قالت مجلة " فورين بوليسى" الامريكية إن التدخل العسكرى الغربى فى مالى ومنطقة الساحل الأفريقي، تذكرنا بالماضى حيث كان الاستعمار الفرنسى لتلك المنطقة. واوضحت المجلة فى مقال للكاتب "هاوارد فرينش" إن أهداف التدخل الفرنسي في مالي تبدو غامضة في ظل تناقض وتعدد التصريحات التي تصدر من مسؤولين فرنسيين. وأكدت المجلة أن فرنسا التى احتلت أجزاء كبيرة من القارة الأفريقية، خاصة فى منطقة الساحل الغربى من القارة السمراء، تتذكر تاريخها وتحن إليه. وأشار الكاتب إلى أن فرنسا وبريطانيا سعتا فى أواخر القرن التاسع من أجل السيطرة على منطقة الساحل الأفريقي، وكان ما يعرف اليوم بجنوب السودان هو حجر الزاوية لتطلعاتهم الاستعمارية، حيث كانت فرنسا التي سيطرت على الشمال الأفريقي تطمح في حكم المنطقة من ساحل الأطلسي إلى السنغال امتدادا إلى النيل الأبيض في السودان، مما يؤدي لتوسيع هيمنتها في كل الاتجاهات وعلى طرق التجارة بين أوروبا والمغرب وعلى السكان ومراكز الموارد في غرب أفريقيا. واضاف الكاتب أن السياسات الاستعمارية والحدود التى صنعها المستعمر، لم تلق قبولا لدى سكان هذه المناطق الذين رفضوا بقوة تلك الحدود، وكامن للاسلام دورا مهما ومحوريا كقاعدة فكريو ومحفز دينى لرفض تلك السياسات التى اغفلت مصالح العديد من العرقيات مثل الطوارق والهاوسا والفولاني. وقال انه على كل المحللين الذين يتناولون الشأن المالى حاليا ، ان يعودوا للماضى ليعلموا ان ما يحدث هناك حاليا ليس وليد اليوم ولكنه يعود الى تلك السياسات الاستعمارية القديمة فى تلك المنطقة المهمة ذات الحضارة . فقد استعصت المنطقة على الاستعمار فى ثمانينات القرن التاسع عشر، وظل الاسلام والمسلمين يقاومون الرضوخ والاستسلام. وطالب الكاتب بالاستفادة من الأزمة الحالية من خلال القيام بدبلوماسية وقائية في أفريقيا بشكل عام، مرورا بالأزمات الرئيسية في رواندا والكونغو وأحدثها في ساحل العاج, لكنه يؤكد أن الدبلوماسية الحكيمة التي لم تكن لدى الغرب في أفريقيا, لن تغير من حقيقة أن الساحل يمر بفترة من الاضطرابات والقلاقل، وحالة من عدم اليقين وضعف الحالة الاقتصادية ونقص في قنوات الاتصال مع العالم الخارجي, وهذه المناطق من السهل مهاجمتها ولكن من الصعب الاحتفاظ بها. وختم الكاتب مقاله بان هناك تحديا آخر، لا يقل اهمية عن التحدى الظاهر حاليا ، ألا وهو الانفجار السكانى فى تلك المنطقة الفقيرة فى الساحل الغربى لافريقيا، أعلى نسب المواليد في العالم، وليس لديهم أمل كبير في القدرة على التعامل مع مضاعفة عددهم بأربعة أضعاف أو أكثر. وبحسب سيناريوهات وتحليلات سيرتفع عدد سكان مالي من 16 مليونا إلى 75 مليونا، وحتى النيجر الفقيرة الجارة فإن عدد سكانها قد يصل إلى 125 مليونا، وهذه الانفجارات السكانية ستضرب عرض الحائط بالخرائط السياسية الحالية في أفريقيا، ويضيف أنه يجب التعامل مع تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي الآن، ولكن سيتبين مع مرور الأيام أن القاعدة هي أخف مشاكل هذه المنطقة.