لن نحل مشاكلنا الاقتصادية بالكلام الرنان، والشعارات الجوفاء، العمل، ثم العمل هو المفيد، الكلام مش وقته خالص، دوران العجل، فتح مجالات جديدة لتشغيل العاطلين، توجيه رسائل طمأنة للمستثمرين فى الداخل والخارج هو الحل، مصر ساحة عمل كبيرة، لكن رأس المال جبان، يحتاج الى الأمان، الى البيئة المستقرة، تشويه القضاء، وخنق الإعلام، وتقطيع الهدوم السياسية يمنع المستثمرين من المجازفة بأموالهم، اقتصادنا ليس سيئاً، المشكلة تكمن فى صعوبة نموه وتطويره، وحتى نضع أقدامنا على الطريق الصحيح فلابد أن يسير البناء الاقتصادى جنباً إلى جنب مع البناء السياسى فى خط واحد، أغفلنا البناء الاقتصادى، وتفرغنا للتعارك السياسى، وركبنا جميعنا قطاراً بدون فرامل، لا يتوقف فى محطات،ودهسنا فى طريقنا كل القيم التى يمكن أن نبنى عليها نظامنا الجديد، كيف يحضر المستثمرون لإقامة مشروعات فى دولة مخطوفة من جماعة تتفاهم بالميليشيات المسلحة، تتعامل مع المعارضين على أنهم متآمرون، من يخالفهم فليس منهم، نمو الاقتصاد يحتاج إلى بيئة يتوفر فيها الاستقرار السياسى، والاجتماعى ومحاربة الفساد، واحترام القضاء، تخفيض تصنيفنا الائتمانى من B إلى B سالب سببه التخبط والارتباك السياسى على مدار عامين فى ظل ثلاث حكومات لم تقدم شيئاً للاقتصاد، هذا التصنيف يعنى أن البلد أقل أمناً، كيف يأتى المستثمرون الى بلد أصحابه يشككون فى القضاء، ويحاصرون المحاكم،ويحكمهم دستور انتقامى. مصر للمصريين، لا يوجد أحد أكل من خبز هذا البلد، وشرب من نيله، يريد له شراً مصر تمرض، ولا تموت، لايوجد مصرى أصيل يتشفى فى مشاكلها، قلق المصريين على الاقتصاد عادى، هو قلق على لقمة العيش، هو رغبة فى النهوض، لا أحد يتمنى الإفلاس لها، أو يراها تمد يدها لأحد. ونرجو عندما قال الرئيس مرسى فى خطابه أمام مجلس الشورى إن الذين يتحدثون عن إفلاس مصر هم المفلسون ألا يكون المقصود بهؤلاء من معارضى حكمه وجماعته، لأن الاقتصاد، هواقتصاد الجميع، ولقمة عيش جميع أبناء الوطن، لاحظت الإخوان يصفقون بشدة للرئيس عندما قال ذلك، وعلق صبحى صالح فى الميديا قائلاً، لقد انبسطت على الآخر عندما قال الرئيس الذين يتكلمون عن إفلاس مصر هم المفلسون، وكان يكفينى هذه العبارة وأروح بيتى، وقال العريان: الرئيس رد على المشككين فى الاقتصاد بالأرقام والحقائق وقال فريد إسماعيل: خطاب مرسى تاريخى، وقال قنديل: المشككون مغرضون كلام فيه تشفى مش مريح. الرئيس ذكر فى خطبه أرقاماً مطمئنة على الورق فقط عن ارتفاع معدل النمو، وخفض التضخم، وزيادة الاحتياطى الأجنبى، وارتفاع السيولة، والودائع، والبنك المركزى يقول عكس ذلك تماماً ويؤكد أن الوضع حرج، الفقر فى زيادة، الدخول قلت،والأسعار ارتفعت، الموظفون قلقون على مرتباتهم، كل واحد حاطط ايده على قلبه خوفاً من بكره، ولن يطمئن أحد على مستقبله، إلا إذا وجد ترجمة حقيقية ملموسة تغير من شكل الحياة، الرئيس ذكر هذه الأرقام وقال بعدها: وفى السماء رزقكم وما توعدون، نعم الله هو الذى يرزق، ولكن بالسعى، والعمل، والانتاج، لن يرزقنا الله، ونحن نيام، مستلقون فى الضلة نروى النكت، ونتسلى بنوادر أبوإسماعيل وأبوالأشبال، والبرهامى وعبدالله بدر، لن يرزقنا الله ونحن نكذب،ونقول الشئ، ونقيضه، يرزقنا الله عندما يؤدى الراعى واجبه نحو الرعية، ويعدل بينهم،ولا ينحاز لجماعة دون الآخرين،يرزقنا الله عندما نرسى دولة العدل، يرزقنا الله عندما نحارب الفساد، ونطبق القانون على الجميع، ويرزقنا الله، عندما تكون حواراتنا هدفها الإصلاح الحقيقى حتى يوفق الله بيننا. أشياء كثيرة غابت عن خطاب الرئيس، وهى ضرورية للمستقبل، كان يجب أن يتكلم عن تعديلات الدستور لخلق وفاق حوله بعد إزالة الألغام منه، كان يجب أن يقول للمصريين أنا أخطأت فى حقكم عندما أصدرت الإعلان الدستورى، ويتحدث عن فتح صفحة جديدة، كان يحب أن يمد يده للقضاء والإعلام لمسح آثار التشويه الذى لحق بهما، خاصة أنه قال ان الدولة العصرية لا تقوم إلا بالإعلام والقضاء المستقل، فماذا فعل لهما؟ كان يجب أن يتحدث عن المجلس الوطنى للإعلام ويوضح أنه سيكون نقلة حقيقية فى حرية الإعلام بعد ذبحها فى دستور الانقسام، كان يجب أن يتحدث أكثر عن الانتخابات النيابية القادمة ويوجه رسالة طمأنة عن نزاهتها، وأنها ستكون انطلاقة كبرى نحو الديمقراطية وانه سيتلافى فيها التجاوزات التى وقعت فى الاستفتاء على الدستور، كان يجب أن يشيد بالمعارضة الوطنية رفيقة ثورة 25 يناير بدلاً من التحريض ضدها واتهامها بمحاولة قلب نظام الحكم.