اليوم.. يمر علي اندلاع أحداث 25 يناير 2011 عامان كاملان، ومازالت الأسئلة تتردد.. هل نجحت الثورة؟ هل حققت أهدافها؟ هل هناك من تخلوا عن دعمهم لها؟ وهل زاد مؤيدوها؟ بل الذين لم يتعرفوا بها من الأصل مازالوا عند موقفهم؟ الأسئلة كثيرة ومتعددة والإجابات ليست كافية ولا شافية. والحكم علي الثورات لا يكون وهي في أوج تفجرها، وعمر الثورات ليس أياما أو شهورا.. الثورات الحقيقية عمرها طويل بطول اشتعالها.. والثورة - أي ثورة - ليس مجرد تظاهرات وتجمعات لآلاف ولا حتي ملايين.. الثورة تعني التغيير للأفضل ومن السابق لأوانه الآن أن نحكم علي ثورة يناير في مصر، ومن الظلم لها أن يقول قائل إنها لم تحقق شيئا نحو الأفضل بعد عامين فقط من اندلاعها، ومن النفاق والتملق وعدم الإنصاف لها أن نقول إنها حققت شيئا جوهريا، فالحكم عليها ليس الآن، والوقت مازال مبكرا، وإذا كانت الثورة قد نجحت في هدم نظام للحكم وكشف فاسدين، فإنها لم تأت بنظام حكم يلقي قبولا ويحقق أهدافها المعلنة، وهذا ليس عيبا فيها، فالوقت - كما قلت - مازال مبكرا.. أمام الثورة مشوار طويل ووقت أطول لتحقق أهدافها والهدف الأكبر لم يكن هدم وإسقاط نظام الحكم، بل الهدف الحقيقي الذي يجب أن نتنبه إليه هو بناء نظام حكم جديد يلقي قبولا ويحترم إرادة الشعب، وينأي عن التدخل في عمل السلطات، فالثورة يجب ألا تكون علي الحكم والنظام فقط، بل يجب أن تكون علي أنفسنا أيضا. كل شخص فينا يحتاج الي ثورة علي ذاته يغيرها ويُعَدَّلها، حتي نقيم دولة جديدة علي أسس جديدة، قيمها العدل والمساواة والحرية. وكي يتحقق ذلك لابد أن يدرك الثوار أنه لا أحد في مصر لا يريد التغيير للأفضل، حتي هؤلاء الذين يتحفظون علي أساليب بعض الثوار.. غالبية المصريين ينظرون الي غد أفضل من الأمس ومن اليوم.. غالبية المصريين يتطلعون الي دولة لها مكان في مصاف الدول المتمدنة والكبري، كل المصريين آمالهم في دولة تكون نموذجا للدولة العصرية، وأمانيهم أن تلحق مصر بركاب المدنية والتقدم، ولعل ذلك يحتاج الي سنين طويلة لتحقيقه، والمهم أن نبدأ.. هدمنا نظاما وعلينا أن نبدأ في البناء ، والبناء لا يجب أن تشغلنا عنه توافه الأمور التي يضخمها المتربصون أو المتخوفون.. لننحي جانبا هذا الكم الهائل من الخلافات التي ننشغل بها وننهمك فيها، ولا يجب أبدا أن نوسع الخلافات لتصل الي مواجهات سماتها التراشق والتخوين.. فالخلاف مقبول لكن التخوين والتسفيه ورفض الآخر مرفوض، ولا يليق بثورة تقوم ضد الديكتاتورية أن تمارس الديكتاتورية ضد من يخالف ثوارها الرأي.. ولا يليق بنظام جاء بعد دماء سالت أن يستخف بالشعب ومطالبه وإرادته، فمخطئ من يقول إن الثورة فشلت ومخطئ أيضا من يقول إنها نجحت.. فثورة يناير سيحكم عليها أبناؤنا وربما أحفادنا أطال الله في أعمارهم حتي يجنوا ثمارها خيرا كان أم شرا.