أقيم ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب - ندوة فكرية لإطلاق سلسة "كلاسيكيات" أدارها الناقد د. صلاح فضل، وتحدّث فيها د. جابر عصفور- وزير الثقافة الأسبق- والشاعر فاروق شوشة، والكاتب الصحفي الباحث في تاريخ الفكر المصري حلمي النمنم - رئيس مجلس إدارة دار الهلال الصحفية السابق- والناشر محمد رشاد - رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية-. في البداية، تحدَّث الناقد صلاح فضل حول السلسة والدّار، قائلًا:" إن صدور السلسة حدث مهم للحياة الثقافية والفكرية العربية، وعلامة فارقة في تاريخ الدار المصرية اللبنانية، فقد أثبتت لنا هذه الدّار، بهذا الفعل الثقافي الكبير أن دار النشر لا تتوقف رسالتها على الإطلاق عند تجارة الكتب وتسويقها، بل هي معنية أيضًا بصناعة وإنتاج المعرفة في شتى جوانبها، وأشكالها، وذلك باختيارها وتبنيها لمثل هذه المشروعات الكبرى، وحين تصطفى من الحياة الثقافية والفكرية والإبداعية أغلى دررها لتقدمها بطريقة علمية وشيَّقة. وأضاف فضل في كلمة الافتتاحية إنَّ الدار المصرية اللبنانية قدَّمت هذه السلسلة وعيًا منها بأهمية اللحظة التي نعيشها الآن وجوهر المأزق السياسي الذي هو وليد طبيعي للمأزق الثقافي، ولتثبت الدار أن مصر خلال القرن العشرين أنجزت تأسيسًا معرفيًا وثقافيًا حقيقيًّا؛ لنهضة العرب جميعًا، ثم خطت خطوة جريئة بثورتها الجريئة في يناير قبل عامين، قبل أن تقاجأ مَنْ يتولى السلطة فيها، بعد ثورة، من يحاولون القيام بردة ثقافية جاهلة مجردين مصر من أهم أسلحتها في محيطها العربي والإفريقي، وهو الثقافة والفكر. وتناول الناشر محمد رشاد- رئيس مجلس إدارة الدار المصرية اللبنانية - الأسباب التي دفعته للمغامرة بنشرها قائلًا:" إن الغرض من نشر هذه السلسلة الجديدة يتمثل في عدة أهداف منها أننا لاحظنا أن الشباب خصوصًا، الذين يحاولون كتابة الأدب لغتهم ضعيفة برغم أن لديهم أفكارًا جميلة ورؤى عصرية، فحاولنا ربطهم بتراثهم القريب، كما أن بعض الكتَّاب الراسخين يجهلون هذا التراث أيضًا". ويضيف محمد رشاد:" سألت نفسي سؤالًا لماذا يهتم الغرب بتقديم تراثه دائمًا في طبعات عصرية؟، ويقدمها تقديمًا جديدًا للشباب هناك، ونحن هنا لا نفعل الأمر نفسه مع شبابنا، بل إن بعضنا يحاول تقديم التراث الغربي على أنه التراث الوحيد للإنسانية وتلك مغالطة، فلدينا نحن أيضًا تراثنا العظيم الذي يستحق التقديم. وقام الناشر محمد رشاد بشكر المنصة منّوها بأن الأعلام الموجوديين عليها دليل على أهمية ترسيخ مفهوم التعدُّد والتنوع في حياتنا السياسية والفكرية، وأهمية تفاعل الأجيال وتواصلها، وهم أعلام قلما يجتمعون واجتماعهم اليوم هو شرف كبير للدار المصرية اللبنانية. من ناحيته، ثمَّن الشاعر فاروق شوشة الدور الذي تقوم به الدار المصرية اللبنانية، والناشر الفاهم الواعي بمشكلات بلده وعصره محمد رشاد، قائلًا:" إن السلسة إنجاز ثقافي وحضاري، ثقافي من حيث إتاحته لكنوز التراث القريب للقارئ المصري الحديث، في امتداد طبيعي لعطاء مصر الثقافي وحضاري بما أنه يحي الذاكرة المصرية بروائع الأدب الكلاسيكي، وهى سلسلة تمثل إحياء لذاكرة جيلي، وغرسًا لذاكرة جديدة، هي ذاكرة شباب هذه الأيام؛ لأن هذه الأعمال التي قامت السلسلة بنشرها حتى الآن تعد صانعة اللغة العربية العصرية، واستطاع أحمد أمين، ومحمد حسين هيكل ومصطفى لطفي المنفلوطي أن يقدموا دفاعًا مجيدًا عن الإسلام وحضارته كل في مجاله. وأوضح د. جابر عصفور في كلمته أهمية ما قامت به الدّار المصرية وحيًّا الناشر محمد رشاد، قائلًا عنه:" إنه أثبت أن دار النشر أصبحت لها فلسفة في عالمنا العربي، بخلق التوازن فيما تنشر، وأن الناشر محمد رشاد وأبناءه يجدون متعة في خلق توجه عام تحرص عليه الدار المصرية اللبنانية، وهو توجه لا يفقد الدار هويتها، بل يميزها بين دور النشر الأخرى بما تخلقه من توازن بين الأصالة والمعاصرة في تناغم بينهما، بحيث لا تطغى المعاصرة على الأصالة والعكس صحيح تمامًا". وقال الكاتب الصحفي حلمي النمنم:" نحن في سياق معرض القاهرة الدولي للكتاب وعلاقتي به ممتدة منذ سنوات، متابعًا ومنظمًا؛ ولهذا أحيي رئيس المعرض د. أحمد مجاهد، فنحن في ظرف يحاول فيه بعض الجهلاء ممّن وصلوا إلى الحكم تغيير هوية المعرض، وهو الأمر الذي وصفه النمنم بالجحود والنكران، فمعرض الكتاب طوال تاريخه كان النافذة التي قدّم من خلالها المفكرون والمثقفون المصريون نقدهم، وهجومهم على النظام السابق".