مع التراجع الغريب فى مستوى فريق بيراميدز، رغم رصد أصحاب النادى ملايين الجنيهات لدعم صفوفه، تجددت المخاوف من استمرار تدنى مستوى الدورى المصرى، وانحصار المنافسة بين الأهلى والزمالك، وهو ما أفقد المسابقة القوة وتنوع المنافسة واكتشاف نجوم جدد يخدمون المنتخبات الوطنية. لاشك أن البعض كان يحلم بنجاح تجربة بيراميدز وتكرارها من أجل الارتقاء بمستوى مسابقة الدورى فى ظل الاختفاء القسرى للأندية الشعبية التى تحولت إلى كومبارس تعيش على أمل البقاء فقط فى دورى الأضواء بعيدًا عن أى أحلام أخرى. كشف فشل تجربة بيراميدز، ومن قبلها الجونة والنجوم، عن حاجة الاستثمار الكروى إلى لوائح جديدة تضمن وجود أندية قوية وليس مجرد باحثين جدد عن مكاسب مادية من وراء بيع اللاعبين لتتحول هذه الأندية إلى مجرد دكاكين جديدة تبيع اللاعبين فقط لا غير. وأكد فشل ظاهرة الأندية الخاصة وأندية المؤسسات على ضرورة إعادة النظر فى دور الأندية الشعبية التى تحولت إلى مجرد ذكرى، وأصبح مصيرها مربوطًا بمن يتولى مسئولية مجلس الإدارة، ووضح هذا بشدة فى أكثر من نادٍ مثل المصرى البورسعيدى، الذى ارتبط نجاحه فى السابق على الراحل سيد متولى، ثم كامل أبوعلى، وفى الأسكندرية ارتبط نادى الاتحاد السكندرى باسم محمد مصيلحى، وفى الإسماعيلى تنوعت الأسماء ولكن للأسف رغم وجود أحد أبرز هذه الأسماء وهو إبراهيم عثمان إلا أن سياسته فشلت فى تحقيق أى جديد للنادى.. وتستعرض الوفد فى السطور التالية الأزمة على أمل أن تتحرك الدولة، ممثلة فى وزارة الرياضة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه. منافسة معدومة: منذ عام 2002 ولم يخرج لقب الدورى الممتاز خارج أحضان قطبى الكرة المصرية الأهلى والزمالك، وظلت سيطرة القطبين مستمرة، ويبدو أن المشهد سيستمر خلال الأعوام المقبلة من دون تغيير. لم يعرف الدورى الممتاز طعم المنافسة على التتويج خلال الأعوام العشرين الأخيرة، رغم ارتفاع القيمة التسويقية للدورى بخلاف ضخامة سوق الانتقالات وظهور العديد من التجارب الاستثمارية التى استبشر المتابعون بها خيراً لتحريك المياه الراكدة، وإشعال المنافسة على اللقب، ولكن النتيجة لم تتخط حدود التمثيل المشرف وأحلام المربع الذهبي. وتحولت أندية الدورى إلى كومبارس للأهلى والزمالك ولم تستطع أن تكسر احتكار القطبين وحتى فى الموسم الحالى يبدو الصراع مكرراً بين الأهلى والزمالك لاقتناص البطولة. ونشر الاتحاد الدولى «فيفا» تقريراً مطولاً قبل أسابيع عدة بأن الأهلى قتل المنافسة فى الدورى الممتاز بسيطرته التامة على اللقب وسط مناوشات بعيدة عن الزمالك، الذى فاز بالدرع فى آخر 20 عاماً 3 مرات فقط، مواسم 2001 – 2002 و2002 – 2003 و2014 – 2015. الوكلاء.. سر فشل تجارب المليونيرات: ظهرت فى الدورى الممتاز تجارب استثمارية عدة مميزة بدأت فى بداية الألفية بظهور أندية قطاع البترول، وعلى رأسها إنبى وبتروجيت وبترول أسيوط، ولكن مع مرور الوقت خفت بريق هذه الأندية التى لم تستطع أن تنافس على الدورى، واكتفى إنبى بحصد الكأس مرتين 2005 و2011. واعتمد إنبى فى الفترة الأخيرة مع تقليل الميزانية على اكتشاف بعض المواهب الصاعدة وبيعها لأندية الأهلى والزمالك وبيراميدز، وهو ما حدث فى صفقات عدة مثل أحمد رفعت وصالح جمعة وأكرم توفيق وعلى لطفى وأسامة جلال. وبدأت بعض التجارب الواعدة فى الظهور مثل سيراميكا كليوباترا والبنك الأهلى وقبلهما الجونة وسموحة ووادى دجلة ومصر المقاصة. وعانت هذه الأندية من أزمة أساسية وهى سيطرة الوكلاء على فكر الإدارة لدرجة أن بعض الأندية لجأت لتعيين وكلاء لاعبين فى مناصب إدارية. وأفسد هؤلاء الوكلاء أفكار الأندية من فكرة بناء أجيال مميزة تستطيع المنافسة ومزاحمة القطبين إلى مجرد سوق انتقالات مفتوحة كل موسم لاكتساب الأموال. فريق الجونة على سبيل المثال، على رغم أن ملكيته تؤول لأحد أكبر رجال الأعمال سميح ساويرس، إلا أن الأمور تسير فى هذا النادى من سيئ لأسوأ منذ سنوات بعدما تحول إلى مجرد نافذة للاعبين لتسويقهم مع منح حقوق إدارته للوكيل نادر شوقى، ثم انتهاء التعاقد والاعتماد على حسام الزناتى الذى كان مسئولاً بالشركة التى يملكها شوقي. وتكرر المشهد نفسه فى سموحة، الذى يرأسه رجل الأعمال فرج عامر، ولكنه بات يستهدف بيع اللاعبين بشكل أكبر من المنافسة على الألقاب، على رغم أن سموحة نجح فى عام 2014 فى ترك بصمة بالتأهل لنهائى الدورى والكأس. وتبقى التجربة الأبرز لفريق بيراميدز مع مالكه السابق تركى آل الشيخ، الذى أشعل المنافسة موسم 2018 – 2019 بعد خلافه مع الأهلى، ولكن الأمور تحولت لمسار مختلف مع المالك الحالى الإماراتى سالم الشامسى، الذى لا يبدو مهتماً بالفريق وترك مقاليد الأمور كافة فى يد وكيل اللاعبين ممدوح عيد، الذى فشل فى إدارة الفريق، وأفسد سوق الانتقالات بصفقات ضخمة من دون مردود واضح. الأندية الشعبية فى خبر كان: تحولت الأندية الشعبية إلى خبر كان فى ظل ارتباطها بوجود أفراد بعينهم لعلاج المشاكل والأزمات. الاتحاد السكندرى تطور بشكل كبير مع رئيسه محمد مصيلحى، ولكن الأمور داخل زعيم الثغر تدور حول مصيلحى فقط، وفى حالة رحيله سيعود الفريق سنوات للوراء. وتهدد الأزمة المالية الإسماعيلى والمصرى أيضاً، وتحولت المشاكل الإدارية والمعاناة الواضحة لعقبة ضخمة تهدد هذه الأندية، بخلاف أن أسوان وغزل المحلة لا يملكان القدرات المالية التى تسمح لهما بالمنافسة، وإن كانت هناك بوادر أمل فى نادى غزل المحلة بوجود اهتمام من وزير قطاع الأعمال التابع له شركة غزل المحلة من أجل عودة الفريق من جديد للمنافسة فى الدوري. الإسماعيلى مع رئيسه الحالى إبراهيم عثمان لم يجد الإدارة الحكيمة التى تسمح له بإدارة موارده بالشكل المطلوب، أو حتى تبرعات رئيسه، أحد أكبر رجال الأعمال، وتأثر الدراويش بوجود بعض الوكلاء حول رئيس النادى، الذين قادوه للابتعاد عن المنافسة. هذه هى الصورة من دون رتوش أو تجميل، وفى كل الأحوال سيكون الضحية هى المنتخبات الوطنية التى عانت فى السنوات الأخيرة من نقص كبير فى العديد من المراكز.