مقابلة العنف بالعنف تخلق الفوضى، ندين العنف فى كل مكان، وندين أحداث العنف التى وقعت أمام قصر الاتحادية، ونطالب بالحفاظ على سلمية الثورة، ونتمسك بالحوار الجاد الذى يحمل مقومات النجاح للخروج من الأزمة الحالية. وفى المقابل نرفض الاستخدام المفرط للقوة من جانب قوات الأمن المركزى مع المتظاهرين، والذى أدى إلى مصرع الشاب محمد قرنى برصاصة فى الرقبة، وإصابة العشرات أمام قصر الاتحادية فى أحداث أمس الأول. كما يعيد مشهد الشاب المسحول أمام القصر إلى الأذهان أسوأ فترات حكم مبارك، هذا الأسلوب الهمجى فى تعامل قوات الأمن مع المواطنين يجب أن يتوقف فوراً، هناك قانون يجب أن يطبق، لقد ولى عهد السحل والنفخ والمعتقلات، إن العنف المنهجى والقمع الوحشى الذى يمارس على المتظاهرين يتعارض مع حقوق الإنسان، سحل عامل المحارة وتعريته فى الشارع هو سحل واعتداء على كل القيم والمبادئ الإنسانية. لقد قامت الثورة المجيدة ضد العنف والتعذيب وكانت أول مطالبها إقالة «العادلى» وإعادة هيكلة وزارة الداخلية، واستبعاد القيادات الفاسدة، وكنا نعتقد أن النظام السابق سقط بالكامل، ولكن تبين أننا شلنا الرأس وأبقينا الذيل ولم تتغير عقيدة الداخلية. لا يمكن أن يكون الحزم والحسم الذى طالب به الرئيس مرسى وزارة الداخلية فى التعامل مع المتظاهرين المطالبين بتحقيق أهداف الثورة، هو سحلهم فى الشوارع كالبهائم. وضربهم بقنابل الغاز المحرمة دولياً، وقنصهم بالخرطوش. إن الرئاسة انتفضت عندما وقع الاعتداء على القصر الجمهورى، وأصدرت بياناً شديد اللهجة، حملت فيه القوى السياسية التى يمكن أن تكون قد ساهمت بالتحريض على هذا العنف المسئولية السياسية، وطالبتها بإدانة هذا العنف، ونحن نقدر انزعاج الرئاسة لأن القصر يمثل هيبة الحكم، إلا أن القصر الجمهورى ليس ملكاً ل«مرسى» أو جماعته، فهو منشأة عامة، وملك لكل المصريين، والمحافظة عليه هى حفاظ على المال العام، كما نحافظ على أى منشأة أخرى عامة أو خاصة حتى لو كانت «عشة» فى منطقة نائية. الغريب هو أن تتعامل مؤسسة الرئاسة بانتقائية مع أحداث العنف، فقد أصيبت بالانزعاج عندما وقع الاعتداء على قصر الرئاسة، ولم تهتم عندما حاصرت الجماعة المحكمة الدستورية العليا أعلى مؤسسة قضائية فى البلاد، وترويع قضاتها الأفاضل، وتعريض حياتهم للخطر لمنعهم من نظر الطعن فى دستورية مجلس الشورى والجمعية التأسيسية، ومحاصرة «عصابة حازمون» لمدينة الإنتاج الإعلامى، والاعتداء على بعض الإعلاميين ورجال السياسة، وتوجيه رسائل تهديد إليهم، وذبح الخراف والعجول أمام بوابات المدينة، واطلاق اسم إعلامى على كل ذبيحة، والاعتداء على جريدة ومقر حزب الوفد بطريقة همجية. لم تنزعج الرئاسة من هذه الأحداث، كما لم تنزعج من مصرع وإصابة عشرات الشباب أمام الاتحادية فى ديسمبر الماضى، وانتفضت الرئاسة عندما هدد البعض باقتحام القصر الجمهورى، فصدرت التعليمات بتعزيز القوات، وتجهيز الدبابات لدهس المتظاهرين وفض وقفتهم بالقوة. هل أصبح السحل علينا هو المكتوب، هل فرض على المصريين أن يداسوا بالأقدام، ويقتلوا عندما يطالبون بحقوقهم، لماذا لم تقل لنا الرئاسة من قتل حوالى ألف شاب منذ قيام الثورة حتى الآن، هل القاتل، كائنات فضائية؟ البلد يتعرض لخطر داهم، ومطلوب لإنقاذه قيام الرئيس باتخاذ قرارات سريعة، يستجيب فيها لمطالب الشعب التى تتبناها القوى السياسية لتصحيح مسار الثورة وتحقيق أهدافه، وأن تقوم القوى السياسية بدورها فى تهدئة الجماهير، ونبذ العنف، والحفاظ على سلمية الثورة. وأخيراً نرجو أن يكون اعتذار وزارة الداخلية عن مشهد اعتداء قوات الأمن المركزى على أحد المواطنين أمام قصر الاتحادية هو تعهداً باحترام الآدميين، ومعاملتهم بالقانون والكف عن اعتبارهم بهائم تساق إلى «السلخانة». إن اللواء هانى عبداللطيف المتحدث الإعلامى لوزارة الداخلية وصف هذا المشهد فى بيان رسمى بأنه مؤسف ومرفوض، وأنه ستتم محاسبة المسئولين عنه، ونرجو أن يتحقق ذلك.