«النمروش» رئيسًا لأركان الجيش الليبي بعد وفاة «الحداد»    الحقنة القاتلة، "فايزر" تعلن وفاة مريض بعد تجربة دواء حصل على موافقة أمريكية    الصحة: نجاح عملية استبدال صمام قلب لمسن فوق 90 عاما بمبرة مصر القديمة    إغلاق الأسهم الأمريكية عند مستوى قياسي جديد    محافظ الغربية يستجيب لشكوى سيدة مسنة ويوفر لها كرسى متحرك ومساعدات إنسانية    لماذا يُواصل صندوق النقد الدولي إقراض نظام السيسي رغم الخراب الاقتصادي في مصر؟    ب"احتفالية ومعرض".. تعليم الأقصر تحيي فعاليات اليوم العالمي لذوي الهمم| صور    مصرع رئيس الأركان الليبى التابع للمجلس الرئاسى ووفد عسكرى بحادث تحطم طائرة.. حكومة الوحدة تعلن الحداد لمدة 3 أيام وترسل وفدا لمتابعة سير التحقيقات فى العاصمة أنقرة.. وحفتر يعزى منتسبى الجيش فى وفاة الحداد    فنزويلا: مشروع قانون يجرم مصادرة ناقلات النفط    ارتفاع حصيلة ضحايا عدوان الاحتلال على غزة إلى 70،942 شهيدًا و171،195 مصابًا    ابتزاز داخل مجلس الأمن، واشنطن تتوعد مادورو بعقوبات قصوى لحرمانه من النفط الفنزويلي    ويتكر: المفاوضات حول أوكرانيا تبحث أربع وثائق ختامية رئيسية    مطران الكنيسة اللوثرية يوجّه رسالة الميلاد 2025 من بيت لحم: نور المسيح لا يُطفأ رغم الحرب    أمم إفريقيا – إلياس السخيري: الهدف المئوي إنجاز رمزي لي    حسين الشحات يتحدث بعد ارتداء شارة قيادة الأهلي لأول مرة    أمم إفريقيا - بونجاح: درسنا السودان جيدا.. وعلينا المبادرة بالهجوم    لاعب زيمبابوي السابق: أحرجنا منتخب مصر ومرموش كان كابوسًا    مفاجأة في مفاوضات تجديد عقد حسين الشحات مع الأهلي    بالصور.. الشباب والرياضة توضح أسباب اجتماع وزير الرياضة مع مجلس إدارة الأهلي برئاسة محمود الخطيب    بمساحة 177 فدانًا.. الزمالك يحصل على أرض بديلة قرب القرية الذكية    وزير التعليم: البكالوريا شبيهة بالنظم العالمية.. وستقلل من الدروس الخصوصية    أخبار × 24 ساعة.. بعثة صندوق النقد: الاقتصاد المصرى حقق مؤشرات نمو قوية    بعد واقعة ريهام عبد الغفور، المهن التمثيلية: ملاحقة قانونية صارمة ضد الصفحات المسيئة للفنانين    رئيس شعبة المصورين: ما حدث في جنازة سمية الألفي إساءة إنسانية    البياضية والزينية تتألقان باحتفالين جماهيريين في عيد الأقصر القومي (صور)    د. القس رفعت فتحي يكتب: المسيحية الصهيونية.. موقف الكنيسة المشيخية    استمرار ارتفاع أسعار النفط مع تصاعد التوترات الجيوسياسية    بشرى ل 7 محافظات، الصحة تحدد موعد التشغيل التجريبي للمرحلة الثانية من التأمين الصحي الشامل    دفنوه في أحضان أمه، أهالي معصرة صاوي بالفيوم يشيعون جثمان الضحية الثامنة لحادث الطريق الإقليمي    انهيار سقف مطبخ وحمام على طابقين بالزاوية الحمراء وإخلاء العقار من السكان (صور)    أخبار مصر اليوم: 6 مليارات جنيه استثمارات "التجارة الداخلية" لإنشاء مناطق لوجيستية، المصريون بالخارج يبدأون التصويت في ال19 دائرة انتخابية ملغاة بانتخابات النواب    السلطات الأمريكية: مقتل عنصر من شرطة ولاية ديلاوير في إطلاق نار    فصل التيار الكهربائي عن بعض قرى دكرنس في الدقهلية الجمعة.. اعرف الأماكن    أبرز تصريحات وزير التعليم عن اهتمام القيادة السياسية بالملف التعليمي    كورال "شباب مصري" يحيي حفل غنائي بقصر الأمير بشتاك، الجمعة    خالد مرتجي: نبحث تطوير كرة القدم داخل الملعب وخارجه    تفاصيل فوز مصر بمعقد في الجمعية العامة للمنظمة البحرية الدولية.. فيديو    وزارة العمل: قانون العمل الجديد يضمن حقوق العمال حتى بعد الإغلاق أو التصفية    بفستان أحمر قصير.. إيمان العاصي تثير الجدل في أحدث ظهور    "الوطنية للانتخابات": بدء تصويت المصريين بالخارج بجولة الإعادة في 19 دائرة انتخابية    أحمد رفعت: «الوسط الفني مجاملات وكله محسوبية»    هل يجوز قضاء الصلوات الفائتة بأكثر من يوم باليوم الواحد؟.. أمين الفتوى يجيب    الأرصاد الجوية ترصد تفاصيل الظواهر الجوية المتوقعة غدا الأربعاء .. اعرف التفاصيل    هل أكل لحم الإبل ينقض الوضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    حسام عبدالغفار: التأمين الصحي الشامل يحظى باهتمام كبير من الدولة    أبو الغيط يدعو إلى التفاعل الإيجابي مع مبادرة السلام السودانية المقدمة لمجلس الأمن    نحو منظومة صحية آمنة.. "اعتماد الرقابة الصحية" تُقر معايير وطنية لبنوك الدم    تعرض محمد منير لوعكة صحية ونقله للمستشفى.. اعرف التفاصيل    ما هو مقام المراقبة؟.. خالد الجندي يشرح طريق السالكين إلى الله    رئيس "سلامة الغذاء" يستقبل نقيب الزراعيين لتعزيز التعاون المشترك    تفاصيل البروتوكول الموقع بين القومي لحقوق الإنسان والنيابة الإدارية    مليار مشاهدة.. برنامج دولة التلاوة فى كاريكاتير اليوم السابع    البحوث الفلكية تكشف موعد ميلاد شهر شعبان وأول أيامه فلكيا    وكيل وزارة الشباب والرياضة بالفيوم يستقبل لجنة «المنشآت الشبابية والرياضية» لمتابعة أعمال مراكز الشباب بالمحافظة    «اليونسكو» تكرم محافظ المنوفية تقديراً لجهوده في دعم التعليم | صور    وزير التعليم في جولة مفاجئة بمدارس إدارتي ببا وسمسطا بمحافظة بني سويف    البابا تواضروس الثاني يستقبل الأنبا باخوميوس بدير القديس الأنبا بيشوي بوادي النطرون    مواقيت الصلاه اليوم الثلاثاء 23ديسمبر 2025 فى المنيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مفتي الجمهورية: تجديد الخطاب الديني مسؤولية الجميع
نشر في الوفد يوم 13 - 11 - 2020

قال الأستاذ الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية ورئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم: إن عبارة "الشعب المصري متدين بطبعة" هي عبارة كاشفة للبيئة والواقع الذي نعيش فيه، والإنسان المصري ذو طبيعة خاصة ولا شك أن البيئة المحيطة تؤثر فيه.
وأضاف مفتي الجمهورية خلال لقائه في برنامج "نظرة" مع الإعلامي حمدي رزق، أن البيئة هي جملة من التقاليد الممزوجة والمتفقه مع مقررات الدين الإسلامي؛ ولذلك ترى مفردات كثيرة في حياتنا تنبئ عن أن الإنسان المصري هو إنسان يحمل طبيعة خاصة يعلو فيها جانب التدين، مشيرًا إلى أن أفضل من عبر عن تلك القضية هو الدكتور جمال حمدان في مؤلفات كثيرة لعل أبرزها الكتاب الذي تعرض فيه للشخصية المصرية حتى إنه تعرض للديانة المسيحية عندما جاءت الى مصر فقال إن هذه الديانة كأنها -من وجهة نظره- تقولبت وَفق الشخصية المصرية وأصبحنا نرى الإنسان المسيحي المصري يختلف في مفردات كثيرة جدًّا عن الإنسان المسيحي في بلاد أخرى.
وتابع المفتي أن الإسلام عندما جاء إلى مصر صبغت معه الشخصية المصرية بمزيج من الهدوء والطيبة مع ما يدعو إليه الإسلام في مفردات كثيرة، وأهما أن الأخلاق تهيمن عليه كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق"، فنجد الإنسان المصري مضيافًا مراعيًا للجوار غيورًا محافظًا، وعنصر الشهامة بارز للغاية في تصرفاته اليومية المتكررة التي تميز بها شخص الإنسان المصري في مراحله التاريخية كلها.
وحول مدى استحقاق الإنسان المصري فكرًا دينيًّا جديدًا متطورًا، أكد المفتي أن الشخصية المصرية الطيبة تنبئ عن اتباع حقيقي لهدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كان هينًا لينًا ولم يكن فظًّا غليظ القلب، مؤكدًا أن هذا الإنسان طيب يحمل في قلبه الحب للناس جميعًا، تطبيقًا لقول الرسول: "لينوا في أيدى إخوانكم".
وأكد أن مادة الإنسان الطيبة تتغذى وتنمو عندما تجد خطابًا دينيًّا رشيدًا، وإذا أخذها الخطاب إلى منطقة أخرى تقع كارثة وخللًا منهجيًّا في هذه الحالة، مشددًا على أننا في حاجه إلى تجديد مستمر؛ ولذلك يقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم: "جددوا إيمانكم" كما يقول: "إن الله يبعث لهذه الأمة على رأس كل مائة سنة من يجدد لها أمر دينها"، فقضية التجديد في هذه الحالة هي قضية حياتية وضرورية لا ننفك عنها، فهي قضية الإنسان المسلم الحقيقي.
وبشأن الزعم بأن المطروح الآن ليس تجديدًا دينيًّا للخطاب الديني لكنه هدم للدين، قال مفتي الجمهورية: إنه عندما نكون في الاتجاه الصحيح فنحن أمام تجديد للخطاب الديني، أما إذا حِدنا عن المنهجية العلمية الرصينة التي وضعها الأسلاف واستقيناها من علمائنا الكبار المعتبرين نكون أمام خطاب آخر مدمر.
وأوضح المفتي أننا نريد فهمًا رشيدًا لهذا الدين؛ لأن هناك فرقًا بين فهم النصوص القرآنية وسنة رسول الله، وبين المفاهيم المختلفة على مر التاريخ للنص الشريف، مشددًا أن لدينا نصًّا مقدسًا يتمثل في القرآن الكريم ويتمثل في سنة الرسول الثابتة عنه ثبوتًا صحيحًا، هذا كله لا نقترب منه من ناحية الإضافة أو الحذف أو الإجمال، لكننا وفق إطار علمي محدد نفهم ونتعامل مع هذا النص الشريف وننزله إلى أرض الواقع بمنهجية لا عشوائية نستعمل فيها الخطاب الوضعي بهدف إدراك الواقع، وهو ركن ركين من عمل الفتوى، إذا أدركناه فإننا نأتي إلى منطقة النص الشرعي وننزلها بناءً على فهمنا للخطاب الوضعي من توافر الشرط والأسباب وانتفاء الموانع، وإننا إذا تعاملنا مع القضية هكذا نكون قد جددنا.
وأشار مفتي الجمهورية خلال لقائه، إلى ملاحظة مهمة بشأن التعامل مع التراث، أوجزها في طريقة التعامل مع تراث من المفاهيم المختلفة على مر العصور، مؤكدًا أن هذا الفهم الذي تعامل من خلاله العقل المسلم وإنزاله إلى أرض الواقع على مر العصور لا يحمل تقديسًا ويمكن إعادة النظر فيه مرة بعد أخرى ويمكن المناقشة من خلاله.
وفى رده على سؤال بشأن محاولة البعض تقديس التراث ورفض مراجعته، أكد المفتي أن من يقول هذا الكلام لا يدرك حقيقة التراث ومعاملة العلماء له على مر العصور، فهناك نقاشات وثورة علمية في كل ما ورد في التراث، وأوضح فضيلته أن عبد الرحمن بن القاسم اختلف مع الإمام مالك في مسائل كثيرة جدًّا، مؤكدًا أن التراث الذي
بين أيدينا وُضع تحت مظلة التهذيب والاختصار والشرح والتعليق، وأننا أمام حركة علمية كبيرة جدًّا على مر التاريخ تعاملت مع هذا الفهم والنص الشرعي، وما أنتجه العقل المسلم على مدى التاريخ في علوم الفقه والعقيدة.
وأشار مفتي الجمهورية، إلى أننا في دائرة فهمنا للأحكام المتعلقة بالعقيدة يوجد نقاش وأخذ ورد بين العلماء المعتبرين ما دامت دائرة الاختصاص ما زالت موجودة، ومن ثم لا حرج على النقاش العلمي المستمر، مشددًا على ضرورة التعامل مع التراث الذي ورثناه بذكاء؛ لأننا نفخر بنتاج العقل المسلم في كل المراحل التاريخية، لكن هناك من القضايا والمسائل ما يمكن أن لا تقرها في ظرفك الحالي والعصر الذي نعيش فيه، فينبغي أن يبقى هذا النتاج حبيس هذا التاريخ، وينبغي أن لا ينسحب على زمننا لأنه كان نتاجًا لظروف زمنية محددة بسياقات تاريخية معينة، وأسباب كانت موجوده في هذا الزمان بني عليها هذا الحكم وأسبابه وشروطه لم تعد موجودة الآن.
وأردف فضيلة المفتي أنه علينا أن نفهم من خلال هذا النتاج العلمي والاستنباط كيف استنبط الأئمة والعلماء وما هي المنهجية التي اتبعوها وكيف تعاملوا مع الواقع؟ ومن ثم تقودنا هذه الكيفيات إلى الأداة وإلى حل صحيح في زمننا الحاضر ومعالجة مشكلات المجتمع معالجة دقيقة وحكيمة.
وفي سياق ذي شأن قال مفتي الجمهورية: إن تجديد الخطاب مسؤولية الجميع، والمؤسسات الدينية لا تحتكره ولا تتفرد بأمر التجديد، فالتعليم يتحمل جانبًا والإعلام يتحمل جانبًا... وهكذا؛ لأننا نريد تعليمًا يؤدي إلى عقل رشيد يتعامل مع قضايا المجتمع تعاملًا حكيمًا كلٌّ في اختصاصه.
وعن الدعوة الرئاسية لتجديد الخطاب الديني، أشار فضيلة المفتي إلى أن المؤسسات الدينية لبت دعوة رئيس الجمهورية، ولم تحتكر فهم الواقع وتقصره عليها فقط، بل توسعت في الاستعانة بالعديد من الاختصاصات الطبية والاقتصادية وغيرها للحفاظ على الثوابت، وهو ما تفعله دار الإفتاء المصرية عند إصدار الفتاوى، مشيرًا إلى أننا فهمنا دعوة رئيس الجمهورية لتجديد الخطاب منذ 2014 أنها دعوة نحو معالجة قضايانا المعاصرة في ضوء فهم سديد للنصوص الشرعية، وهذا يعني بأنني أحافظ على الثوابت الدينية التي لا يمكن بحال من الأحوال أن نتجاوزها أو نعدل في مسارها، فطريقة عرضها هي الأهم.
وفي إجابته عن سؤال حول "إمكانية إهمال النص" قال: إننا نتعامل مع النصوص بضوابط كثيره في الفهم، ولا بد من توافر شروط لننزل بالنصوص على أرض الواقع، مثل توافر الشروط والأسباب وانتفاء الموانع، ويمكن أن يظهر في بعض الحالات عدم تطبيق النص، لكن الواقع أنه طبِّق تطبيقًا صحيحًا؛ ولذلك لما حل عام المجاعة في زمن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، كانت الناس في حاجة شديدة، وكانت هناك بلا شك أياد امتدت إلى ملك الآخرين، وانتشرت السرقة، لكنهم كانوا في حاجة وعوز، وفي هذا الحالة لا يصح تطبيق عقوبة السرقة؛ لأنه إن وجدت الضرورة مثل ما حدث في عهد عمر بن الخطاب من مجاعات وبحثنا عن توافر الشرط والأسباب وانتفاء الموانع، نجدها غير متوفرة، بينما يظن بعض الناس أن الفقيه أهمل النص".
وفي شأن آخر حول رؤية بعض التنويريين أن تكليف الرئيس سقط في منطقة لا يمكن فيها التجديد، وأن الأزهر المنوط به التجديد هو نفسه الذي يقوم بتدريس المناهج المراد تجديدها، أكد مفتي الجمهورية أن هناك قضية تعليمية، وهناك قضية إفتائية ونحن نعلم أبنائنا كيف يتعاملون مع المكتوب وأنه ينبغي عليهم هذا الفهم عند التعامل مع التراث في زمنه، وأن الفتوى تختلف باختلاف الزمان والمكان والشخص، ونحن في زمن مختلف عن هذا الزمن، فلا ينبغي الاستدلال ولا استدعاء الفتاوى التي صدرت في هذا الزمن إلى زمننا هذا؛ لكونه يمثل خللًا وجرمًا أن نأتي بفتوى صادرة لزمن معين وفي سياق معين،
واختلفت كل مقوماتها الآن لننزلها على وقتنا الحاضر ونقول: قالوا في الكتب كذا!
وتابع: لا شك أن هناك خللًا لا يتفق مع فهمنا للغة العربية ولا مسلك سيدنا رسول الله ولا الزمن الذي صدر فيه، ورسول الله لم يثبت أنه قتل أحدًا بسيفه الشريف، وهذا الخلل هو أن نخرج الفهم من سياقه الزمنى الذي حدث فيه، ومن المقومات التي دعت للكلام في هذا الوقت وتقول هذا هو الإسلام! لا، بل أنت لم تفهم الإسلام فهمًا سديدًا.
وأوضح فضيلة المفتي أن قضية التجديد تعني أننا نحافظ على الثوابت ونجعل النصوص القرآنية والنبوية نصًّا مقدسًا محميًّا مصونًا، ولا نقر بتقديس المفهوم أو التراث الذي هو نتاج العقل البشري، مشيرًا إلى أن هناك بالفعل دراسات أُجريت على كل نص حديث، وعندما أقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونضع قوسًا فهذا نص.
وفى إطار متعلق قال مفتي الجمهورية: إن العمل العلمي الذي قام به الإمام البخاري ومسلم وأحمد وابن مالك والنسائي وابن ماجه، كل هؤلاء الذين جمعوا سنة رسول الله كانت لديهم معايير علمية غربلت ما قيل بأن "رسول الله قال"، حيث إنك عندما تقرأ مناهج هؤلاء العلماء في قبولهم للرواية تجد أنهم درسوها سندًا ومتنًا؛ ولذلك لا بد أن نطمئن الى منهجية البخاري ومسلم، فلو أن إنسانًا تجرد دون هوًى ودرس المعايير التي انتهجها البخاري ومسلم وغيرهما في نقل حديث رسول الله لانتهى إلى أنه لا توجد معايير دقيقة أبدًا خلاف ما ذكره الإمامان، بل إنه سيكون في عجز تام عن الإتيان بمعايير مثلها.
وتابع: عندما نطمئن إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، وننتهي إلى أنه قال بالفعل بحديث صحيح لا طعن فيه لأحد؛ فإننا في هذه الحالة نقف أمامه مقدسين لهذا النص الشريف، ومعولين عليه، ونعتبره مكملًا للنصوص؛ لكون السنة المطهرة نزلت من السماء بوحي، مشيًرا إلى أنه عندما اطمأن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أن السنة لن تختلط بالقرآن الكريم أمر بكتابة السنة، وعندما جاءه رجل من اليمن اسمه أبو شاه قال: "اكتبوا لأبي شاه"، وهناك صحف عديده كتبت في عهده؛ لذلك يطمئن لهذه الذاكرة القوية التي حفظت سنة رسول الله.
وأضاف أننا في إطار تعاملنا مع سنة رسول الله كنا أمام حركة علمية لغربلة ما ورد وما قيل إن رسول الله قاله، بحيث مُيز فيه بين الصحيح والضعيف والموضوع، وهناك سيل من الأحاديث المكذوب فيها على رسول الله، ويحسب للأئمة تنبيهنا إلى أن هذه الأحاديث موضوعة من خلال منهجيتهم التي اتبعوها.
وحول مراجعة بعض الأحاديث، قال: ما دام النقل كان صحيحًا فلا تعارض أبدًا بين الحديث الشريف والقرآن الكريم وبين العقل وما يقتضيه، وقد كتب العلماء كثيرًا في هذا الأمر وأثبتوا عدم وجود تعارض بين القرآن والسنة وحاجة العقل البشري، ولو أننا تعمقنا في القرآن والسنة ما وجدناهما إلا توءمين.
وبشأن الزعم بفشل دعوات تجديد الخطاب الديني، أكد أنه منذ أن دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي وذكر هذه المسألة وبدا مهمومًا بها ونحن نواصل العمل على إنتاج خطاب ديني رشيد، وكان أول إجراء اتخذناه بعد عام 2014 جمع المفتين على مستوى العالم على كلمة سواء حتى يجري بيننا نقاش علمي يصب في هذا الإطار، وعقدنا أول مؤتمر عام 2015 لإدراك هذا الشأن واقترحنا فيه تأسيس مظلة تستوعب كل المفتين على مستوى العالم، فأوصى المؤتمر بإنشاء أمانة عامة تضم دُور وهيئات الإفتاء على مستوى العالم، وبالفعل فعَّلنا هذه التوصية وأنشأنا الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم بحضور 23 مفتيًا ووزيرَ أوقاف على مستوى العالم، وبعد ذلك أعدنا النظر في الخطاب الإفتائي الإخواني الذي يعمل على زعزعة المجتمعات في ليبيا وسوريا وغيرهما، وعقدنا مؤتمرين؛ الأول: حول التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي، والثاني: حول الفتوى وأثرها في استقرار المجتمعات؛ للرد على تلك الفتاوى المضللة للجماعات الإرهابية.
وفي رده على أسئلة الجمهور أجاب علام، خلال الحلقة عن عدد من الأسئلة، من بينها سؤال عن "حكم جواز زواج رجل بأخت زوجته بعد وفاتها"، حيث أجاب فضيلة المفتي: بأن هذا الأمر لا حرج فيه، وقد حدث مع سيدنا عثمان بن عفان عندما تزوج بابنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ثم لما توفيت تزوج أختها؛ لذلك سمي بذي النورين، ولما توفيت الثانية قال له رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لو كانت عندنا الثالثة لزوجناك".
كما رد على سؤال آخر عن نذر سيدة للصوم يومي الإثنين والخميس مدى حياتها، إلا أنها قد أصابها المرض وتسأل عن جواز إعفائها من الصيام أو إخراج كفارة"، مؤكدًا أن من شيم الإنسان المسلم وفائه بالنذر وإن حدث عجز عن الوفاء بالنذر تأتي قواعد الشريعة التي تقول لا يكلف الله نفسًا إلا وسعها، وفي هذه الحالة تخرج كفارة يمين بإطعام عشرة مساكين من أوسط ما تطعمون أهليكم، فإن لم تستطع فصيام 3 أيام.
وفى ختام الحلقة رد على سؤال آخر حول "إفطار شخص 20 يومًا في رمضان بسبب المرض وعدم استطاعته قضائها، فما هي الكفارة؟" حيث أجاب فضيلة المفتي بأنه في هذه الحالة يتم النظر إلى بعض الأمور واستبيان هل العجز عن الصوم هو عجز مستمر بشهادة الأطباء أم لا؟ وإن كان كذلك يقوم بإخراج طعام مسكين عن كل يوم، ويجوز إخراج الكفارة لأي مسكين مهما كانت درجة قرابته.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.