اليوم الذكرى ال46 لرحيل أسطورة الغناء فى كل العصور، كوكب الشرق، أم كلثوم، من الصعب بل من المستحيل وصف صوتها، هى أفضل صوت فى التاريخ بلا أى شك، رحلتها فى عالم الغناء امتدت لأكثر من نصف قرن لتصنع حالة غنائية فريدة ما زلنا نعيش فى رحابها حتى الآن، وإلى سنوات لا يعلم مداها إلا الله. فى ذكرى رحيلها نستعرض فى هذا التقرير مسيرة هذه الفنانة العظيمة، مشوارها فى حد ذاته تأريخ للغناء المصرى والعربى فى أوج فترة ازدهاره، صوتها ما زال يمثل شيئًا كبيرًا فى حياة الملايين، وأغانيها محفورة فى الوجدان المصرى والعربى. بداية أول من اكتشف موهبتها وهى طفلة والدها الشيخ إبراهيم البلتاجى وكان يعمل منشدًا وكانت تغنى معه فى الأمسيات والاحتفالات الدينية المختلفة. عندما بلغت العشرين عاماً تقريباً قرر والدها الرحيل للقاهرة لإيمانه أن صوتها معجزة ولابد أن تصل فى عالم الغناء لأعلى الدرجات. أستاذها ومعلمها كان الشيخ أبوالعلا محمد الذى تلقفها بمجرد وصولها للمحروسة لتتعلم على يديه أصول الغناء، وبعد ذلك العمالقة زكريا أحمد ومحمد القصبجى والشاعر أحمد رامى. حضورها للقاهرة ودخولها الساحة الغنائية، كان بمثابة مرحلة جديدة وفارقة فى تاريخ الغناء المصرى والعربى الذى كان يعانى من «الركاكة»، وبالتأكيد مع محمد عبدالوهاب أغانيها الأولى كشفت عن معدن صوتها النادر، من هذه الأغنيات «لو كنت أسامح» و«الصبر تفضحه عيونى» و«النوم يداعب عيون حبيبى» و«البعد طال» و«طلع الفجر ولاح» و«مالى فتنت بلحظك الفتاك» و«الشك يحيى الغرام». يذكر أن أم كلثوم كانت أول صوت غنائى فى الإذاعة المصرية فى يوم افتتاحها يوم 31 مايو 1934، فى وصلة غنائية على الهواء. اتجهت للسينما فى حقبتى الثلاثينيات والأربعينيات، حيث قامت ببطولة 6 أفلام وهى «وداد» و«نشيد الأمس»=----------=- و«دنانير» و«عايدة» و«سلامة» وأخيراً «فاطمة» 1947، غنت خلالها مجموعة رائعة من الأغنيات منها «عن العشاق» و«جمال الدنيا» و«لغة الزهور» و«غنيلى شوى شوى» و«الفوازير» و«هاقبله بكرة» و«على بلد المحبوب» و«صباح الخير» وغيرها. كما غنت فى حقبة الأربعينيات مجموعة رائعة من الأغنيات الكلاسيكية التى ما زالت خالدة فى وجدان الملايين منها «رق الحبيب» أغنية جمالها لا يوصف، كلمات أحمد رامى وألحان العملاق محمد القصبجى، و«أنا فى انتظارك» و«سهران لوحدى» و«ياللى كان بشجيك أنينى» و«حلم الأمل» و«أهل الهوى يا ليل». ومع مطلع الخمسينيات بدأت أم كلثوم مرحلة جديدة ومختلفة من التألق والإبداع الشديد بروائع الأغنيات التى شكلت وجدان الملايين فى تلك الحقبة منها «أروح لمين» و«أقولك إيه عن الشوق» و«مصر تتحدث عن نفسها» و«يا ظالمنى» و«هجرتك» و«الحب كده» و«رباعيات الخيام» و«جددت حبك ليه» و«أغار من نسمة الجنوب» و«ذكريات» و«ياللى كان بشجيك أنينى» و«ثورة الشك» و«قصة الأمس». ومع مطلع الستينيات حاولت كوكب الشرق أم كلثوم الخروج ولو مؤقتاً من عباءة رياض السنباطى، واكتشفت ضالتها فى الملحن الشاب العبقرى بليغ حمدى وغنت من ألحانه عام 1960 «حب إيه اللى أنت جاى تقول عليه»، ولا ننسى أغنيتها الرائعة التى عادت بها لألحان زكريا أحمد قبيل وفاته «هو صحيح الهوى غلاب». وشهدت فترة الستينيات أغنيات خالدة وهى بالتحديد «سيرة الحب» و«للصبر حدود» و«ليلى ونهارى» و«ظلمنا الحب» ورائعة «كل ليلة وكل يوم». وفى عام 1964 وبعد طلب شخصى من الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، غنت أم كلثوم لأول مرة من ألحان الموسيقار محمد عبدالوهاب «أنت عمرى»، وكان بحق لقاء السحاب وكانت من كلمات الشاعر الكبير أحمد شفيق كامل، وحققت الأغنية نجاحاً أسطورياً، لتكون بداية تعاون كبير بين العملاقين تمت بعدها العديد من الروائع فى حقبة الستينيات وهى «أنت الحب» و«أمل حياتى» و«فكرونى» و«هذه ليلتى». وفى عام 1966 كانت القصيدة الخالدة «الأطلال» التى غنتها لأول مرة يوم 25 مارس تأليف إبراهيم ناجى ألحان رياض السنباطى، وتعتبر هى الأعظم فى تاريخ الغناء المصرى والعربى. ولا ننس إبداعاتها الأخرى فى حقبة الستينيات «فات الميعاد» و«ألف ليلة وليلة» و«بعيد عنك حياتى عذاب» من ألحان بليغ حمدى. عقب حدوث نكسة 1967 تأثرت أم كلثوم بشدة، وبعد أشهر قليلة قامت بدور بطولى، حيث قررت عمل حفلات فى دول العالم العربى والغربى وحتى الاتحاد السوفيتى دعماً للإنتاج الحربى. لم تكن مجرد مطربة عظيمة بل مؤسسة فنية ووطنية تخدم بلدها، فى محنة كبيرة وأبدعت فى باريس وغيرها وحققت تلك الحفلات نجاحاً فاق كل التوقعات. ورغم تقدمها فى العمر وتعرضها لبعض الأزمات الصحية لم تنقطع كوكب الشرق عن الإبداع، كان الغناء بالنسبة لها هو الحياة. فى عام 1970 غنت من ألحان محمد عبدالوهاب وكلمات مأمون الشناوى رائعة «ودارت الأيام» وغنت فى نفس العام «اسأل روحك» من ألحان محمد الموجى، وفى الفترة من عامى 1971 حتى عام 1973 غنت العديد من الروائع الخالدة «من أجل عينيك» و«أقبل الليل» و«أغداً ألقاك» و«يا مسهرنى» ألحان سيد مكاوى، ورائعة خالدة تمثل حالة فريدة فى تاريخ الغناء العربى «القلب يعشق كل جميل» تأليف بيرم التونسى، ألحان رياض السنباطى، أغنية جمالها لا يوصف. وفى ديسمبر 1972 أبدعت كثيراً وعلى مدى أكثر من ساعتين وهى فى قمة الأداء رائعة «ليلة حب» تأليف أحمد شفيق كامل وألحان محمد عبدالوهاب، وغنتها فى آخر حفلاتها مساء الخميس 3 يناير 1973 «ليلة حب» و«القلب يعشق كل جميل». واختتمت مشوارها الغنائى الطويل فى مارس 1973 حينما سجلت فى ستوديو 35 بالإذاعة آخر أغنياتها «حكم علينا الهوى» تأليف عبدالوهاب محمد، ألحان بليغ حمدى. بعد ذلك اشتد المرض عليها واضطرت للتوقف تماماً عن الغناء، حاولت بكل قوة العودة وأجرت بروفات بفيلتها مع الموسيقار سيد مكاوى على أغنية «أوقاتى بتحلو»، لكنها لم تستطع مع شدة المرض حتى يوم رحيلها يوم الاثنين 3 فبراير 1975 وتودعها مصر فى جنازة مهيبة يوم 4 فبراير 1975، رحل الجسد وبقى الصوت خالداً فى نفوس ووجدان الملايين والأجيال المتعاقبة. أرقام فى حياة كوكب الشرق 1923 حضرت للقاهرة لأول مرة 1933 مثلت أول أفلامها «وداد» 1940 غنت من ألحان القصبجى «رق الحبيب» 1947 مثلت آخر أفلامها «فاطمة» 1952 غنت «مصر تتحدث عن نفسها» 1954 تزوجت من الدكتور الحفناوى 1960 غنت لأول مرة من ألحان بليغ حمدى «حب إيه» 1964 غنت أول مرة من ألحان عبدالوهاب «أنت عمرى» 1967 حفل باريس لدعم المجهود الحربى 1973 آخر حفلاتها على مسرح سينما قصر النيل وغنت «ليلة حب» و«القلب يعشق» 1975 رحيلها بمستشفى المعادى
