«يا هندسة يا هندزة» لن تفرق كثيراً، فقد تفرق دم الكلمة بين القبائل، فأصلها فارسى وبعد سيرها على الخط المستقيم وبعدها عن الانحراف واللف والدوران على الدائرى أخذت من لغة التركى كلمة «باش» لتصير «باشمهندس» رئيس المهندسين مثل «باشكاتب» رئيس الكتبة، واستراحت فى مستودعها بالقلعة فى عهد محمد على باشا فأصبحت «المهندسخانة» فقد أنشأ محمد على مدرسة للهندسة فى القلعة بعد أن رأى أن فى أناء مصر نجابة وقابلية لمعرفة، «شعب فهلوى يسلك فى الحديد» فكان من طلابها أولاد البلد ومماليك الباشا وجعل معلمهم «حسن أفندى» المعروف ب«الدرويش الموصلى»، يقرر لهم قواعد الحساب والهندسة وعلم المقادير والياسات، والارتفاعات واستخراج المجهولات مع مشاركة شخص «تركى» يقال له «روح الدين أفندى»، وأحضر لهم آلات هندسية متنوعة من أشغال الإنجليز يأخذون بها الأبعاد والارتفاعات والمساحة، ورتب لهم شهريات وكساوى فى السنة، «أكل ومرعى وحتة صنعة» واستمروا على الاجتماع بهذا المكتب، وسموه «مهندسخانة» فى كل يوم من الصباح إلى بعد الظهيرة، ثم ينزلون إلى بيوتهم ويخرجون فى بعض الأيام إلى الخلاء «المواقع» لتعلم مساحات الأراضى وقياساتها، وذكر «على باشا مبارك» فى كتابه الخطط التوفيقية الجديدة» أن مدرسة «المهندسخانة» كان يؤخذ منها نجباء المدارس أو المتفوقين للسفر فى البعثات العلمية المختلفة، وأطلق على الخريج مهندساً، وللعلم الهندس - كما جاء فى لسان العرب - من أسماء الأسد وأسد هِنْدِس أى جرىء، والمهندس: المقدر لمجارى المياه والقُنِىّ، وهو مشتق من الهنداز، وهى فارسية ويقال فلان هُنْدُوس هذا الأمر وهم هنادسة هذا الأمر، أى العلماء به.