سعر الدولار عامل كام؟.. تابع الجديد في أسعار العملات اليوم 20 يونيو    القناة 12 الإسرائيلية: 67% من الإسرائيليين يعتقدون أن إسرائيل قادرة على الانتصار على حزب الله لو اندلعت الحرب    في هانوي.. انطلاق المباحثات الثنائية بين الرئيس الروسي ونظيره الفيتنامي    مقتل شخصين إثر حرائق الغابات في ولاية نيو مكسيكو الأمريكية    اجل.. تركي آل الشيخ ينعي مشجعتي الأهلي ويدعو أسرتيهم لأداء العمرة    فيلم "ولاد رزق 3" يتخطى 114 مليون جنيهًا منذ عرضه بالسينمات    أم طبخت ترابا وفتيات انتحرن، مسؤول أممي يكشف عن مآس يعيشها السودانيين بسبب الحرب    مبدأ قضائي باختصاص القضاء الإداري بنظر دعاوى التعويض عن الأخطاء    في ختام أسبوع العيد.. سعر الذهب اليوم الخميس 20 يونيو 2024 وعيار 21 الآن    النشرة الصباحية من «المصري اليوم»: سحب 4 أدوية من الأسواق.. الموت يخطف عروس المنيا.. حصيلة مرعبة في وفيات الحجاج المصريين.. سبب عدم خروج صلاح أمام غينيا بيساو.. والأرصاد تحذر من طقس اليوم    صحة قنا تكشف حصيلة مخالفات الأغذية والمشروبات المضبوطة خلال أيام العيد    عاجل:- وفاة العديد من الحجاج غير النظاميين خلال موسم الحج 1445ه    عاجل:- استقرار أسعار الحديد والأسمنت في مصر بعد عيد الأضحى    اسعار حفلات عمرو دياب في مراسي الساحل الشمالي    بعد تصريحات اللاعب| هل يرفض الأهلي استعارة «تريزيجيه» بسبب المطالب المادية؟    مصرع شخصين وإصابة 3 آخرين في حادث تصادم بكفر الشيخ    إلى أين تتجه التطورات على حدود إسرائيل الشمالية؟    تعرف على خريطة الكنائس الشرقيّة الكاثوليكية    سنتكوم تعلن تدمير مسيّرتين ووحدة قيادة تابعة للحوثيين في اليمن    حماس: تأكيد جديد من جهة أممية رفيعة على جرائم إسرائيل في غزة    الآلاف في رحاب «السيد البدوى» احتفالًا بعيد الأضحى    العطلة الطويلة جذبت الكثيرين إلى المصايف| أين قضى المصريون الإجازة؟    هيئة الداوء تحذر من 4 أدوية وتأمر بسحبها من الأسواق    أسرع مرض «قاتل» للإنسان.. كيف تحمي نفسك من بكتيريا آكلة اللحم؟    yemen exam.. رابط الاستعلام عن نتائج الصف التاسع اليمن 2024    إيقاف قيد نادي مودرن فيوتشر.. تعرف على التفاصيل    التخزين الخامس خلال أيام.. خبير يفجر مفاجأة بشأن سد النهضة    بعد بيان الأبيض.. اتحاد الكرة يبحث عن حكم أجنبي لإدارة قمة الأهلي والزمالك    وزير الداخلية السعودي: موسم الحج لم يشهد وقوع أي حوادث تمس أمن الحجيج    «آخرساعة» في سوق المدبح القديم بالسيدة زينب| «حلويات المدبح»    «إن كنتم تناسيتم ذلك أنا لم أنسى».. تعليق مثير من محمد عواد بعد إحالته للتحقيق    هل يسمع الموتى من يزورهم أو يسلِّم عليهم؟ دار الإفتاء تجيب    «المالية»: حوافز ضريبية وجمركية واستثمارية لتشجيع الإنتاج المحلي والتصدير    تشييع جثامين أم وبناتها الثلاث ضحايا حادث انقلاب سيارة في ترعة بالشرقية    "تاتو" هيفاء وهبي وميرهان حسين تستعرض جمالها.. 10 لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    حمدي الميرغني يوجه رسالة ل علي ربيع بعد حضوره مسرحية "ميمو"    تامر حسني يشعل حفله بكفر الشيخ رابع أيام عيد الأضحى (صور)    بعد نجاح زراعته في مصر.. هل الكاسافا هو البطاطا؟ الزراعة تجيب    «من أجل كايزر تشيفز».. بيرسي تاو يضع شرطًا مُثيرًا للرحيل عن الأهلي (تفاصيل)    تحت سمع وبصر النيابة العامة…تعذيب وصعق بالكهرباء في سجن برج العرب    معظم الحجاج المتوفين خلال موسم حج هذا العام من المخالفين    كندا تبدأ بتصنيف الحرس الثوري الإيراني منظمة إرهابية    حظك اليوم| برج الحمل الخميس 20 يونيو.. «وجه تركيزك على التفاصيل»    وفاة الناقد الأدبي محمود عبدالوهاب    فرقة أعز الناس.. سارة جمال تغني "ألف ليلة وليلة" في "معكم منى الشاذلي"    تطورات جديدة| صدام في اتحاد الكرة بشأن مباراة القمة    وزير الرياضة ينعي مشجع نادي الزمالك    سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الخميس 20 يونيو 2024 في البنوك    مشروبات صحية يجب تناولها عقب لحوم العيد (فيديو)    تعرف علي المبادرات التي أطلقتها الدولة المصرية لتدريب الشباب وتأهيلهم وتمكينهم    إحالة مديرى مستشفى "ساقلتة" و"أخميم" للتحقيق لتغيبهما عن العمل فى العيد    بخطوات سهلة.. طريقة عمل كفتة داود باشا    بعد انتهاء أعمال الحج.. علي جمعة يكشف عن آداب زيارة مقام النبي والمسجد النبوي    تنسيق الجامعات 2024.. شروط القبول ببرنامج بكالوريوس الطب والجراحة (الشعبة الفرنسية) جامعة الإسكندرية    مايا مرسي تستقبل رئيس الوكالة الإسبانية للتعاون الإنمائي    ما هي علامات قبول الحج؟.. عالم أزهري يجيب    علي جمعة ينصح: أكثروا في أيام التشريق من الذكر بهذه الكلمات العشر    ما هي الأشهر الحرم وسبب تسميتها؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. السيد فليفل : سد إثيوبيا مخالفة صريحة للقانون الدولى
العميد الأسبق لمعهد الدراسات الأفريقية وعضو مجلس النواب
نشر في الوفد يوم 09 - 12 - 2020

30 يونية أعادت الاعتبار للدولة المصرية وعلاقاتها بالقوى الخارجية
تخريب «سوريا» يهدف لخدمة إسرائيل وتركيا.. و«أردوغان» بلطجى
مصر صاحبة أقوى تمثيل دبلوماسى فى القارة السمراء.. وإسرائيل لا تملك «التغلغل» فى أفريقيا
20٪ حجم التجارة البينية بين دول القارة.. ومكافحة الفساد ضرورة لتشجيع الاستثمار
مصر «الحضَّانة» الأساسية للأديان.. والعدوان على «الحبشة» محض افتراء
الدكتور السيد فليفل أحد أبرز وأشهر الخبراء فى الشئون الأفريقية، فهو عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية الأسبق بالقاهرة، تدرج فى مراحل التعليم المختلفة حتى عمل معيدا للتاريخ الحديث والمعاصر، ثم تولى إدارة مركز تعليم اللغة العربية للأفارقة بالمعهد ثم تولى رئاسة القسم ثم عميدا لمعهد البحوث والدراسات الأفريقية، أسس المنتدى الأفريقى وأدار جلساته عبر 16 عاما، وأسس مركز البحوث السودانية ومركز تنمية الموارد البشرية والطبيعية ومركز البحوث الأفريقية.
نال «فليفل» عضوية العديد من اللجان، فهو عضو شعبة الثقافة بالمجالس القومية المتخصصة وعضو لجنة التاريخ بالمجلس الأعلى للجامعات ومستشار المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط ومحاضر بأكاديمية ناصر العسكرية العليا وأستاذ التاريخ الحديث بمعهد البحوث والدراسات بجامعة الدول العربية، ورئيس جمعية الملتقى الأفريقى من 2003 حتى الآن.
أشرف «فليفل» على أكثر من 50 رسالة علمية، وتم تعيينه ضمن الأعضاء المنتخبين بمجلس النواب من قبل الرئيس السيسى، حتى رأس لجنة الشئون الأفريقية بالمجلس.
زار «فليفل» معظم بلدان القارة الأفريقية خاصة دول حوض النيل، وكانت له إسهامات واضحة فى العمل على تطوير أواصر العلاقات مع الدول الأفريقية المختلفة.
«الوفد» التقت عميد معهد البحوث والدراسات الأفريقية الأسبق بالقاهرة وهذا نص الحوار:
مصر ارتبطت بأفريقيا مؤخرا، بل إن هذه العلاقة زادت أواصرها خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير، فما تقييمك لذلك؟
- هذه طبيعة الأشياء، وهو ما كان يجب أن يكون موجودا منذ فترة طويلة، فهناك لا أقول انقطاع لأنه لم يحدث انقطاع فى العلاقات المصرية الأفريقية مطلقا، إنما كان هناك إهمال فى التواصل بصفة خاصة من مؤسسة الرئاسة فى أواخر عهد الرئيس السادات ثم فى عهد الرئيس مبارك منذ عام 1995، لأنه قبل ذلك كان رئيسا للقمة الأفريقية مرتين، وكان حريصا على النشاط الأفريقى، لكن بعد محاولة الاغتيال فى أديس أبابا أعطى العمل الأفريقى ظهره، وكان من آثار ذلك أن استاءت القيادات الأفريقية، لأن وضع القمة عند الأفارقة كبير جدا، فالأفارقة يحترمون الزعماء وتعتبر المساهمة فى أعمال القمم الأفريقية حالة من حالات المشاركة المستمرة فى تدعيم مكانة القارة الدولية وفى تأكيد استقلالية القارة فى الإطار الدولى والمحافظة على مصالحها، فبالتالى هذا الإهمال هو فى الحقيقة جزء من الإهمال العام الذى شهده عصر مبارك فى مجالات كثيرة منها إهدار قيمة القطاع العام وتمكين جماعات من رجال الأعمال غير الأمناء من رقاب وأرزاق المواطنين، إلى الحد الذى أدى فى النهاية إلى ثورة 25 يناير وهذه نتيجة طبيعية لكل المراحل السابقة، ومن سوء حظه أن ارتبط هذا بإخلائه الشارع السياسى للإخوان المسلمين الذين شاركوا فى المؤامرة مع القوى الغربية فى إطار نظامات مجتمع مدنى معينة ومجموعة من الشباب، جرى تدريبهم دوليا لركوب موجة الغضب الشعبى، والبداية فى تنفيذ ما نعلمه بصراحة عن صفقة القرن وتقسيم المنطقة، وكان يفترض أنه فى 2016 يكون الاحتفال بمرور مائة عام على اتفاقية «سايكس بيكو» وبالتالى يسهل إنشاء إسرائيل الكبرى من الفرات إلى النيل، وهذا أحد أسباب ظهور حزب يسمى «أبيض - أزرق» فى إسرائيل وهو حزب يتحدث عن خطين هما النيل والفرات، فبالتالى فى الحقيقة 30 يونية أعادت الاعتبار للدولة المصرية، بدورها السياسى الداخلى وأعادت الاعتبار أيضاً لعلاقاتها الخارجية مع كافة القوى وبالتالى أخذت أفريقيا ما ينبغى لها من اهتمام.
القارة الأفريقية تشهد تطورا ملحوظا فما رؤيتك لهذا التطور وكيف يمكن لمصر أن تستفيد من هذا التطور؟
- القضية ليست فى الاستفادة فقط، لكن أى مواطن فى بلد نيلى يحيا على نهر واحد، وهو مصدرك الوحيد للحياة، وهو يشكل الممر الرئيسى للطرق فى الدولة، وهو يشكل الممر الرئيسى لسفن السياحة، ويشكل الممر الرئيسى للطاقة المائية، وقبل هذا كله هو سقيا الأرض والإنسان، وبالتالى عندما تهتم بأفريقيا تهتم بحياتك وبوجودك وبوجود شعبك وما عرفت مصر حاكما سجلته فى التاريخ وحفظت تراثه إلا إذا كان مهتما بنهر النيل.
مصر لعبت دورا كبيرا فى الخمسينيات والستينيات لمساعدة القارة السمراء على التحرر ولكننا واجهنا تحديات جديدة وتراجعاً للدور المصرى فى أفريقيا بعد هذه الفترة فما أسباب ذلك؟
- بصراحة الأسباب كانت تتعلق بمؤسسة الرئاسة زمن «مبارك» فالدولة المصرية استمرت فى إيفاد المعلمين والأطباء والمهندسين الزراعيين ومهندسى الرى فالدولة المصرية استمرت فى إيفاد المعلمين والأطباء والمهندسين الزراعيين ومهندسى الرى والخبراء فى إطار برامج الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية أيام كانت تحمل اسم الصندوق المصرى للتعاون الفنى مع أفريقيا فهى لم تتأخر عن الاستمرار فى تقديم نفس المساعدات لكن الإهمال حدث فى السنوات الخمس عشرة الأخيرة من حكم «مبارك» الذى امتنع عن الذهاب وحضور القمم الأفريقية لفترات طويلة، وإذا ذهب لا تتعدى فترة زياراته إلا ساعات قليلة لحضور القمة فقط والانصراف. فقد كانت هناك أدوات عمل فى القارة الأفريقية تأسست فى عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر إلا أنه لم يتم استكمالها من قبل الرئيس الراحل أنور السادات أو الرئيس الأسبق مبارك، فلا «السادات» ولا «مبارك» كانا يؤمنان بفكرة الوحدة الأفريقية، فقد كانا يؤديان دورا نشأ فى أيام الرئيس عبدالناصر الذى كان مؤمنا بالوحدة الأفريقية، ولكن كان يرى أن الوحدة الأفريقية شبه مستحيلة فى وجود الاستعمار، علينا أن ننهى الاستعمار ونبدأ فى بناء الوحدة أيضاً شهدت العلاقات المصرية الأفريقية تدهورا فى فترة حكم الإخوان.
الرئيس السيسى قام بجهود حثيثة لاستعادة العلاقات المصرية الأفريقية بعد ثورة 30 يونية فما قراءتك لذلك؟
- الرئيس السيسى رجل استراتيجى ورجل معلومات ويعلم حقائق الأمور، وبالتالى لا تستطيع أن تهمل 53 صوتا فى أى محفل دولى، وهذه الأصوات هى الأصوات التى منعتنا فى أيام «مبارك» من أن ننال شرف رئاسة اليونسكو وأيضاً منعتنا من أن ننال تنظيم كأس العالم، فهذه الأصفار التى كان يحصل عليها النظام هى حاصل جمع الأصفار التى زرعها، ومن هنا فإن الرئيس السيسى لديه هدف يقوم على أن تعود العلاقات إلى ما كانت عليه كما قال فى أول خطاب وجهه للقارة الأفريقية عندما تحدث فى غينيا الاستوائية عن الرئيس عبدالناصر ورفاقه، وأن أفريقيا لا يجب أن تقوم على تاريخ هؤلاء الرجال فقط، ولكن عليها أن تقوم على ما هو قادم من رؤى بقادتها الحاليين، وأنها تستطيع أن تغير «أفريقيا تستطيع» وهذا المصطلح الأفريقى منذ توليه سدة الحكم وتمثل ذلك فى الزيارات المتكررة لعواصم الدول الأفريقية بالإضافة إلى مشاركته فى جميع القمم الأفريقية، كما أولى اهتماما كبيرا بمؤتمرات الشباب العربى والأفريقى، فضلا عن دعوته للأجهزة الأفريقية للاجتماع من أجل التنمية، حيث استضافت القاهرة رؤساء النيابة فى الدول الأفريقية ومديرى البنوك المركزية والتقاء دول التجمعات الاقتصادية الثلاث «الكوميسا وصادق وشرق أفريقيا» بهدف تكوين آلية حل كافة المشكلات الأفريقية.
هل من الممكن مستقبلا أن
تنشأ وحدة أفريقية على شاكلة الاتحاد الأوروبى أو غيرها من التكتلات الجماعية؟
- وقع الرئيس السيسى فى صيف هذا العام مع أقرانه من الرؤساء فى النيجر اتفاقية «التعريفة الجمركية الأفريقية الموحدة»، وهى بالأساس تقوم على تصور قيام السوق الأفريقية المشتركة وفتح العلاقات بين الدول وفق قواعد وضوابط معينة، وهذا الأمر يأتى تنفيذا لخطة أفريقيا للعمل فى المجال الاقتصادى منذ قمة «لاجوس» سنة 1981، التى تضمنت فكرة ضرورة قيام منظمات إقليمية اقتصادية أفريقية تتكامل فيما بينها لكى تصل فى نهاية الأمر إلى السوق الأفريقية المشتركة وبالتالى ما نحن بصدده الآن هو فعلا أنه توجد مجموعة من التجمعات الاقتصادية الأفريقية مثل «الكوميسا» مثل «الساحل والصحراء» ومثل «الايكوا» و«الايكاس» و«صادق» وغيرها واتحاد شرق أفريقيا، كل هذه التجمعات الآن تجتهد من أجل تحقيق التواصل البينى لأن المشكلة فى القارة الأفريقية تكمن فى أن التجارة البينية ضعيفة لا تصل إلى 20٪ من حجم التجارة الأفريقية ويفترض أن التجارة بين الدول الأفريقية بما لديها من مناخات متعددة مناخ البحر المتوسط فى الشمال والمناخ المدارى والاستوائى ومنطقة السافان تستطيع بما لديها من تنوع فى المناخات وبالتالى من تنوع فى المحاصيل والمنتجات والثروات تستطيع أن تتبادل فيما بينها، لكن هذا لا يحدث لأنه منذ جاء الاستعمار قام بإنشاء خطوط السكة الحديد ومسارات النقل من مناطق الثروات والموارد الطبيعية فى القارة إلى الموانئ الأفريقية على السواحل وتأتى السفن الأوروبية تأخذ المنتجات من السواحل على هيئة مواد خام تنقلها إلى أوروبا ثم تصنع وتعود للأسواق الأفريقية بأسعار مرتفعة للغاية، وبالتالى لكى تصنع فارقا وتقيم سوقا، عليك أن تنجح فى بنية تحتية قوية للنقل والمواصلات، النقل بكافة الوسائل «النهرى والبحرى والسكة الحديد والطرق والجوى» للتمكن من نقل ما تملكه القارة الأفريقية من إقليم إلى إقليم وفى هذه الحالة سوف تنقل الناس والسلع بسهولة وتتمتع أفريقيا بغناها فأفريقيا توصف بأنها «أغنى القارات تحت الأرض وأفقر الشعوب فوق الأرض»، فالخيرات موجودة ومطمورة ولكن لا يتم استخراجها إلا عن طريق الاستغلال، ولكى يتم ايقاف الاستغلال الأوروبى والخارجى بشكل عام، على أفريقيا أن تدخل فى المراحل المطلوبة والتى حددتها خطة التنمية الأفريقية، والتى تقوم على التصنيع فنحن لدينا إشكالية «فنحن نشترى النسكافيه من فرنسا بينما هو منتج أفريقى».
هل مصر برئاستها للاتحاد الأفريقى من الممكن أن تضع حدا للتدخلات الخارجية فى قلب القارة الأفريقية؟
- مصر تبنت الحلول للقضايا والإشكاليات الأفريقية ومارست هذه الفكرة بعبقرية شديدة جرى تطبيقها على الحالة الليبية والحالة السودانية وهو ما أسمته مصر دول جوار ليبيا ودول جوار السودان، وكيف جرى استيعاب الأزمة فى السودان بسرعة بينما لم يتم استيعاب الأزمة فى ليبيا بسرعة، فى السودان لم تكن الظروف تسمح لمصر والحركة فى هذا الوقت نتيجة للفوضى التى كانت موجودة والعنف الذى مارسته جماعة الإخوان الإرهابية ومعها أجلاب الأرض وشذاذ الآفاق من المجرمين والقتلة الذين شوهوا الدين وشوهوا الإنسانية جاءوا إلى بلادنا من قوميات وجنسيات ربما لم تكن تعلم من قبل أين توجد مصر، فانشغلنا بالتصدى لهؤلاء لكن عندما استطاعت مصر أن تفرض الأمن على أرضها قدمت فكرة دول جوار السودان ودول جوار ليبيا وبدأت فى حل المسائل من الداخل وهى أيضاً تساهم الآن فى الوضع فى سوريا بوسائل متعددة والحمد لله أقنعت الدول العربية الخليجية التى كانت تدعم المعارضة الإخوانية فى سوريا بأن ترفع يديها عن الشعب السورى، ونجحت المسألة والآن سوريا تأخذ طريقها إلى الهدوء والاستقرار والشىء المذهل أن سوريا بدأت التنمية والإعمار بأيدى أبنائها وليس بطلب من القوى الخارجية، وعلينا ألا ننسى أن تخريب سوريا كان لخدمة إسرائيل وتركيا فى الأصل، وأن عشرة آلاف معمل غزل ونسيج ومصانع مختلفة نقلت من شمال سوريا إلى تركيا وهى التى صنعت مصدر الثراء الذى كان موجودا لدى أردوغان والآن عندما بدأ السوريون يغضبون ويطالبون بالعودة لبلادهم، الآن يلقى بهم فى السجون ويمنعهم من العودة، ثم يهدد الدول الأوروبية باستخدام الإرهابيين وإرسالهم إلى أوروبا فهو «بلطجى» كما قالت محكمة العدل الدولية أنه مارس البلطجة والعنف والقتل واضطهاد المعلمين والأطباء ممن شكلوا قوة معارضة شعبية لنظامه، فالآن مصر تقوم بدور مهم فى حماية ليبيا من التدخل التركى، ودور مهم فى عملية التشاور من خلال آلية دول جوار ليبيا، فالأوضاع استقرت فى شرق وجنوب ليبيا وبات الوضع متأزما فى منطقة واحدة حيث توجد عصابة الإخوان المسلمين ومن التف حولها من أصحاب المنافع الخاصة وبوجود الأتراك فى كافة مناحى الحياة فى طرابلس، معهم بطبيعة الحال القطريون بأموال تدفع لكى تقوم جماعات إرهابية معينة بالهجوم على الدولة المصرية.
تنامى الدور الإسرائيلى داخل أفريقيا فما أسباب ذلك من وجهة نظركم؟ وهل تراها استطاعت إقامة علاقات قوية مع شعوب أفريقيا؟
- مصر صاحبة أقوى تمثيل دبلوماسى فى أفريقيا، ولديها أكبر عدد من السفارات لدولة من الدول فى القارة الأفريقية هى مصر، حتى أكثر من الولايات المتحدة والدول الكبرى، الجانب الثانى أن مصر أكبر مستثمر فى أفريقيا، الأمر الثالث أنه لا غناء عن مصر للدول الكبرى للنظر إلى إدارة العلاقات الاقتصادية الأفريقية وهذا لا تملكه إسرائيل، مصر هى جزء من القارة الأفريقية أما إسرائيل فهى قوى خارجية وقوى محسوبة على الغرب مصدره نجاح إسرائيل يأتى كونها أن لديها فروعا لشركات متعددة الجنسيات غربية فى الغالب أوروبية وأمريكية تحمل إسرائيل على جناحها إلى القارة الأفريقية، فالنجاح ليس ذاتيا وليس نابعا من تقدم كبير ونتنياهو كان فى إثيوبيا وقال قبل شهور إنه سوف يجعل «البقرة الإثيوبية تنتج أكبر كمية من الألبان فى العالم»، ولم يحدث شىء منذ أن قال ذلك، وقبل عامين ونيف حضر قمة البحيرات العظمى واجتمع بالرؤساء وفرض نفسه على الاجتماع وقال الرئيس الأوغندى له، ما الجديد فى القضية الفلسطينية؟ وقال له رئيس جنوب السودان إن العالم لن يستطيع الانتظار طويلا من أجل إنهاء معاناة المواطنين الفلسطينيين فنحن عانينا من الاضطهاد وننظر إلى أشقائنا فى أى منطقة فى العالم يعانون من الاضطهاد، وأنه فى لحظة من اللحظات يصرح نتنياهو بأن علاقات إسرائيل
بالدول العربية هى علاقة قوية ووطيدة ويذكر منها مصر وهو يعلم أنه لا مجال للعلاقات والتطبيع مع إسرائيل وأنه يكذب بنجاح عن طريق بث سمومه للتأثير على الرأى العام، وهذه مجرد أقاويل غير مؤثرة فى الواقع المعاش، ومن الممكن أن تكون هناك بعض الخبرات تقدم فى مجالات معينة من أجل التأثير على بعض الرؤساء عن طريق الأمن وحماية الرؤساء وأجهزة المخابرات وأشياء من هذا القبيل، لكن إسرائيل لا تملك القدرة على الانتشار فى أفريقيا.
ما الذى يمكن فعله لتشجيع الاستثمار فى القارة الأفريقية؟
- القارة الأفريقية تحتاج لكى تنهض إلى أشياء كثيرة، الاستثمار أحدها، لكن الذى يسبق الاستثمار هو مكافحة الفساد، فالقارة الأفريقية نتيجة الاستمرار فى اتباع أنظمة إدارة عتيقة لا تزال أنظمة الإدارة الورقية ولا يوجد شمول مالى ولا توجد وفرة من البنوك، ولا توجد سياسات واضحة للبنوك المركزية عندما تستطيع أفريقيا أن تتغلب على هذا الجانب سوف تتوفر للقارة الأفريقية مبالغ يقدرها الخبراء بين «80 و150 مليار دولار» هذه المبالغ كفيلة بتغيير الأوضاع فى القارة الأفريقية لو تم انفاقها على الاستثمار، وبالتالى المدخل إلى مقاومة الفساد هو مدخل مهم جدًا، الأمر الثانى هو التعاون مع الدول الكبرى التى لديها مشروعات فى القارة الأفريقية وعرض خطة التنمية الأفريقية على هذه الدول، فالقارة الأفريقية لديها برنامج للتنمية هو خطة 2063 والأمر المنطقى أن القارة الأفريقية تطرح خطة التنمية على الدول الأفريقية بما فيها البنية التحتية، وهنا من الممكن أنت تتضافر جهود هذه الدول مع الجهود الأفريقية للوصول إلى توافق يساعد القارة الأفريقية على النهوض ويساعد الأطراف الأخرى على تحقيق استثمار ناجح فى أفريقيا، ويستفيد الجميع، ولذلك أعتقد أن هذا المدخل يجب أن يقوم على تفاوض أفريقى مع الشركاء الدوليين من أجل إنفاذ خطة التنمية الأفريقية، وهنا تصبح أفريقيا تملك ورقة تستطيع أن تتحدث بها مع الآخرين، وثالثًا هى أن تعمل الدول الأفريقية برامج وخطط تنمية تقوم على خمسيات وعشريات للتنمية القومية أو الوطنية، وتربط هذه الخطط بخطة التنمية الأفريقية المجمعة، فى هذه الحالة تكون خطة التنمية الداخلية مرتبطة بخطة التنمية القارية.
وهل هناك خطط أخرى لتنشيط الاستثمار فى أفريقيا؟
- نعم.. إذا جرى التنسيق بين التجمعات الاقتصادية المختلفة للوصول إلى التواصل البينى فى البنية التحتية أعتقد أن القارة الأفريقية تستطيع قبل عقدين من الزمان أن تتجاوز حالة التخلف الراهنة، فنحن نعيش فى عالم مختلف وفى عصر رقمى وفى تكنولوجيا رفيعة المستوى قادرة على إنجاز ما كنا ننجزه فى سنوات قليلة، فليس بالعمل الروتينى تتم تنمية القارة الأفريقية ولكن بالدخول إلى تكنولوجيا العصر والهندسة الحديثة مثل الهندسة الوراثية والزراعة الحديثة، والأنماط المتعددة الاستخدامات، أيضاً لابد من التنمية المشتركة فى الأنهار، فأفريقيا لديها نهر النيل ونهر الكونغو، ونهر النيجر ولديها نهر أورانج ونهر ترايسفال فى الجنوب، وهذه الأنهار بعضها يربط بين دولة ودولتين وثلاث دول، وأكثر، وفى هذه الحالة لابد من أن تنظر إلى تجارب الأنهار الدولية فى العالم، وكيف نجحت هذه التجارب فى إقامة مجتمعات إقليمية على النهر تقوم على التكامل، وهذا المدخل المنطقى لعلاج مسألة سد النهضة، أن إثيوبيا تقبل فكرة التكامل وتتعايش معنا من خلالها، فإثيوبيا لجأت للطاقة المائية بالرغم من ارتفاع تكلفة إنشاء السدود المائية، بينما كانت طاقة فى جوف الأرض وطاقة الرياح والتكلفة فيها أقل كثيرًا، والعائد أكبر والأماكن المناسبة موجودة فى قلب إثيوبيا وليست فى منطقة الحدود السودانية، فالتكامل الاقليمى فى مجتمعات الأنهار هو فرصة طيبة جدًا لبناء الاقتصاد الأفريقى بشكل عام، أيضاً أفريقيا تحتاج فى اتحادات المصارف الأفريقية إلى حالة تبادل وانتشار لفروع البنوك للدول المختلفة داخل الدول الأخرى ومنها مصر، هذا يوفر للمستثمرين فرصة الانتقال بسهولة وفرصة الحصول على حقوقهم، فإذا جرى نوع من التنسيق فى مجال ضمانات الاستثمار تستطيع الأموال أن تتحرك فى أفريقيا من مناطق الوفرة إلى مناطق الاحتياج وتستطيع أفريقيا أن تنتقل إلى قارة مختلفة، أخيرا ضرورة الانتقال إلى تصنيع القارة، ولابد من عدم تصدير المواد الخام والمعادن دون تصنيع، لأن التصنيع يعطى ميزة نسبية للمنتج ويحقق عائدًا للدولة، فإذا استطعنا أن ننشئ صناعات على مواردنا وننتقل من كون القارة تعتمد على زراعة بدائية وتربية حيوان بشكل بدائى إلى زراعة علمية وإلى تربية لها قواعد وأصول علمية وإلى التصنيع والمعادن المنتجة بكميات كبيرة.
كخبير فى الشئون الأفريقية ما تقييمك لإدارة الدولة لملف سد النهضة؟
- أعتقد أن سد النهضة هو كذبة هندسية كبيرة، وهو سد سياسى بامتياز، وأعتقد أن إثيوبيا اشتركت مع بعض الأطراف الخارجية فى محاولة تسييس مياه النيل وانطلقت من منطلقات مخالفة للقانون الدولى للأنهار واتفاقية روما 1997، فضلاً عن الاختلافات التى أثارتها فيما يتعلق بالاتفاقيات التى وقعتها فيما يخص مياه النيل، ومنها اتفاقية 1902 هذه الاتفاقية ليست أصلاً اتفاقية مياه نيل، هذه اتفاقية للحدود الإثيوبية، ونصت مواد معينة فيها على ألا تقوم إثيوبيا بإنشاء أى سد على الأنهار التى ترفد السودان ومن بعده مصر، فعندما تقول إثيوبيا إن هذا الاتفاق غير ملزم لأنه وقع فى عهد الاستعمار فمن الذى كان مستعمرًا، مصر هى التى كانت مستعمرة والسودان أيضاً، أما إثيوبيا فكانت دولة مستقلة، ورضيت أن توقع مع المستعمر والسؤال الآن للحكومة الإثيوبية القائمة هل إثيوبيا لا تفى إلا للمستعمرين، وهل لا تفى إلى شعب شقيق، هل إثيوبيا لا تفى إلى الدولة التى تشاركها فى الإسلام والمسيحية؟، فالمسلمون فى إثيوبيا يتعلمون فى الأزهر والمسيحيون فى إثيوبيا يتعلمون فى الكنيسة المصرية، فنحن منذ البداية لدينا تاريخ مشترك، إذا كان هناك ما يسمى بالعدوان المصرى على الحبشة، فهذا العدوان أجرته حكومة الخديو إسماعيل، وهذا الخديو ينتمى إلى الأتراك الذين أدخلهم الإثيوبيون الآن مع القطريين إلى الداخل، فإثيوبيا هى التى تستعين بقوى خارجية وليست مصر، والأمر الأخير وهو منطقى وطبيعى أنها أنشأت سدًا على بحيرة «تركان»، وهذا السد أدى إلى خراب على نهر تركان وبحيرته داخل كينيا وتعرض مئات الآلاف من الكينيين إلى ترك مصادر الدخل والثروة وتضرروا تضررًا كبيرًا، وإثيوبيا تكرر الأمر مع دولة بها مائة مليون مواطن هى مصر فهل دولة بحجم مصر ووزنها، وتعد من الدول الكبيرة فى العالم والمحاولات التى كانت تدور عند الربيع العربى انتهت عند «30» يونية؟، فهى وقفة الشعب المصرى واستجابة الجيش المصرى، فإثيوبيا تصنع الآن تحديًا لن يكون وراءه إلا وقفة للشعب المصرى واستجابة الجيش المصرى، ثم أن هناك أمرًا أن مصر هى «الحضانة» الأساسية للأديان وقال عنها الرئيس الفرنسى الأسبق جاك شيراك فى جامعة القاهرة عام 2004: أن العالم منذ آلاف السنين رضى باختيارات مصر وأحكامها ورضى بفلاسفتها فهى لم تعرف توجها شيطانيًا ولن تعرف رؤى معادية للإنسانية، لقد صنعت مصر من خياراتها مدرسة للحياة الإنسانية المشتركة، فمصر لديها المدرسة الإسلامية الأولى فى العالم ولدينا الكنيسة الأولى فى المسيحية، فالجغرافيا والطبيعة التى أنشأها وأرادها الله هى التى جعلت نهر النيل يسير إلى مصر، فالنيل مشيئة إلهية، وأن الوقوف ضد تياره واستمراره إلى مصر ليس التزامًا لبريطانيا ولا حتى التزاما لأفريقيا وإنما هو التزام لله سبحانه وتعالى، فالمجتمع الدولى الآن يتحدث عن التغييرات البيئية المضرة التى ستنتج عن سد النهضة، فلجنة الخبراء الدولية أدانت إثيوبيا، لأنها وضعت مخططًا لسد كبير الحجم على غير أساس من العلم والهندسة، فهناك أخطاء شتى لا يمكن أن تحمل إثيوبيا الحكومة المصرية المسئولية بأنها تعطل التنمية فى إثيوبيا، لكن الفساد هو الذى يعطل التنمية فى إثيوبيا والأنانية وحكم الفرد والأقلية والأحزاب التى تحرم الشعوب الإثيوبية من حقوقها هى التى تعطل التنمية، فإثيوبيا بها من الأمطار ما يزيد فى أعوام الجفاف على 600 مليار متر مكعب فهل 55 مليارًا حصة مصر هى المشكلة.
أخيرا.. مصر تعمل مع تنزانيا على بناء محطة طاقة كهرومائية ضخمة كيف ترى شكل التعاون بين مصر والدول الأفريقية من خلال إمدادها بالتكنولوجيا اللازمة؟
- تاريخ مصر فى المشروعات المائية كبير، فقد ساهمنا فى خزان «تانا» فى إثيوبيا فى الثلاثينيات من القرن العشرين وساهمنا فى خزان «أيون» فى أوغندا، وسد «انيجا»، فنحن متواجدون، ونشارك فى دراسات الجدوى والتصميم، ونشارك فى تحمل جزء من التكلفة مقابل الايفاء بمتطلبات مصر من المشروع، فنحن لم نمتنع عن هذه الإمدادات، فقد طلبنا من إثيوبيا أن تشارك فى المشروع واتفاق «23» مارس 2015 الإطارى نص على أن المشروع يدار بشكل مشترك، وليس الاتفاق على قواعد التخزين والمدد والملء فقط، فهذه المشروعات نحن نمتلك فيها من قديم الزمن إسهامات، أما هذا السد فالروح التى أبداها الرئيس التنزانى هى روح تستحق التحية والاحترام، فالأشقاء فى تنزانيا فضلوا المشروع المصرى على المشروع التركى، فهذه الأمور تؤكد أن مصر قادرة على أن تصنع الكثير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.