مسقط: سنعمل مع الرياضوالأممالمتحدة لتحقيق التسوية السياسية فى اليمن وزير الخارجية السورى: مواقفها من أزمتنا إيجابية ودقيقة.. والموريتانى: سياساتها متوازنة إقليمياً ودولياً تقوم السياسة الخارجية لسلطنة عمان فى عصر النهضة المتجددة تحت قيادة السلطان هيثم بن طارق الحكيمة، على أسس ثابتة وراسخة قوامها التعايش السلمى بين الأمم والشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للغير واحترام سيادة الدول وعلى التعاون الدولى فى مختلف المجالات، والسعى لحل الخلافات بالطرق السلمية وإيجاد حلول مرضية بروح من الوفاق والتفاهم، تلك السياسة الخارجية التى أرسى دعائمها المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، طيب الله ثراه. وقد حرص السلطان هيثم بن طارق منذ توليه مسئولية الحكم فى 11 يناير من العام الماضى، على التأكيد مراراً وتكراراً على هذه السياسة الراسخة، والتأكيد أيضاً على تعزيز التعاون مع كل الدول العربية والتواصل مع الزعماء العرب للنأى بالمنطقة عن الصراعات والخلافات والعمل على تحقيق تكامل اقتصادى يخدم تطلعات الشعوب العربية. العمل العربى المشترك وعلى مدار الأسبوع الماضى، كانت سلطنة عمان «قبلة» للعمل العربى المشترك، وشهد هذا الأسبوع زخماً كبيراً للدور العمانى فى عدة قضايا عربية محورية، أبرزها المبادرة السعودية للتوصل لحل سياسى للأزمة اليمنية بالتعاون مع الأممالمتحدةوعمان، ففور الإعلان عن المبادرة شددت السلطنة على استمرارها فى العمل مع الرياضوالأممالمتحدة والأطراف اليمنية المعنية لتحقيق التسوية السياسية المنشودة التى تعيد لليمن أمنه واستقراره وبما يحفظ أمن ومصالح دول المنطقة. ومضت 6 سنوات منذ بدء الحرب فى اليمن، وخلال هذه السنوات عقدت الكثير من المؤتمرات والمباحثات فى عدة دول عربية وغربية معنية بالسلام، من أجل أن يعود اليمن سعيداً كما كان ويعود أهله يمارسون دورهم الحضارى والتنموى. وكانت سلطنة عمان المحطة الأهم فى كل تلك المباحثات والمرجع الموثوق فى مسارات الأزمة سواء من قبل أطراف النزاع فى اليمن أو الجهات الراعية من الغرب.. ولم تقدم السلطنة نفسها باعتبارها طرفاً من أطراف الصراع أو صاحبة أجندة فيه رغم الأبعاد الأمنية التى تؤثر على السلطنة فى أى صراع فى اليمن، ولم تتعامل فى أى مرحلة من تلك المراحل ببرجماتية الساسة، بل كانت تحركها الالتزامات العروبية والإنسانية والجوار الذى أرادته دائماً خالياً من أى شىء يمكن أن يخدش العلاقة العريقة بين البلدين، وسمع العالم العبارة التى لن ينساها «لا نريد أن يسجل التاريخ يوماً أن عمان تورطت فى سفك أى دم فى اليمن». وستكون الأيام التالية حبلى بالأحداث التى ستقود اليمن إلى مرحلة جديدة، فالحرب أنهكت الجميع وآن أوان إنهائها دون رجعة، على أن هذا سيحتاج إلى وقت كبير، وسيحتاج إلى مشاريع لإعادة إعمار اليمن ليكون بيئة جاذبة لليمنيين لا بيئة لنشوء تنظيمات جهادية وراديكالية كما حدث فى أعقاب الغزو الأمريكى للعراق، وأحداث التاريخ تعطينا الكثير من الدروس المجانية وعلى الجميع أن يعيها. محطة الزيارة الأولى كانت سلطنة عمان أيضاً محطة الزيارة الأولى لوزير الخارجية السورى الدكتور فيصل المقداد مطلع الأسبوع الماضى، وحملت هذه الزيارة فى طياتها أهمية خاصة لوجود رغبة دولية تتجاوز الإقليمية فى تحريك الملف السورى، وهذا يزيد التأكيد على الدور الكبير للسلطنة فى ظروف عربية دقيقة تتطلب من يحمل شعلة السلام عربياً وإقليمياً ودولياً، استكمالاً لأدوار عمان فى المنطقة حيث أسهمت بشكل إيجابى فى حلحلة العديد من الملفات. استغرقت زيارة وزير الخارجية السورى والوفد المرافق له للسلطنة عدة أيام قام خلالها بلقاء العديد من المسئولين العمانيين، حيث استقبله أسعد بن طارق آل سعيد نائب رئيس الوزراء العمانى لشئون العلاقات والتعاون الدولى والممثل الخاص لسلطان عمان– بناء على التكليف السامى للسلطان هيثم بن طارق– وتم تبادل الأحاديث الودية واستعراض العلاقات الثنائية الطيبة بين البلدين، وبحث أوجه التعاون القائم بينهما بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والشعبين.. كما التقى «المقداد» مع الفريق أول سلطان بن محمد النعمانى وزير المكتب السلطانى بعمان، وتم خلال المقابلة تبادل الأحاديث عن مسيرة العلاقات الأخوية التى تربط عمان بسوريا. وعقدت جلسة المباحثات الرسمية بين عمان وسوريا فى مسقط، برئاسة بدر بن حمد البوسعيدى وزير الخارجية العمانى و«المقداد»، وتم خلالها استعراض العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين، والتأكيد على الرغبة المشتركة فى تعزيز التعاون فى مختلف المجالات، كما تم بحث التطورات والجهود الرامية لتحقيق السلام والاستقرار فى المنطقة وتبادل وجهات النظر حول عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، حيث أكد الجانبان أهمية الحوار والتعاون فيما يتعلق بإيجاد حلول سلمية تعزز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم. وتم التوقيع خلال جلسة المباحثات على اتفاقية الإعفاء المتبادل من التأشيرات لحملة الجوازات الدبلوماسية والخاصة والخدمة بين عمان وسوريا، وذلك تعزيزاً للعلاقات الثنائية بين البلدين. الإيجابية والدقيقة وفى تصريحات على هامش الزيارة، وصف وزير الخارجية السورى مواقف عمان من الأزمة السورية والقضايا الإقليمية والدولية المهمة ب«الإيجابية» و«الدقيقة»، لأنها مستلهمة من الفكر المستنير للسلطان هيثم بن طارق سلطان عمان.. وقال إن سياسة السلطنة المتزنة والهادئة التى تتصف دوماً بالمسئولية أكسبتها احترام وتقدير العالم، مثمناً الجهود العمانية الساعية لإنهاء معاناة الشعب السورى بسبب الحرب.. وأشار إلى أن زيارته لعمان هى الأولى لدولة عربية منذ تعيينه وزيراً للخارجية والمغتربين، وقال: «وهى تحمل الكثير من الدلالات من بينها تأكيد عمق العلاقات والروابط الأخوية بين الشعبين والبلدين الشقيقين»، مؤكداً على دور عمان الداعم لإعادة الاستقرار لسوريا لتستأنف أدوارها العربية والإقليمية والدولية. وقد استهل «المقداد» والوفد المرافق له زيارة السلطنة بجولة فى المتحف الوطنى العمانى، واطلعوا على المقتنيات الأثرية السورية والقطع التدمرية التى تم حفظها وصونها من قبل المختصين بالمتحف، حيث تم ترميم 131 قطعة أثرية سورية تأثرت خلال سنوات الأزمة السورية، إلى جانب 9 قطع تدمرية جارٍ التنسيق لترميمها مع متحف الإرميتاج الروسى.. كما اطلع الوفد على قاعات المتحف الوطنى العمانى وما تزخر به، وكذلك «مجموع مخطوطات الفوائد فى علم البحر والقواعد، حاوية الاختصار فى أصول علم البحار، الأراجيز»، والتى قام المتحف مؤخراً بتدشينها للملاح العمانى الشهير شهاب الدين أحمد بن ماجد السعدى، والمعارة من مكتبة الأسد الوطنية بسوريا لمدة عام. حدث مميز شهد الأسبوع الماضى حدثاً عربياً مميزاً أيضاً، حيث تسلم السلطان هيثم بن طارق رسالة خطية من الرئيس الموريتانى محمد ولد الشيخ الغزوانى، تتعلق بالعلاقات الثنائية ومجالات التعاون بين البلدين، وذلك خلال استقبال فهد بن محمود آل سعيد نائب رئيس الوزراء العمانى لشئون مجلس الوزراء لإسماعيل ولد الشيخ أحمد وزير الشئون الخارجية والتعاون والموريتانيين فى الخارج ومبعوث رئيس موريتانيا. واستعرض «آل سعيد» مع الوزير الموريتانى خلال هذا اللقاء، مجمل العلاقات الطيبة التى تجمع بين البلدين وسبل تعزيز مسارات التعاون بينهما فى العديد من المجالات، كما تم أيضاً استعراض التطورات على الساحة الإقليمية إلى جانب الأمور ذات الاهتمام المشترك. وأعرب الوزير الموريتانى عن تقدير بلاده سياسات عمان المتوازنة على الصعيدين الإقليمى والدولى، ودورها البناء فى تعزيز التفاهم والتقارب بين الدول، مؤكداً رغبة القيادة الموريتانية فى توسيع نطاق التعاون مع السلطنة لخدمة المصالح المشتركة.