بداية أورد فيما يلي عدداً من المبادئ الأساسية التي لابد من الالتزام بها في «إدارة شئون الدولة»: في نهاية الأمر لا يصح إلا الصحيح ولا يسود إلا الحق.. ومؤدي هذا الاعتراف بالخطأ والرجوع عنه، ولابد هنا أن اعتذر عن أية تقييمات.. أو آراء شخصية وردت في مقالات سابقة.. وثبت بعدها أنني مخطئ سواء بالنسبة لأحداث أو لأفراد، وفي الوقت ذاته أتمسك بما كتبت من صحيح القول والتقييم. مطلقات ثلاث من المؤكد أنها تضمن النجاح: الصدق المطلق.. حتي ولو كان مغلفاً بأسلوب دبلوماسي أي أن «الكذب» ممنوع منعاً قاطعاً سواء بالنسبة للنوايا أو بالنسبة للأفعال. الأمانة المطلقة، أمانة اليد، وأمانة الفعل، وأمانة النفس، لا عذر ولا اعتذار، ولا عذر بحجة أن «الضرورات تبيح المحظورات» ليس في باب الأمانة! المواطنة المصرية المطلقة! قلباً.. وروحاً.. وعملاً!.. لا انتماء إلا لمصر.. ولا عمل إلا لمصلحة مصر.. ولا ارتباطات تضر بمصلحة مصر!.. ينطبق هذا علي كل المجالات.. السياسة.. الاقتصاد.. التعامل مع العالم الخارجي.. العلم.. الفن والإبداع! مخالفة هذا المطلق يدخل في باب «الخيانة العظمي» وعقوبتها «الإعدام».. أو «الإعدام»! بما في ذلك «الإعدام المعنوي» بالنفي.. أو الحرمان من الحقوق! ثاني الشطحات.. الأهداف الثلاثة لثورة 25 يوليو في أيامها الأولي القليلة وقبل التسللات وقبل الاستحواذ وقبل التحول بها من سباق من أجل الوطن.. إلي سباق من أجل الانفراد بالحكم والتحول بالدولة إلي أيديولوجية وحيدة.. والآن ننظر إلي تلك الأهداف وما تحقق منها – آسف - وما لم يتحقق منها.. وآسف جداً: «العيش» ولا يعني هذا رغيف العيش – كما يريد البعض أن يصور الهدف لنا بل إن «المبدأ» يعني العمل وزيادة الإنتاج تمهيداً لتزايد الأجور والمكاسب بما يحقق للمصري حصولاً علي متطلبات الحياة اليومية من مأكل ومشرب ومسكن وتعليم وصحة ومواصلات.. أساسيات «العيش» أي «الحياة» الناتج حتي الآن: لا تفكير في العمل وزيادة الإنتاج بل زيادة في البطالة وزيادة في معدلات التضخم وبالتالي تصاعد في «صعوبة العيش». «الحرية» ويكفينا هنا الحريات الأساسية التي جاءت في وثيقة الأزهر الشريف: حرية العقيدة، حرية البحث العلمي، حرية الرأي والتعبير، حرية الإبداع الأدبي والفني.. وقد تضمنت الوثيقة شرحاً وافياً لمعني ومغزي كل من هذه الحريات.. بما يضمن إقامة الدولة المدنية.. الدولة الحديثة المتطورة.. الدولة الديمقراطية حيث المشاركة الجماعية التوافقية.. حيث يطبق المبدأ الأساسي للحكم والممثل في الفصل بين السلطات وتداول السلطة.. الناتج حتي الآن: لن أتحدث عنه وإنما أترك الحديث للمواطن المصري.. العجوز والشاب والصبي.. البنين والبنات.. الرجل والمرأة.. لا تتحدثوا بصوت عال حتي لا نزداد إحباطاً واكتئاباً. «العدالة الاجتماعية».. المطلب الثالث للثورة وهو ما يتحقق من خلال النجاح في تحقيق الهدفين الأول والثاني.. وتحقيق هذه العدالة الاجتماعية يتطلب نمواً اقتصادياً مطرداً من خلال زيادة الإنتاج ثم توزيعاً عادلاً لعائد هذا الإنتاج بحيث يستفيد منه غالبية الشعب، وببساطة شديدة فإن ذلك يعني تقليص الفقر وتوسيع دائرة ما نسميه «الطبقة المتوسطة» القادرة علي التمتع بحياة كريمة، وينعكس هذا كله علي انخفاض معدلات التضخم والبطالة وعجز الموازنة بالتوازي مع ارتفاع معدل الأجور وزيادة موارد الدخل من النقد الأجنبي «وعلي رأسها السياحة» مع توفير متزايد للمسكن والمواصلات والتعليم والصحة للجميع.. وكلها أمور توفر فرصاً أفضل للشباب والأجيال القادمة، ومرة ثانية أتساءل عن الناتج حتي الآن.. ثم أترك الإجابة لكم مع الاعتذار لمصر – حبي الكبير – إذا كانت الإجابة «لا تسر عدواً.. ولا حبيباً». ثالث الشطحات ما يتصل بالإعلان الدستوري الذي صدر في 22/12/2012 وتوابعه المفزعة!! وفي هذا الصدد أود أن أوجه حديثي إلي الرئيس محمد مرسي.. وإلي جماعة الإخوان ومن يساندهم.. ثم إلي الشباب المصري: 1- أقول للرئيس محمد مرسي: أقوي الأحكام هو حكم «التاريخ» وعليك أن تختار إما يدرج اسمك ضمن قائمة تضم روبسبيير، الحاكم بأمر الله، أو نيرون.. أو يدون اسمك في قائمة مضيئة تضم الإمام محمد عبده، سعد زغلول، مارتن لوثر، أبراهام لنكولن. أنت تنتمي إلي مصر ومصر وحدها.. ومصر فوق الجميع، إما أن تكون رئيساً لكل المصريين فتحكم بالعدل ولحساب مصر وإما أن تكون مجرد أداة في يد جماعة لديها أولويات ليس من بينها مصر ومصلحتها.. أصدقك القول.. إذا أخطأت قالوا إنك!! وإذا أجدت قالوا إن ذلك من صنع الجماعة!! لقد تم انتخابك بنسبة 51% من ناخبين لم يتعدوا 40% من جملة الناخبين، أي أن الذي أتي بك رئيساً هو شعب مصر، وليس مجرد أتباع الجماعة، لن يستطيعوا أن يمسوك.. فإن شعب مصر هو الذي سيحرسك وليس الميليشيات . لقد أديت يمين الولاء لهذا الوطن.. وهو يمين يجب «بيعة الإخوان».. يمين يجب الجماعة، والمرشد، والقيادات التي تتمخطر هنا وهناك فتسىء إلي أنفسهم وإليك، إن «القسم» الذي حلفته يلزمك أمام الله وأمام الشعب.. ألا تخدم أحدا سوي شعب مصر «كله» ومصر «حصريا» وليكن شعارك: «مصر فوق الجميع» خذ من «مانديلا» مثلاً وقدوة! 2- وأقول للجماعة ومن يساندونهم: مصر دولة «مدنية» تحترم كل الديانات السماوية، دولة تقضي علي الطغاة.. وتبقي مصر فوق الجميع!! يا سادة «الدين للديان.. والوطن للجميع». لا تحاولوا العودة بمصر إلي عهد الجاهلية والجواري والعبيد، إن العالم الحديث يدين بالكثير لمصر.. فلا تجعلوا منها «دولة تخلف» عيشوا العصر، لا تكرروا مثل أفغانستان أو الصومال، لماذا لا تنظرون إلي تجارب «دول إسلامية» ناجحة: تركيا، إندونيسيا، ماليزيا، لن.. ولن.. ولن تتحول مصر إلي «غزة» جديدة أو إلي «إمارة» ضمن دولة تحلمون بها ولن تتحقق. لا تبالغوا في شجب أعمال العنف ولا تتباكوا علي الشهداء.. فأنتم الذين ابتدعوا العنف.. وأنتم الذين أهدرتم دماء الشهداء، إن الشعب المصري «قد» يصفح ولكنه «لن» ينسي شهداؤنا الأبرار.. مسئولية مصر، «لا صيد في الماء العكر» دماء الأبناء أغلي من الجميع. إذا كان تعميم «الفقر» سلاحكم للحصول علي تأييد «الفقراء» خاصة في الريف.. فأنتم لا تعلمون الكثير عن صفات الشعب المصري عندما ينتفض، وأقول لكم – وقبل فوات الأوان – عدلوا منهجكم.. وغيروا أساليبكم.. توبوا إلي الله.. فإنه تعالي يجب التوابين. 3- وأقول للشباب المصري الطاهر: بصرف النظر عن أية انتماءات.. فليكن انتماؤكم الكامل والقاطع هو لمصر .. مصر التي تربينا في خيراتها ولا تتنكروا لهذا البلد العظيم كما يريد لبعضكم بعض المدعين. أنتم جميعاً مصريون أي أبناء «مصر» فأحبوا بعضكم وتكاتفوا لتحقيق مصالح مصر بعيداً عن الهوي والأهواء، لا تسمحوا لأحد أن يفرقكم أو أن يحولكم إلي «أعداء».. تعلموا أن «تتكلوا» ولا «تتواكلوا» فالمستقبل يتوقف علي سواعدكم وقلوبكم وعقولكم! اعلموا أن الله تعالي ميزنا بنعمة «العقل»، اعملوا عقولكم وفكروا لأنفسكم لا مكان «لاملاءات» ولا مكان «لسمع وطاعة» ولا مكان «لميليشيات» فكروا.. وفكروا.. إن أعمال العقل لابد أن يصل بالإنسان إلي نور الحقيقة ونور الحق! وللحديث بقية مع تطور الأحداث ولكن لنهتف جميعاً مصر فوق الجميع وتحيا مصر.. تحيا مصر.. ولسوف تحيا.