60 عامًا من الإبداع.. اتخذ من أعماله سلاحًا للتعبير عن الشخصية المصرية «الفن هو أهم أضلاع الحضارة التى ينقشها الفنان فى وجدان الشخصية المصرية» شعار رفعه الفنان القدير الراحل عزت العلايلى على مدار مشوار عمره الفنى والانسانى، دخل مجال الفن حاملا على عاتقه مسئولية التعبير عن الواقع وتغييره، متخذًا من أعماله الفنية سلاحًا للتعبير عن كل مشاعر الشخصية المصرية ونقلها على الشاشة، ورحل فى هدوء بعدما أتم مشوارًا ابداعيًا دام ما يقرب من 60 عامًا، فهو الأب المقهور «عبدالموجود» الذى يجد نفسه مضطرًا لبيع ابنه حيًا وميتًا فى مواجهة سطوة المال فى «المواطن مصرى»، وعبدالهادى الفلاح الثائر تحت قيادة محمد أبوسويلم فى ملحمة «الأرض»، والفتوة عاشور الناجى فى «التوت والنبوت»، والعقيد راضى قائد العملية فى «الطريق إلى إيلات»، والمقدم محمد فى أهل القمة أدوار كثيرة أثرى بها الوجدان المصرى فى اعظم الاعمال السينمائية والتليفزيونية والمسرحية، حتى بات أحد أهم مؤسسى الحضارة الفنية فى مصر. رحل الفنان القدير عن عمر ناهز 86 عاما، كتب خلالهم فى سطور من نور مشواره الفنى والانسانى، حيث ظل طوال مشواره صاحب موقف وقناعات داوم عليها، تغيرت حوله الأنظمة السياسية لكنه دوما ماكان صاحب رؤية خاصة، أن مصر الأهم الباقية بشعبها وفنها، وكل شىء حولها متغير، وعبر عن ذلك بعطائه المتميز بين المسرح تأليفا وإخراجا وتمثيلا، وكذلك فى السينما والدراما التليفزيونية والاذاعية، فلا عجب ان تكون ألعابه فى مرحلة الصبا استخدامه خشبة السرير فى عمل مسرح ليقدم عليه فقرات فنية ويدعو أصدقاءه للمشاهدة مقابل نصف قرش، كذلك جسد العلايلى معانى القيم الانسانية الغالية، فهو فنان وصفه الوسط الفنى ب«صاحب واجب» حتى أيامه الاخيرة اذا سمع عن رحيل أحد زملائه كان أول الحاضرين فى وداعه، وإذا تابع مرض أحدهم كان الأكثر سؤالاً، فهو فنان كتب مشواره الفنى والانسانى من ذهب ليظل حاضرًا بمواقفه الانسانية وأعماله الابداعية. المتتبع لمشواره الفنى يجده انه بدأ كرحلة تثقيفية، ومنذ تخرجه فى المعهد العالى للفنون المسرحية كان من المؤسسين لمسرح التليفزيون فى عهد وزير الإعلام الدكتور عبد القادر حاتم، وبدأ مشواره بإعداد برنامج «رحلة اليوم» وكان يجوب به المحافظات لتصوير أفلام قصيرة عن كل محافظة فى يوم واحد، ولفت البرنامج انتباه الزعيم جمال عبدالناصر، وطالب بالمزيد من هذه النوعية التثقيفية من البرامج التى تعرّف المصريين بتراث وتاريخ ورموز بلدهم، أما مشواره السينمائي فكان مليئا بالمفاجآت، شهد عام 1962 أول خطوة له فى عالم السينما من خلال دور الطبيب فى فيلم «رسالة من امرأة مجهولة»، ليعقب ذلك مجموعة كبيرة من الأعمال المختلفة ما بين السينما والدراما، ليصبح صاحب أكبر عدد مشارك فى قائمة أهم 100 فيلم فى تاريخ السينما المصرية، ومن هذه الأفلام «بين القصرين، والأرض، والسقا مات، والاختيار، وإسكندرية ليه، وقنديل أم هاشم، وزائر الفجر، وعلى من نطلق الرصاص، وأهل القمة، والطوق والأسورة، والمواطن مصرى»، كذلك كانت اختياراته للأعمال الأدبية تميز ادواره، فقدم العديد من الاعمال الأدبية لأدباء كبار من أجيال متعاقبة بدءا من على أحمد باكثير ونجيب محفوظ ويوسف السباعى وإحسان عبد القدوس ويوسف القعيد ويحيى الطاهر عبدالله، وحديثا أحمد مراد فى تراب الماس آخر أعماله السينمائية. مشواره مع الأعمال التاريخية والوطنية ميز تاريخه الفنى، حيث قدم أكثر من عمل تاريخى منها فيلم «القادسية» ومسلسل «بوابة الحلوانى» و«الطريق إلى إيلات»، كما كان صاحب الرصيد الأكبر كفنان مصرى من الأفلام التى أنتجتها دول عربية أخرى منها الجزائر وتونس والمغرب والعراق وسوريا ولبنان. ما يقرب من 160 دورًا قدمها «العلايلى» على مدى رحلة فنية بدأت منذ عام 1962، لتنتج خلالها 54 عامًا، أسطورة لفنان عملاق استطاع أن يقدم مجموعة متميزة من الأعمال أمام كبار المخرجين بشكل ساعده على تشكيل أدواته التمثيلية والفنية بشكل يتوحد معه الجمهور، منها «ملك الشحاتين»، و«أهلًا يا بكوات»، و«ثورة القرية» على خشبة المسرح، وفى الدراما التليفزيونية شارك فى أكثر من عمل تليفزيونى، مثل «بوابة الحلوانى»، و«الجماعة»و» حرس سلاح» و» النديم « و» عادت القلوب» و«ابدا لن اموت». عزت العلايلى فنان حقيقى ابدع لأنه امتلك موهبة حقيقية، فهو خير مثال للفنان المثقف الذى يعى دوره التنويرى فى المجتمع بملامحه المصرية الأصيلة ومهاراته الفنية المحترفة، فهو فنان زامل جيل الكبار والوسط وأيضًا الشباب فهو الفنان صاحب الأداء الاحترافى المتجدد دائمًا، وقع خبر وفاته على زملائه كالصاعقة، فهو لم يعان مرضا وظهر مؤخرًا فى برنامج صاحب السعادة، وكذلك كان فى عزاء احبابه وحيد حامد وغيرهم من المبدعين الذين رحلوا عن عالمنا مع بداية 2021. نعاه رئيس البيت الفنى للمسرح إسماعيل مختار قائلا: «كانت رحلة الفنان عزت العلايلى الفنية غنية بالأعمال الفنية الباقية فى أذهان الجمهور المصرى والعربى، حيث قدم للمسرح مجموعة من المسرحيات الفارقة منها، أهلا يا بكوات، وداعًا يا بكوات، على المسرح القومى، والإنسان الطيب، لعبة كل يوم، صورة قرية، وغيرها من الأعمال المسرحية، كما قدم للسينما، مجموعة من أهم الأفلام فى التاريخ السينمائى، منها، الأرض، الطريق إلى إيلات، المواطن مصرى، الطوق والأسورة، بين القصرين، على من نطلق الرصاص، ليلة عسل، التوت والنبوت، وغيرها، كما قدم فى الدراما مجموعة كبيرة من المسلسلات منها الجماعة، خان القناديل، الحسن البصرى، بوابة المتولى، الإمام الطبرى، وتمضى الأيام، وغيرها، بالإضافة إلى المسلسلات الإذاعية»، كما نعاه نقيب الممثلين الفنان اشرف زكى قائلا: «البقاء لله.. فارس الدراما العربية».، ونعاه مهرجان الأقصر للسينما الافريقية قائلا: «فقدت مصر والأمة العربية الفنان الكبير عزت العلايلى أحد أهم نجوم السينما المصرية خلال النصف الثانى من القرن العشرين والذى قدم ما يزيد على 100 فيلم». وقال السيناريست سيد فؤاد: عزت العلايلى فنان كبير وله تاريخ سينمائى حافل وأدوار مهمة جدًا فى أفلام كثيرة، وقدم للفن المصرى الكثير والكثير وكان فنانًا مهمومًا بقضايا وطنه، فقد فقدنا فنانا كبيرًا فهو نموذج لفنان واع محترم وعلامة من علامات التمثيل فى السينما والتليفزيون والمسرح المصرى». ونعاه السيناريست محمد الباسوسى، رئيس المركز القومى للسينما قائلا: «إن السينما المصرية اليوم فقدت واحدًا من أهم صناعها والذى أثرى السينما المصرية والعربية بأعمال ستظل خالدة بيننا، فلن ننسى أدواره الهامة التى قدمها طوال مشواره الفنى. وتقدم الباسوسى بخالص التعازى لأسرة الراحل متمنيًا من الله أن يلهمهم جميعهم الصبر والسلوان وان يتغمد الفقيد برحمته الواسعة ويسكنه فسيح جناته.