تواجه دول مجلس التعاون الخليجي العديد من التحديات الاقتصادية في 2013 وفي مقدمتها تعزيز عملية التكامل الاقتصادي بين دول المجلس وديمومة مشاريع الإصلاح الاقتصادي في الدول الست ومواجهة معضلة البطالة في أوساط العمالة المحلية في نصف أعضاء المنظومة. أما على الصعيد الدولي فهناك مسألة التوصل لاتفاقيات تجارية مع الدول والكيانات الاقتصادية الأخرى خصوصا الاتحاد الأوروبي. للأسف الشديد، تسير مسيرة التكامل الاقتصادي بين دول المجلس بخطى بطيئة وإن كانت ثابتة. فهناك تحدي تعزيز المواطنة الخليجية عبر مشروع السوق الخليجية المشتركة والذي بدأ تنفيذه في مطلع عام 2008 بعد تبنيه في قمة الدوحة نهاية 2007. يرتكز المشروع على مبدأ منح الحرية لعوامل الإنتاج بالتحرك داخل اقتصادات دول مجلس التعاون الست. بيد أنه هناك شكاوى من التجار من إجراءات رسمية مطولة في بعض الدول الأعضاء بالنسبة لفتح فروع للمؤسسات على سبيل المثال في الدول الأعضاء. ينال هذا الأمر من صدقية مشروع السوق الخليجية المشتركة برمته. ويتعلق التحدي الآخر باستمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي عبر تعزيز خطوات فتح الاقتصادات المحلية أمام المنافسة. وجميل ما يحدث في هذه الفترة من إجراءات لتحرير سوق الطيران المحلي في المملكة العربية السعودية المترامية الأطراف. وتتضمن الجهات المنافسة للحصول على حق تسيير رحلات داخلية كل من القطرية وتحالف يضم شركات صينية. ويمكن تقدير الجوانب الإيجابية المحتملة لفتح سوق الطيران المحلي في السعودية بالنظر لتجربة قطاع الاتصالات. لا شك، تعيش دول مجلس التعاون الخليجي إيجابية تحرير سوق الاتصالات حيث نجحت شركات إقليمية بالدخول في الأسواق المحلية الأخرى مع ما لذلك من فوائد على المستهلكين بالنسبة لحصولهم على أسعار تنافسية وخدمات راقية. وخير دليل على هذا ما يحدث في هذه الفترة بالذات من تقديم شركات الاتصالات لعروض فيما يخص منتج (آي فون 5) من إمكانية تملك الجهاز ومزايا أخرى مثل الحصول على دقائق مجانية وقدرة إرسال رسائل قصيرة مقابل دفع أقساط شهرية. يتمثل القاسم المشترك بين دول مجلس التعاون في هذه الفترة بإفساح المجال أمام القطاع الخاص لممارسة الدور الذي يستحقه في إدارة دفة الاقتصاد. لكن يكمن التحدي في استمرار العمل ببرنامج الإصلاح الاقتصادي رغم ظهور بعض العوائق مثل خسارة بعض المواطنين لوظائفهم بسبب برامج الخصخصة. إضافة إلى ذلك، هناك معضلة البطالة في أوساط المواطنين في ثلاث دول أعضاء في مجلس التعاون الخليجي وتحديدا السعودية والبحرين وعمان. حقيقة القول، تتميز السعودية بين دول مجلس التعاون الخليجي بنشر أرقام دقيقة حول واقع سوق العمل بما في ذلك البطالة وهي مسألة تستحق الإشادة لأنها تعبر عن الرغبة في إيجاد حلول للتحدي. فحسب الإحصاءات الرسمية، بلغ متوسط البطالة في أوساط العمالة السعودية الباحثة عن العمل أكثر من 9 في المائة في العام 2010 على أمل تخفيض النسبة لنحو 5.5 في المائة في 2014 في إطار خطة تنموية. كما أظهرت الأرقام أن الفئات العمرية الشابة تشكل السواد الأعظم من العاطلين في السعودية الأمر الذي يعد أمرا مقلقا. وبشكل أكثر تحديدا، تتركز البطالة السعودية في الفئة العمرية ما بين 20 إلى 24 سنة يمثلون فيما بينهم 43 في المائة من العاطلين. مؤكدا، يخسر الاقتصاد السعودي ربما الكثير بسبب انتشار البطالة في أوساط الشباب أي من الفئة العمرية الأكثر قدرة على العطاء والمساهمة بشكل بناء في التنمية. كما تعتبر البطالة في أوساط الشباب أحد أسباب الأزمة السياسية التي اندلعت في عمان مطلع العام 2011. وفيما يخص البحرين، مؤكداً أسهمت البطالة في ظهور الأزمة في البحرين في فبراير 2011 رغم أن المطالبات في مجملها سياسية. على الصعيد الدولي، هناك مسألة العودة لظاهرة إبرام معاهدات للتجارة الحرة والاتفاقيات الإطارية مع الدول والكيانات الاقتصادية حول العالم. ولوحظ شبه توقف هذه المسألة منذ منتصف 2010 بحجة مراجعة الاتفاقيات الموقعة لكن لا يمكن للمنظومة الخليجية أن تبقى بعيدة عن موضوع مهم يعد من سمات العصر الحديث. بالعودة للوراء، أبرمت دول مجلس التعاون بشكل جماعي وللمرة الأولى اتفاقية للتجارة الحرة لها مع سنغافورة في نهاية العام 2008 حيث شكلت فاتحة خير لإبرام اتفاقيات مع أطراف أخرى. ففد وقعت دول مجلس التعاون الخليجي في منتصف العام 2009 اتفاقية للتجارة بين مجلس التعاون الخليجي ورابطة التجارة الحرة الأوروبية والمعروفة اختصارا بمنظمة (ايفتا). تضم الرابطة كلا من سويسرا والنرويج وأيسلندا وإمارة ليختتشتاتين. تهدف الاتفاقية مع رابطة ايفتا إلى تحرير التبادل التجاري وتكامل الأسواق وتغطي تجارة السلع والخدمات والمنافسة وحماية حقوق الملكية الفكرية والمشتريات الحكومية وآليات لتسوية المنازعات. وفي العام 2010، وقعت دول مجلس التعاون الخليجي مذكرة تفاهم مع منظمة السوق المشتركة لشرق وجنوب إفريقيا والمعروفة اختصارا بمجموعة (الكوميسا). تضم منظمة الكوميسا 19 دولة تقع في شرق وجنوب إفريقيا تشمل كينيا وأوغندا وزامبيا. بيد أن هناك معضلة التوصل لاتفاقية للتجارة الحرة مع الاتحاد الأوروبي. وكانت المحادثات بين الطرفين قد بدأت في العام 1988 بهدف إنشاء منطقة الحرة لكنها فشلت في إحراز تقدم يذكر بسبب إصرار الجانب الأوروبي على الإتيان بأمور جديدة بين الحين والآخر قبل الموافقة على التوقيع على إنشاء منطقة للتجارة الحرة. فقد أدخل الأوروبيون في بعض الفترات متغيرات جديدة مثل عدم إساءة استخدام البيئة وضرورة منح الأقليات الموجودة في دول الخليج حقوقهم وبالتأكيد كانت هناك المسائل الاعتيادية مثل حقوق الإنسان والإصلاح السياسي. يحدونا الأمل بأن يشكل العام 2013 انطلاقة جديدة لاقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي على الصعيد الدولي تتناسب وقدراتها المتنوعة. نقلا عن صحيفة الشرق القطرية