لا أكون مبالغاً إذا قلت إن العام الذى أوشك على الانتهاء، حفل بأحداث سياسية بالغة واقتصادية مرعبة تعد الأسوأ فى تاريخ مصر، لأسباب كثيرة أبرزها على الإطلاق هو صدمة المصريين فى الإخوان بعد اعتلائهم عرش البلاد، فقد أصيب الناس بفجيعة كبرى مما عايشوه تحت حكم الجماعة التى غلبتها شهوة السلطة بشكل فاق تصرفات النظام السابق، والأمثلة كثيرة خلال هذا العام الذى قارب على الانتهاء، ولأن هذه الأحداث كثيرة فلن أتمكن من تدوينها فى هذه المساحة، التى لا تكفى لسرد العوار الشديد الذى أصاب هذا العام بسبب تصرفات حكم «الإخوان» والتيارات التابعة لها. على سبيل المثال لا الحصر، شهد عام 2012 أو تحديداً منذ تولى الرئيس محمد مرسى مقاليد الحكم، الذى يعد أول رئيس مدنى يحكم البلاد، بدأت معه كارثة انتمائه للجماعة، والتى ظهرت منذ أدائه يمين القسم والجدل الكبير الذى أثير حول رفضه الأداء أمام المحكمة الدستورية، وضغوط الجماعة عليه لتنفيذ رغبتها، يعنى أن الرئيس منذ اليوم الأول لتوليه السلطة انحاز لجماعة الإخوان والتيارات الدينية المنشقة عنها أو التابعة لها، على حساب المصريين، ثم تم تأسيس الجمعية المكلفة بوضع الدستور والتى غلب عليها التيار الدينى، إلا ما رحم ربى، وواجه التيار المدنى داخل الجمعية ضغوطاً عنيفة منذ اليوم الأول لبدء جلسات وضع الدستور، مما اضطر فى نهاية المطاف أن تنسحب التيارات المدنية من التأسيسية وينفرد التيار الدينى بوضع الدستور بمواد مشوهة لا تعبر عن المصريين، وتحقق فقط مصالح جماعة الإخوان المسلمين وأتباعها من التيار الدينى. وضرب الرئيس مرسى بانسحاب المدنيين من التأسيسية عرض الحائط، وتم سلق الدستور بين ليلة وصباحها، وأصر الرئيس على الاستفتاء على هذا الدستور المشوه، وتم حشد أنصار التيار الدينى للموافقة عليه فى استفتاء باطل من أوله إلى آخره، وخرجت النتيجة صادمة لجموع المصريين وتم نقل سلطة التشريع إلى مجلس الشورى المطعون فيه وفاقد الأهلية للتشريع أصلاً وبتنا على مشارف غزوة من القوانين داخل هذا المجلس العجيب والغريب الذى يسيطر عليه الإخوان وأذنابهم من التيارات الدينية.. وبذلك سيشهد العام الجديد كوارث لا تعد ولا تحصى بعد إصدار قوانين وقرارات تعمل فى الأساس لخدمة الإخوان وأتباعهم. أما الظاهرة الخطيرة الأخرى التى حدثت فى عام 2012 هى تأسيس الميليشيات لتكون بديلاً عن أجهزة الأمن المصرية، ولاحظنا موافقة الرئيس عليها وحكومته على تصرفاتها البشعة وكان أخطرها بالطبع هو الهجوم البربرى الذى تم على مقر حزب الوفد وجريدته، ورغم تحديد هوية وأسماء الجناة، إلا أن الداخلية لم تجرؤ، حتى الآن، على القبض على مرتكبى هذه الجريمة النكراء ولا على المحرضين لها، بل إن كبيرهم «أبوإسماعيل» هدد وزارة الداخلية ووزيرها بل وصل به الأمر إلى إهانة جهاز الشرطة بكامله، ولا أحد يجرؤ على أى رد فعل بشأنه، والحقيقة أن وزارة الداخلية تعلم تماماً أن مؤسسة الرئاسة هى التى ترعى هذه الميليشيات وتناصر أصحابها، ولا تقوى على اتخاذ موقف، وكنا نتصور من السيد وزير الداخلية أن يتخذ موقفاً سيدخل به التاريخ من أوسع أبوابه، لكن ليس كل ما يتمناه المرء يدركه. العام الجديد ظهرت بشائره منذ ستة شهور والمصائب التى حلت منذ تولى الإخوان الحكم فى هذه المدة القصيرة، كافية لأن تجزم بأننا مقبلون بالفعل على كوارث لا تحمد عقباها.. الجديد سيكون فعلاً عام شؤم ولا يتوقع أحد خيراً فى ظل كل هذه الأحداث التى لاحقت البلاد خلال الشهور المنصرمة من العام الذى أوشك على الانتهاء.. ولست جانحاً فى الرأى فقد قالها الرئيس صراحة فى حديثه داخل الشورى عندما قال «رزقكم على الله» ولا أحد ينكر أن الرزق بيد الله، لكن الأفعال والتصرفات تؤكد أن القادم أسوأ بكثير من المنصرف، وأن الناس لا ينتظرون من رئيس الجمهورية أن يقرر لهم حقيقة أصيلة وهى أن الرزق بيد الله. الناس تنتظر من رئيسهم حياة كريمة حرة كما رفعوا ذلك خلال الثورة: «عيش.. حرية.. كرامة إنسانية»، وجماعة الإخوان التى تحكم البلاد لا تهتم بالعيش ولا الحرية ولا الكرامة الإنسانية، إنما تحول المصريين إلى جوعى وتقتل ميليشياتها المتظاهرين، وتضرب بالكرامة الإنسانية عرض الحائط.. كل ذلك لسبب واحد هو أن مصر أصبحت رهينة حكم الإخوان.