للطن " مع الإشاره إلى أن 70 % من الزيادة فى أسعار الخام قد حدثت من منتصف أبريل الماضى. الأمر الذى يؤكد أن الزيادات السعرية التى حدثت فى الأسبوع الأول من مايو وقدرها 550 جنيها لا تغطى 30 % من ذيادات التكلفه الفعليه فى تلك الفتره.ترتب على هذه الذيادات العالميه تحمل المصانع المتكامله وشبه المتكامله ومصانع الدرفله ايضا أعباء كبيرة فى تكاليف التشغيل الإنتاج، مع التأكيد على أن الضرر الأكبر وقع على المصانع المتكامله وشبه المتكاملة. حيث بلغ إجمالى الزيادة فى تكلفة إنتاج الطن فى المصانع المتكاملة منذ بداية العام الحالى الى الآن نحو 1682 جنيها بعد الزيادة فى تكلفة خام الحديد بنحو 107 دولار علما بأن الزياده فى طن خام الحديد كانت 71 دولار ،وطن الحديد يستهلك طن ونصف الطن من الخام، وبلغ إجمالى الذيادة فى المصانع شبه المتكامله 849 جنيها نتيجة إجمالى الزيادة فى تكلفة الخرده والتى سجلت نحو 54 دولار علما بأن الذياده فى طن الخرده كان قد وصل إلى 45 دولار ، وطن الحديد يستهلك طن و200 كيلو خرده، لتكون المحصله النهائية مؤلمة وهى زيادة فى تكلفة الخامات، وصلت إلى 1266 جنيها فى المتوسط، واكبها ذياده فى أسعار حديد التسليح بلغت فى المتوسط نحو 570 جنيه فى الطن . وتؤكد منظمة الصلب العالمية أن هناك ذيادات كبيره فى حجم الطلب مع إنخفاض كبير فى المعروض العالمى الأمر الذى نتج عنه ذيادات كبيره فى أسعار كافة منتجات الصلب التى تزامنت مع تطورات اقتصاديه عنيفه فى اوروبا وأمريكا بالتزامن مع أحداث كورونا والتى كان من أبرز تداعياتها الإنكماش الحاد فى الأسواق على مستوى العالم ، وتوقف الأنشطة الصناعيه والتجارية. الأمر الآخر هو عودة الصين وبقوة إلى معدلات نمو غير مسبوقه بلغت 18.3% فى الربع الاول من عام 2021 , مقابل 2.9% لاحظت فى عام 2020 . يضاف إلى ذلك ان الصين أعلنت عن خططها لإغلاق 22 مليون طن سنويا من الطاقات الإنتاجية للصلب فى إطار سياستها الإقلال من الانبعاثات الكربونية المسببة التلوث البيئى الحاد . كما ألغت الصين الحوافز التصديريه البالغه نحو 13 % علما بأنها تقوم بتصدير 45 مليون طن من منتجات الصلب سنويا لتعد اكبر لاعب اساسى فى إنتاج الصلب فى العالم واسواق التصدير العالمية.