تحت عنوان "أزمة الحكومة لم تنتهِ...الإسلاميون يفقدون شعبيتهم بسرعة، ولكن خصومهم لا يزالون ضعفاء جدًا ومنقسمين بما لا يمكنهم من إزاحتهم من السلطة عبر الانتخابات"، نشرت مجلة "إيكونوميست" البريطانية مقالاً حول الأوضاع فى مصر. وقالت المجلة: "في رسالة العام الجديد نصح الدكتور "محمد بديع"، المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين فى مصر، أتباعه بالهدوء والتحلى بالصبر والمرونة والشهامة، وقال لهم: "كونوا كالنخلة تضرب الحجر، فترد بثمرة البلح". وأضافت المجلة أن الرئيس "محمد مرسي"، عمل بنصيحة المرشد بالفعل وكان مرناً، حيث تجاهل موجة من المعارضة العنيفة منذ توليه منصبه في يونيو الماضى، فقد عجل الرئيس "مرسي" بالاستفتاء على الدستور المثير للجدل في ديسمبر الماضى للموافقة على الدستور الجديد، ومنذ ذلك الحين واجه تحديات من قضاة مصر، بالاضافة الى توالى الاستقالات من المستشارين والوزراء، ورفض المعارضين للحوار الوطني الذى يرعاه "مرسى" ، وهو في الواقع مقتصر على جماعة الاخوان وحلفائهم. الانتخابات المقبلة وتأمل جماعة الاخوان المسلمين تحقيق نتائج جيدة فى الانتخابات البرلمانية التى ستجرى الشهر المقبل لمجلس النواب الجديد، وفى الوقت الراهن تيسطر الجماعة على مجلس الشورى الذى تم انتخابه العام الماضى بمشاركة 10% فقط من الناخبين، ويتولى السلطة التشريعية المؤقتة حاليا وفقا للدستور الجديد . ومع ذلك فقد أظهر "مرسي" الشهامة قليلا، وبدلا من استخدام حقه في تعيين ثلث المقاعد في مجلس الشورى وجعله أكثر تنوعا، قام بتعيين عدد من الموالين والمؤيدين للدستور الجديد بالمجلس، كما قام بلطجية تابعون لجماعة الإخوان المسلمين بضرب المتظاهرين المعتصمين خارج القصر الرئاسى، وشن محاميو الجماعة وأعضاؤها فى البرلمان وحلفاؤها في وسائل الإعلام هجمات حادة بشكل متزايد على منتقدي الرئيس، وأمر النائب العام المصري، المعين مؤخرا من قبل "مرسي" رغم الاعتراضات الغاضبة من القضاة، بفتح تحقيق مع، باسم يوسف، مقدم برنامج "البرنامج" الساخر فى احدى الفضائيات، بعد أن اتهمه دعاة إسلاميين بإهانة الرئيس. وإذا كان المرشد قد دعا الاخوة الى التسامح والمرونة، فإنه دعاهم ايضا الى النضال ضد "الانتهازيين" الذين يهدفون إلى "تقويض الإرادة الشعبية" و"إحباط المشروع الإسلامي". واشارت المجلة الى أن هناك كلاماً يتردد بين الحين والاخر وتلميحات عن مؤامرة ضد النظام الجديد في مصر من قبل المسيحيين الأقباط والصهاينة، ومن قبل القطب الصهيونى الأمريكي، شيلدون أديلسون، على وجه التحديد. المزاج العام واوضحت المجلة أن المزاج العام في شوارع مصر يشعر بالمرارة والاستقطاب، والانتخابات المقبلة ستكون هى السابعة منذ ثورة 25 يناير 2011، فقد خرج المصريون الى صناديق الاقتراع والوقوف في طوابير لساعات من اجل المشاركة في الانتخابات العامة. وفي استفتاء ديسمبر الماضى ، كانت الشكوى الرئيسية هى الوقوف والتكدس فى الطوابير، وهو سمح بمشاركة أقل من ثلث الناخبين المسجلين فقط . واضافت المجلة ان الأكثر ثراء والأفضل تعليما صوتوا ضد الدستور إلى حد كبير ولكن الفقراء فى الريف صوتوا بأغلبية ساحقة لصالح الدستور لترتفع نسبة التصويت بنعم الى 64٪، وهو ما يكفي للرد على دعاوى التزوير. تراجع شعبية الاخوان وتشير استطلاعات الرأي إلى أنه بالرغم من مهارة الاخوان المسلمين فى الحشد الجماهيرى لا تزال قوية، إلا أن هناك حالة من عدم الثقة وتراجع شعبية الجماعة. فقد زادت حدة الفقر والبطالة منذ قيام الثورة قبل نحو عامين ، وخفضت وكالات التصنيف الائتمانى ديون مصر الى مستوى غير مسبوق . وبعد ان تراجعت الحكومة المصرية عن قرار بزيادة الضرائب على بعض السلع والخدمات في ديسمبر الماضى، تعطلت المفاوضات مع صندوق النقد الدولى بخصوص القرض البالغ قيمته 4,8 مليار دولار، ووضعت مصر على قدم المساواة مع اليونان المنكوبة اقتصاديا. فالعديد من الفنادق فارغة ، وقد بدى ذلك واضحا حيث ظل 75% من أسطول البواخر النيلية خلال موسم عيد الميلاد بلا عمل عل عكس العادة ، وتراجع الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية، وسمح البنك المركزي بخفض الجنيه المصري لأول مرة منذ قيام الثورة، وارتفع معدل التضخم، ويبدو ان هناك اتجاها للتخلى عن دعم الطاقة تدريجيا فى اطار البرامج التقشفية. المعارضة ليس بديلا مقنعا ورغم كل هذا المتاعب والصعاب التى يواجهها "مرسى"، إلا أن خصومه من غير الاسلاميين لم يستفيدوا من هذه الوضعية. وعلى الرغم من الجهود المبذولة لتشكيل جبهة موحدة، فشل الليبراليون العلمانيون فى توفير البديل المقنع أو إنشاء شبكات جماهيرية قوية. ولكن هذا يمكن أن يتغير ، فالبعض يشعر أن رد الفعل القادم لن يكون فقط ضد الإخوان، الذين تشوهت صورة التقوى والكفاءة لديهم ، ولكن ضد التيار الإسلامي بشكل عام ، ومع ذلك القليلون يتوقعون أن يحدث هذا في وقت قريب بما يؤثر على الانتخابات التي ستجرى الشهر المقبل. القلق من السلفيين وختمت المجلة بأنه قد يكون القلق الاكبر للإخوان ليس من الليبراليين ، ولكن من أنصارهم الاسلاميين الآخرين. ففي الانتخابات العامة قبل عام، حصلت الأحزاب السلفية على ربع المقاعد، ومنذ اسابيع قليلة أعلن الفضيل السياسي السلفى الاكثر شعبية فى في البلاد بزعامة "حازم أبو إسماعيل"، التحالف مع مجموعة من كبار الشخصيات في حزب "النور " أكبر الاحزاب السلفية، الذين استقالوا من مناصبهم مؤخرا بشكل جماعي احتجاجا على الجمود الفكرى للحزب . وتشير التوقعات الى أن السلفيين يمكن ان يشكلوا مفاجأة فى الانتخابات المقبلة ، بل فى مستقبل مصر أيضا.