إنه الإعلام المصرى الظالم المُضلِلْ فى رسالته الخائنة لمصالح الوطن والمواطن كما يراه البعض، والمظلوم المُضلَل فى رؤية للبعض الآخر، بل ومن وجهة نظر البعض الثالث بيوت كفر وضلال مبين!!! بداية، الإعلام الحكومى بكل وسائطه وأشكاله غير مُختلف على تصنيفه وليس موضوع المقال، فهو إعلام موجه تحت الطلب السلطانى باستثناء حالات قليلة لبشر تخرج عن الإطار فيُبعدون بشطب إبداعات أقلامهم أو تهديد أصحاب الرؤية المختلفة التى تقدم برامج يحلم أصحابها بنسبة من المشاهدة ومنافسة برامج القنوات الخاصة.. وفى كل الأحوال أرى أن الإعلام الحر فى جانبه الإيجابى قد استطاع تحقيق ثقافة سمعية ومرئية ساهمت فى دعم حالة الرفض العامة للفساد المالى والإدارى فى عموم البلاد، وفضح آليات القمع الديكتاتورية قبل الثورة وبعدها، فكانت متابعات حركات الرفض مثل كفاية و6 أبريل وغيرهما وعرض فحوى المدونات وصفحات التواصل الاجتماعى الثائرة.. ولعل متابعات حادث خالد سعيد وبشاعة حادث كنيسة القديسين كانت الطلقة الأخيرة النافذة لاشتعال روح الثورة الينايرية الرافضة لكل ألوان وأشكال القهر والقمع الإنسانى والداعية للعدالة الاجتماعية.. أما الجانب السلبى للأداء الإعلامى فى السنوات الأخيرة، ويدفع فرسانه الآن ثمن انتهاج مفرداته الشكلية والتطبيقية، أرى من أشكالها الفاقعة (سواء ما تم بحسن نية أو بغرض الإثارة والمتاجرة بالأحداث) وعلى سبيل المثال: استقبال المفرج عنهم من القتلة أصحاب نهج الفكر الظلامى على أبواب السجون، وجعل أحدهم ضيفاً يومياً على مائدة حوار تليفزيونية يبث عبره كل رسائل أكثر جماعات التشدد سلبية، بل وصل الأمر الذهاب إلى دول الفرنجة وقطع مئات الأميال للالتقاء بموريس صادق فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، أو مقابلة سائق الإرهابى بن لادن فى دولة عربية والهرولة إلى أشرف السعد فى لندن ويوسف ندا الرمز الإخوانى المليارديرى فى الخارج والإعلان عنها جميعاً كسبق إعلامي، فضلاً عن مطاردة كل صاحب فتوى مثيرة حتى لو تم رفضها من جانب أهل الذكر والعلم والفتوى من دار الافتاء مثل فتاوى إرضاع الكبير والديمقراطية الحرام وهدم الأهرامات وزواج القاصرات وبول الإبل للاستشفاء وعدم توصيل الكاهن ورفض السلام على المسيحى وتهنئته فى الأعياد حيث ينبغى كراهيتهم، فإذا بالإعلام يصنع منهم النجوم الجاهزة للمساء والسهرة، وعليه تلقف غيرهم الفكرة فأبدعوا قضايا مثيرة وخناقات بين أهل الفن وأهل التدين المغشوش، وبين أهل الرياضة من العجزة والفشلة وأهل الإعلام الفاسد.. ثم انتشار حرب جديدة بين أدعياء الكفاح الثورى فى الميادين وفلول زمن النكد بعد الثورة، والدخول فى مراحل تنجيم الكذبة حتى لو صدر الحكم بأنهم كاذبون كاذبون فصنعوا منهم زعامات تطيح برموز الإعلام ومقارهم فى أكبر مشاهد الرعب والترويع لم يكن لها سابقة فى أى عهد على أرض المحروسة.. وعليه، فإننا ورغم أن الفعلة المُضللون هم نفر قليل من فرسان الإعلام فقد كان الحصاد المر وفيراً للأسف على أرض الواقع، ويبقى السؤال: لماذا تتباكون وأنتم مشاركون فى تهيئة مناخ وظروف مواتية لصناعة رموز النكد للانفراد بتلابيب مصالح أهل البناء والإصلاح والفكر المستنير؟! ولكن ورغم كل ما سردت فقنوات الإعلام الخاص باستثناء بعض القنوات الدينية الإسلامية والمسيحية الشاردة كانت عظيمة وقدمت وتقدم كل يوم هى ومنابرنا الصحفية الخاصة ضريبة الكلمة الحرة، كان آخرها تقديم شهيد الكلمة الحرة الحسينى أبو ضيف على مذابح العمل الثورى النبيل، وعليه لا يمكن قبول ما جاء بمقال رئيس قسم الصحافة بكلية الإعلام الأستاذ الدكتور سليمان صالح بمجلة المصور المعنون « كيف ندافع عن حرية الإعلام؟». والحقيقة، أن ما كتبه لا يحتاج إلى تعليق منى كمواطن مصرى وإنما فقط توجيه أسئلة للاستفهام، ولذلك أعرض على القارئ بعض ما قرر الأستاذ الأكاديمى المتخصص وأترك له الأمر.. يقول البروفيسور «أما حال المؤسسات الصحفية الخاصة التى أطلقت على نفسها لقب المستقلة فلقد نشأت طبقاً للشروط التى حددتها السلطة، ومن أهمها شن حملات لتشويه صورة التيار الإسلامى وهو الخصم القوى الذى يدرك نظام مبارك خطورته».. وأسأله هل لم تكن معنا يا بروفيسور عندما تحالف النظام مع الإخوان ومنحهم 88 عضوية فى البرلمان، وألم تتابع أن تلك القنوات الخاصة هى التى قدمت لأول مرة على شاشاتها نجوم تيارات الإسلام السياسى وتعريف الناس بهم، بل وعندما وجدوا فيهم وجبة إعلامية مثيرة لشهية المشاهد تنافسوا فى تقديمهم، وفى مرحلة تالية إقامة حوارات بينهم وبين رجال الفعل السياسى الحقيقي.. ألا ترى أن نجوم الأحزاب الدينية كان ميلاد ظهورهم على تلك القنوات.. ثم ألا ترى أن جميع برامج التوك شو باستثناء برنامج « هناء سمري» كانت تقدم نجوم المعارضة بمن فيهم رموز حركة كفاية وجماعة التغيير وشايفنكو و6 أبريل وكلنا خالد سعيد وغيرهم.. كنت فين بروفيسورنا العزيز وأنت تضيف هنا أن الصحف الخاصة التى تدعى الاستقلال كانت تبرر اضطهاد نظام مبارك للتيار الإسلامي، وهى التى استمرأت للأسف وعكس ما تقول والذى كان ينبغى أن تلومها عليه تقديم وجوه التشدد حتى تعاطف معها الناس إلى حد نجاحها فى استقطاب أهل التدين الشكلى بعد الثورة، فهم لم ينجحوا فجأة بل كانت فرشة الإعلام الخاص هى التى مهدت وأعدت السبل لنجاحهم؟! يقول البروفيسور «كما تشكل تغطية هذه القنوات لبعض الأحداث مثل الاعتداء على قصر الاتحادية دليلاً واضحاً على أنها متحيزة وغير عادلة وتمجد الذين يرتكبون أعمال العنف وتحولهم إلى أبطال فى الوقت الذى تدين فيه التيار الإسلامى عندما حاول أن يدافع عن قصر الاتحادية بشكل سلمى».. مش مصدق أن يقول رئيس قسم الصحافة بجامعة القاهرة هذا الكلام.. أى اقتحام فعله المتظاهرون واليوم الأول كانت التظاهرة رائعة دون إراقة نقطة دم والعلاقة رائعة بين الشباب والشرطة والجيش فى أعلى درجات الوئام، ثم كانت غزوة «الجبنة النستو» فى اليوم الثانى من قبل أشاوس التشدد، فكان سفك دماء أنبل شباب مصر وسحلهم ومحاكمة الأحياء منهم فى الشارع بمعرفة نيابة خاصة غير شرعية لنزع اعترافات تحت وابل من التعذيب؟!!.. للحديث بقية حول أطروحات البروفيسور، ولكننى أسأل الله ألا يكون كل أساتذة الإعلام لهم نفس تلك القناعات الخطيرة، وأدعو الله العلى القدير ألا يشارك بروفيسورنا فى وضع ميثاق الشرف الصحفي.. زمن أكاديميين صحيح!