تحت عنوان "العنف لا يبشر بالخير لمستقبل مصر"، نشرت صحيفة (إندبندنت) البريطانية اليوم في افتتاحيتها تقريرا حول سوء الوضع السياسي والأمني الذي تشهده البلاد. وقالت الصحيفة: "إنه ليس من العادل القول بأن تغيير النظام في كثير من الأحيان أمر فوضوي، فسواء جاء الزخم من الخارج، كما في العراق، أو من الداخل، كما هو الحال في مصر، فإن عملية الاعتماد على انتقال هادئ وبلا منازع في مثل هذه الظروف يُعد مغامرة. ولكن تخطت أعمال العنف في مصر الخيال وأطلقت العنان حتى وصلت أعمال العنف في أماكن غير متوقعة، فتحول ملعب كرة قدم إلى منطقة حرب، ففي بورسعيد في شهر فبراير الماضي، قُتل أكثر من 72 شخصًا في أعمال شغب عقب مباراة بين الفريق المضيف "المصري"، و"الأهلي" من القاهرة. وشهد بداية الأسبوع صدور حكم الإعدام في محكمة في القاهرة على 21 من أصل 74 متهمًا في أعمال العنف في مجزرة استاد بورسعيد، وتعالت صيحات الفرحة في قاعة المحكمة من قبل أهالي الضحايا، ولكن مثيري الشغب اختاروا ببساطة البدء من حيث توقفوا. ففي بور سعيد تم الإبلاغ عن مقتل أكثر من 30 شخصًا، من بينهم اثنان من لاعبي كرة القدم، واقتحام سجن ومبنى أمن الدولة وإشعال النيران فيهما. وشهدت الجنازات يوم أمس مزيدًا من العنف. وسخرت الصحيفة من حكام مصر الجديدة في إظهارهم براعة خاصة في سوء التوقيت، حيث إن توقيت صدور الأحكام في قضية مجزرة بورسعيد تزامن في اليوم التالي للذكرى السنوية الثانية للثورة التي أسقطت الرئيس السابق "حسني مبارك"، والتي كان من المتوقع فيها مزيد من الاحتجاجات وتفاقم الانقسامات في البلاد. وشهدت ذكرى الثورة احتجاجات كان بعضها عنيفا في العديد من المدن، حيث أعرب الكثير عن عدم رضاهم عن الرئيس "محمد مرسي"، وسقط العديد من الضحايا نتيجة الاحتجاجات المختلفة سواء أكانت سياسية أو رياضية حتى وصل عدد القتلى أمس فقط إلى 7 أشخاص وأكثر من 400 جريح على الصعيد الوطني. وأضافت الصحيفة أن توقيت المحاكمة لم يكن الخطأ الوحيد للسلطات. فقد ساهموا في الإسراع من عملية عدم الاستقرار في البلاد من خلال قبولهم النقض المقدم من الرئيس السابق "حسني مبارك" وإعادة محاكمته ثانية، وهو الأمر الذي يجعل من الصعب قبول أي حكم أقل حدة لما سبق وأخذه "مبارك" في المحاكمة الاولى، وأن حدث ذلك فسيكون بمثابة قمع للعواطف السياسية وهدم لروح الهدف المشترك التي تحتاجها مصر بشدة. وكان ذلك تكمله للضربة التي ضربها الرئيس "مرسي" لبلده، وذلك عن طريق محاولته للاستيلاء على السلطة لنقض قرارات السلطة القضائية في البلاد. وفي الداخل والخارج، فإن هذه الخطوة خاطئة وهدمت تقريبا جميع إنجازاته الخارجية والتوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وقطاع غزة. ويمكن أن نرجع كل تلك الأخطاء إلى قلة خبرة الرئيس "مرسي" في السياسة وكيفية إدارة الحكومة، وبعد عقود من وجود جماعة الإخوان المسلمين في أحسن الأحوال إلا أنه يبدو أنها بدأت بالدخول في النفق المظلم.