تمخّض مجلس الدفاع الوطنى برئاسة الرئيس محمد مرسى، فولد بياناً هزيلاً لا يكفى لتخدير مشاعر المصريين الذين يعيشون حالة إحباط مستمرة منذ صعود الإخوان إلى سدة الحكم، ولا يصلح لتجفيف أنهار الدماء التى سالت فى كل بقعة على أرض مصر فى سبيل استكمال أهداف الثورة، دماء المصريين أصبحت رخيصة جداً فى عهد الإخوان، ما تكاد تجف حتى تسيل من جديد، قبل أن يكفكف المصريون الدمع على ضحايا القطارات والعمارات، ذرفوا الدموع أنهاراً على ضحايا محاولات الإصلاح السياسى، الإخوان يحتفلون بالوصول إلى السلطة، ويتهادون الزهور، وفى غيهم يعمهون، والمصريون يحتشدون فى الميادين، ينادون على الوطن الذى اختطف فى ظروف غامضة، شديدة السواد. الإخوان حققوا مشروعهم وهو التمكين والوصول إلى السلطة. والمصريون مازالوا يبحثون عن تحقيق أهداف الثورة فى العيش والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية. الطريق مختلف، الإخوان وصلوا إلى سدة الحكم وتبادلوا نخب السلطة، والمصريون فى مرحلة جس التربة لإقامة أثاثات الدولة الحديثة القائمة على العدل والحرية. الرئيس مرسى يتحمل مسئولية سقوط الشهداء فى السويس وبورسعيد وعدد من الميادين والمحافظات الأخرى، ورئيس وزرائه شاهد مشفش حاجة، ترك البلد «مولعة» وسافر لحضور مؤتمر اقتصادى فى سويسرا كان يمكن له أن يكلف وزيراً من وزرائه بحضور المؤتمر بدلاً منه احتراماً لذكرى الثورة، وأن يقوم رئيس الوزراء بواجباته فى التوجيه للحفاظ على أرواح المواطنين الذين هبوا لرفض سياسة الفصيل الذى خطف السلطة. لم أستغرب البيان الذى أصدره مجلس الدفاع الوطنى ولكن أشفقت على وزير الإعلام صلاح عبدالمقصود رغم أن إشفاقى على رئيس الوزراء أشد، ف«عبدالمقصود» يتحدث عن احترام القضاء الشامخ والإيمان بحرية الإعلام فهل من الاحترام محاصرة المحاكم، ومنعها من عقد جلساتها، وترويع القضاة، وتعيين نائب عام «ملاكى» لجماعة الإخوان، والسيطرة على الإعلام الرسمى المرئى والمسموع والمقروء وأخونته، وهل التلويح والتهديد بإعلان الأحكام العرفية ووصف المتظاهرين بالخارجين على القانون هل الحل للأزمة السياسية، ويتناسب مع هذه الظروف التى كانت تحتاج إلى جرأة من النظام للاعتراف بالخطأ الذى أدى إلى هذا العنف؟ إن هذه الأحداث كانت تستدعى رحيل النظام بالكامل بدلاً من مواجهتها بالتجاهل تارة والعنف تارة أخرى، إن المصريين ثاروا عندما اكتشفوا أنهم تخلصوا من نظام فاسد، ووقعوا فى قبضة نظام أشد فساداً وأكثر استبداداً، إن المصريين تعرضوا لعملية خداع من فصيل حقق حلمه فى الوصول إلى الحكم، وتجاهل أحلام المصريين فى وطن للجميع، إذا كان الإخوان يعتقدون أنهم ملكوا الدولة المصرية فهم واهمون وهم يتحملون مسئولية نزيف الدم فى السويس وبورسعيد وغيرهما. إن إشفاقى الشديد على الدكتور هشام قنديل رئيس الوزراء هو أنه اعترف بأن المسئولية أكبر من قدراته ولكنه لم يجد من يسمعه، والسبب بسيط لأن هشام لا يدير ومرسى لا يحكم.